عروبة الإخباري – كتب محرر الشؤون البرلمانية –
في زمن تهاوت فيه معايير الشرف الصحفي، وارتفع فيه صوت المرتزقة على حساب الحق والحقيقة، خرج علينا موقع مأجور، مهزوز السمعة، تُديره أيادٍ مرتجفة من لندن، بمحاولة خبيثة لا تمتّ للإعلام المهني بصلة. محاولة لا تُظهر سوى انحدار أخلاقي مريع، وهوس مَرَضي بتشويه الأردن، وطن لم يتأخر يومًا عن ميدان الواجب، ولم يتاجر أبدًا بألم غزة أو جراحها.
هذا الموقع – الذي يسعى لتلميع نفسه بتلطيخ الشرفاء – لم يتوانَ عن قذف الأردن بتهم ساقطة، أقلّ ما توصف به أنها افتراء سياسي مغلّف برداء صحفي كاذب. ومنتهى الحقارة أن يُتّهم الأردن بالتربح من دماء أطفال غزة، وهو الذي دفع من موارده ورجاله وكرامته أكثر مما تحتمل أي دولة في زمن الصفقات والخيانة.
هذه ليست صحافة، بل حرب ناعمة بأدوات قذرة، تُشَنّ على الأردن لأنه ما زال واقفًا على ثوابته، يحمل لواء العروبة والإنسانية، ولا يرضخ للمال السياسي ولا لضغوط الدوائر السوداء.
لكن، حين تكون الأكاذيب بهذا المستوى من الوضاعة، فإن الرد لا يكون بالصمت، بل بكشف العار، وبفضح الأجندات، وبالأرقام التي لا تكذب، وبأقلام وطنية تعرف كيف تدافع عن الكرامة دون أن تنجرّ لمستنقعات الردح.
وهنا، برزت النائب هدى نفاع، لا ككاتبة مقال، بل كمقاتلة عن وطن اسمه الأردن، لتلقنهم درسًا في الوطنية الحقة، وترد على تفاهاتهم بلغة تُوجع لأنها تنطلق من حقيقة لا يمكن تزويرها.
هدى نفاع… الصوت الذي واجه الكذب بالحقيقة
في مقالها الأخير، لم تكتب هدى نفاع من باب المجاملة أو الدفاع البروتوكولي، بل قدّمت وثيقة وطنية بامتياز، واجهت فيها التشويه الإعلامي بحرفية سياسية، وحسّ إنساني، ووضوح لا يعرف التردد.
كلماتها كانت رصينة لكنها دامغة، وعقلانية دون أن تفقد حرارة الانتماء، لتقدّم للرأي العام ردًا لا يترك مجالًا للشك، ولا مهربًا للكاذبين.
لقد أثبتت هذه النائب أنها أكثر من صوت تحت قبة البرلمان. هي ضمير حيّ، وأسلوب واضح، ورؤية دقيقة لما يواجهه الأردن من حملات تضليلية خبيثة تستهدف إنجازاته، وتشوه مواقفه، وتستكثر عليه أن يبقى حائط الصدّ الأخلاقي والإنساني الأول في زمن الرداءة.
الرد الأردني بالأرقام والكرامة
بماذا ردّت هدى نفاع؟
ردّت بالأرقام، لا بالإنشاء. بالحقيقة، لا بالصراخ. ردّت بوثائق تُثبت أن:
الأردن، لم يقتطع قرشًا واحدًا من التبرعات التي أُرسلت لأهالي غزة.
125 عملية إنزال جوي نفذها الأردن على نفقته الخاصة، بتكلفة قاربت 56 مليون دولار (بمعدل 450 ألف دولار للعملية الواحدة).
الأردن، لم يكتفِ بنقل المساعدات، بل أنشأ مستشفيات ميدانية ومخابز وعيادات داخل غزة والضفة، كجزء من التزامه التاريخي.
الأردن، أطلق أولى قوافله البرية والجوية قبل أن تتحرك أي دولة أخرى، وساهم بتيسير مشاركة عشرات الدول لاحقًا ضمن ترتيبات شفافة وموثقة.
فهل يُعقل بعد كل هذا، أن يُتهم بالتربح من الدم؟
أم أن من ضاقت بهم ضمائرهم لم يعودوا يحتملون رؤية دولة عربية تتحرك دون ثمن، ودون أجندة، ودون متاجرة؟
الهيئة الخيرية الأردنية… هدف الهجوم الكاذب
لم تسلم حتى الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، المؤسسة التي حملت على عاتقها منذ أواخر 2023 مسؤولية تنسيق الإغاثة، من سيل الافتراءات. هوجمت لأنها تعمل بصمت، وتُنجز بكفاءة، وتوثّق كل خطوة دون بهرجة.
هذه الهيئة لم تكن يومًا مغلقة على رقابة، بل فتحت ملفاتها للأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، والدول المانحة، وكلّها أجمعت على أن الأردن كان سبّاقًا ونزيهًا ومنظّمًا إلى أقصى حد.
أما الموقع المأجور، فاختار أن يُرسل أسئلته في نهاية يوم الخميس، ويطلب الرد خلال ثلاث ساعات فقط، ليس لأنه ينتظر الحقيقة، بل لأنه قرر نشر مادته المسمومة دون وجه حق. هذا سلوك لا يمتّ للصحافة، بل هو خطة ابتزاز إعلامي مكشوفة وفاشلة.
منصات مأجورة… وأجندات تخشى النجاح الأردني
ما يجري اليوم ليس جديدًا. الأردن مستهدف لأنه بقي صلبًا في قضاياه، نزيهًا في تحركاته، لا يخضع للابتزاز ولا للابتلاع السياسي. الهجوم على جهوده في غزة ليس سوى دليل جديد على أنه أصاب الهدف، فأزعج من اعتادوا استثمار الجراح.
الرد القانوني الذي أعلنت عنه الهيئة الخيرية الأردنية ليس كافيًا وحده. المعركة اليوم تحتاج جبهة وطنية موحدة، تردّ على كل تزييف، وتحاسب كل من يستغل الإعلام ليطعن الأوطان.
الأردن لا يبيع موقفًا ولا يشتري رضا أحد
الأردن لا يبحث عن مجد في صحف الخارج، ولا يشترط على مواقفه مقابلًا. دعمه لغزة ليس مِنّة، بل التزام تاريخي وأخلاقي. أما الأصوات التي تزايد، فستذروها الرياح، لأن التاريخ لا يحفظ أسماء من خانوا، بل يخلّد من وقفوا في وجه العاصفة.
وسيظل الأردن، كما وصفته النائب هدى نفاع، سور الكرامة العربي، وضمير الإنسانية في زمن اختنق فيه الضمير العالمي.
وسيظل الأردنيون، بقيادتهم وجيشهم وأطبائهم ومتطوعيهم، حاملي شرفٍ لا تشوبه شبهة… وإن أنبح الكاذبون.