عروبة الإخباري – كتب طلال السكر –
لا يخفى أن إعلان الأمين العام لحزب “عزم”، المهندس زيد نفاع، عن تشكيل لجنة قانونية متخصصة لملاحقة مروّجي الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة التي تمس الدولة الأردنية، يمثل خطوة تعكس تنامي القلق الرسمي والحزبي من تصاعد حملات التشويه والتضليل الإعلامي، خاصة عبر المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي. وتأتي هذه المبادرة في ظل بيئة إقليمية ودولية معقدة، يُؤدي فيها الأردن دورًا محوريًا في عدد من الملفات، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، ما يجعله عرضة لحملات تستهدف مواقفه وثوابته الوطنية.
وقد لاقى هذا الإعلان صدى واسعًا لدى مختلف الأوساط السياسية والحزبية، وكذلك منظمات المجتمع المدني، التي رأت في هذه الخطوة محاولة لحماية الرواية الوطنية، وتعزيز الثقة في مؤسسات الدولة، ومواجهة حملات التشكيك التي تطال مواقف الأردن الثابتة. كما عبّر عدد كبير من المواطنين عن دعمهم للمبادرة، معتبرين أن محاربة الإشاعات والأكاذيب لم تعد خيارًا، بل ضرورة وطنية للحفاظ على الأمن المجتمعي والسلم الأهلي.
وفي الوقت نفسه، أكد حزب “عزم” على التزامه الكامل بحرية التعبير والرأي التي كفلها الدستور، موضحًا أن الهدف من هذه اللجنة ليس التضييق على الآراء أو الانتقادات البنّاءة، بل التصدي للممارسات التي تهدف إلى بث الفتنة وتقويض الثقة العامة من خلال نشر معلومات مضللة تمس الأمن الوطني ومكانة الأردن الإقليمية والدولية.
هذه الخطوة تحمل أبعاداً سياسية وإعلامية وقانونية، يمكن تحليلها على النحو التالي:
- السياق السياسي والوطني:
جاء الإعلان في وقت حساس إقليمياً، حيث تشهد المنطقة تطورات متسارعة في الملف الفلسطيني، وهو ما يجعل دور الأردن محط أنظار ومواقف متعددة، بعضها داعم والبعض الآخر ناقد أو مشكك. ويبدو أن الحزب يرى أن هناك محاولات منظمة لتقويض صورة الأردن ومواقفه التاريخية، ما دفعه لتبني موقف دفاعي من خلال أدوات قانونية.
- الدلالة الرمزية للبيان
الإشارة إلى “المواقف التاريخية والمشرفة” للأردن يعكس رغبة واضحة في تأكيد الثوابت الوطنية، خاصة تجاه القضية الفلسطينية، التي تُعد جزءاً من الهوية السياسية للدولة. وهذا النوع من التصريحات يحمل أيضاً رسالة تحذيرية إلى الجهات الإعلامية أو الأفراد الذين قد يتجاوزون حدود النقد البنّاء إلى مستوى التشويه أو التحريض.
- البعد القانوني:
تشكيل لجنة قانونية داخل حزب سياسي لملاحقة المسيئين يعتبر تصعيداً في أدوات المواجهة، ويعكس محاولة لضبط الخطاب الإعلامي ضمن أطر قانونية بدلاً من الاكتفاء بالردود السياسية. وقد يثير هذا الإجراء نقاشاً عاماً حول حرية التعبير وحدودها، خاصة إذا ما استخدم ضد الأصوات المعارضة.
- التحدي الإعلامي:
البيان يلمّح إلى وجود حملة إعلامية منظمة أو ممنهجة تستهدف الأردن. في ظل الانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي، تصبح مواجهة الشائعات والمعلومات المضللة تحدياً يتطلب أدوات أكثر فعالية، ليس فقط القانونية، بل التوعوية والإعلامية أيضاً.
- أبعاد داخلية وخارجية:
داخلياً، يعزز هذا الموقف صورة الحزب كمدافع عن الدولة ومؤسساتها. وخارجياً، هو بمثابة رسالة بأن الأردن لن يقف مكتوف اليدين أمام أي مساس بمكانته أو سياسته الخارجية، خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
يعكس إعلان حزب “عزم” تحركاً سياسياً وقانونياً لحماية سمعة الأردن ومواقفه من حملات التشويه الإعلامي، ويطرح تساؤلات حول توازن ضروري بين حرية التعبير من جهة، والحفاظ على الأمن المعنوي للدولة من جهة أخرى.