عروبة الإخباري – الإعلامية عبير العربي –
بعد انقضاء المعركة الانتخابية لنقابة الصحفيين المصريين، وتسلم خالد البلشي مقعد النقيب لولاية ثانية على التوالي، ومع اكتمال تشكيل مجلس النقابة الجديد بفوز الأعضاء المدعومين من الجمعية العمومية، باتت الصورة أوضح، وأصبح من الممكن تقديم قراءة موجزة وواعية لهذا المشهد المتكامل.
شهدت الانتخابات حضورًا لافتًا بلغ نحو 6051 صحفيًا من أعضاء الجمعية العمومية المشتغلين، بنسبة مشاركة قاربت 60%، في مشهد يؤكد إصرار الجماعة الصحفية على ممارسة دورها الديمقراطي وحماية نقابتها.
فوز خالد البلشي بحصوله على 3346 صوتًا، جاء ليكرّس الثقة في اختيارات الجمعية العمومية، ويعزز مصداقية العملية الانتخابية التي جرت تحت إشراف قضائي نزيه يُضرب به المثل في الحياد والعدالة.
في السياق ذاته، أظهرت الانتخابات تأييدًا واسعًا لقرار الجمعية العمومية بمنع عضوية حملة التعليم المفتوح، وهو ما اعتُبر من جانب كثير من الصحفيين انتصارًا لمعايير المهنة وضمانًا لعدم المساس بمكانتها.
كما لفتت الأنظار الدعاية الانتخابية للمرشح عبد المحسن سلامة، والتي كانت قوية ومنظمة، ما يستدعي النظر باهتمام لأساليبها ومدى تأثيرها رغم النتيجة، ويؤكد أن المنافسة كانت ندية وتستحق التحليل والدراسة.
جاءت الرسالة الأوضح من الجمعية العمومية أن الحقوق النقابية لا تقبل المساومة، وأن اختيار النقيب والأعضاء الستة جاء بناءً على قناعة ووعي كاملين، في أجواء ديمقراطية نزيهة.
اتسم يوم الاقتراع بحضور كثيف وتنظيم ملحوظ رغم الزحام، حيث التزم الصحفيون بالنظام، وعبّروا عن إرادتهم باحترام متبادل، دون تسجيل أية تجاوزات تُذكر، ما يعكس حسًا عاليًا بالمسؤولية.
حُفظت حرية الاختيار بشكل كامل، وساد احترام متبادل بين أنصار الطرفين دون احتكاك أو تجاوزات لا تليق بمستوى الزمالة والانتماء النقابي.
أما على صعيد التنظيم، فقد كان الحضور الأمني مثالًا للانضباط والاحترافية، إذ تم تأمين محيط النقابة بشكل راقٍ، وتسهيل دخول وخروج الناخبين بسلاسة، ما ساعد في إنجاح اليوم الانتخابي بكل تفاصيله.
تؤكد هذه الانتخابات أن المهنة ستظل حرة، ومطالب الصحفيين واضحة وثابتة، مع التأكيد على أن النقابة لن تتخلى عن دورها الوطني الداعم للدولة، انطلاقًا من مسؤوليتها التاريخية.
لكن من المهم التذكير بأن المهمة القادمة لن تكون سهلة. ما تحقق في الدورة السابقة شيء، وما ينتظر النقيب ومجلسه الآن شيء آخر تمامًا، يتطلب جهدًا أكبر ورؤية أكثر شمولًا.
من المشاهد اللافتة، كان حضور الإعلامي أحمد المسلماني للتصويت، حيث حظي باستقبال لافت من الصحفيين، وسط أجواء ودية وحوار مفتوح التقط خلاله العديد من الصور مع الحاضرين.
كما دار نقاش واسع بين الصحفيين حول أوضاعهم الوظيفية المتدهورة، خصوصًا من تعرّضوا للفصل التعسفي، والذين عبّروا عن غضبهم عبر تجاهل رموز تلك المؤسسات أثناء تواجدهم بمقر النقابة، في رسالة احتجاج واضحة.
وتستمر أزمة ازدياد أعداد الصحفيين المعطلين عن العمل كملف شائك، يحتاج إلى حلول جذرية وتدخل حاسم من مجلس النقابة.
ختامًا، فإن الاحتفاء الكبير الذي حظي به البلشي من مؤيديه يعكس حجم الرهان على أدائه، لكنه في الوقت ذاته يضع على كاهله مسؤوليات مضاعفة. والمطلوب الآن قراءة متأنية للمشهد، ووضع كافة التفاصيل موضع دراسة، بما يضمن الحفاظ على المهنة وكرامة الصحفيين، واستمرار النقابة كصوت وطني حر وفاعل.