يضم أحد أعرق شوارع عمان، وتحديداً “شارع خرفان” بيت شقير، وهو أول بيت دمشقي الطراز بني في عمان عام 1927، سكنته العائلة ثم استأجرته دائرة المعارف، وتحول بعد ذلك إلى مدرسة ليصبح منذ عام 2005 ملتقى للفنانين والشعراء والحرفيين في الأردن ، فمن التاريخ إلى الفن المعماري إلى الثقافة، تحاول عائلة شقير الحفاظ على هذا البيت.
ويستطيع الزائر إلى البيت استنشاق عبق الذكريات من خلال البلاط القديم الملون برسومات زخرفية متقنة ، إضافة إلى الجدران بألوانها الجذابة المزدانة بصور العائلة ، الوثائق التاريخية التي تدل على تاريخ عمان.
ومن يزور بيت شقير تستقبله الفنانة “فوز شقير” بحنجرة ذهبية تدندن بأغنيات من الزمن الجميل، وفوز من الجيل الثالث للعائلة، وتدير البيت حالياً حيث قامت بتحويل الطابق الأرضي من البيت إلى معرض للفنون الجميلة لعرض لوحات تشكيلية، لإيمانها المطلق بأن الفن التشكيلي هو فن توثيقي لمراحل الحياة المختلفة إضافة إلى ما يحمله من انعكلس للحضارات، اما الطابق الثاني فغرفه مستاجرة لهيئات ثقافية و مصممين ومصممات وحرفيين وحرفيات ورسامين ورسامات لتعزيز فكرة تحويل البيت إلى ملتقى ثقافي.
وفي المساءات الدافئة، تنظم اللقاءات الفنية المختلفة، لرواد البيت من المثقفين والمحبين لعمان فتارة يتذوق مرتادوا البيت الشعر وتارة الغناء وأخرى يستمعون الى المحاضرات القيمة.
تروي الفنانة “فوز شقير”: يعتبر هذا البيت من أقدم بيوت عمان، فبعد أن استقرت العائلة في منطقة السيل شرقي عمان عام 1955، قرر الجد خليل شقير بناء مزل جديد للعائلة، يتسم بالرحابة كي يتسع لجميع أفراد العائلة التي قدمت من دمشق، حيث بدأ بناء البيت عام 1927، واستغرق بناءه ثلاث أعوام تقريباً، وفي عام 1930، سكنت العائلة البيت الذي كان عبارة عن نقلة نوعية لأفراد العائلة من حيث المكانة الاجتماعية بين تجار عمان القاطنين في منطقة السيل والذين تمتع الجد خليل بالسمعة الطيبة بينهم.
بني البيت على الطراز الدمشقي الذي نقله من حارات دمشق، ويتألف البيت من طابقين الطابق الأول وهو أرض الديار حيث الغرف المتلاصقة التي يستخدمها أهل البيت والضيوف ويتوسطها نافورة “البحرة” أما الطابق الثاني يأخذ طابع الفصل الشتوي لأنه يبنى بمواد من الطين والخشب وهذه المواد تعد بمثابة التكييف الطبيعي لأنها تحمي من البرودة في الشتاء والحرارة في الصيف.
وتكمل شقير: أنه في عام 1924، قام الجد خليل بتقديم طلب إلى رئيس بلدية عمان آنذاك من أجل بناء سور للمنزل من الحجر الصخري، ثم تم تأجير المنزل لدائرة المعارف في ذلك الوقت “وزارة التربية والتعليم حالياً” لاستخدامه كمدرسة تحضيرية “حضانة” ومدرسة ابتدائية سميت بمدرسة العبدلية “مدرسة ذكور. في عام 1950، تغير اسم المدرسة إلى “أروى بنت الحارث” ويقيت كذلك إلى عام 1958.
وتشير الفنانة شقير إلى أن البيت بقي على حاله لعام 2005، عندما قامت شقيقتي “هالة”بزيارة إلى البيت بعد وفاة والدي المرحوم “أمين شقير” مالك البيت الذي كان يؤمن بضرورة الحفاظ على كل موروث ثقافي وتاريخي مع المحافظة قدر المستطاع على روح البيت، الذي هو إرث معماري وثقافي فبدأت عملية ترميم البيت لتحويله إلى مركز ثقافي وافتتاحه وإدارته من قبل أحد أفراد العائلة، بهدف الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري لمدينة عمان والإرث التاريخي لأبناء عائلة شقير، إلى توفير تجمع لفناني ومثقفي الأردن من كتاب وفنانين وتشكيلين وولمساهمة بحركة للسياحة الفنية والتاريخية.
وتفخر الفنانة شقير بأنها تساهم بالحفاظ على هذا الإرث والصرح التاريخي العماني الذي سمعت عنه الكثير من القصص والحكايات الجميلة من أفراد أسرتها، لافتة إلى انها حفظت مقتنيات “ستها ” في غرفة تلفها الذكريات من خلال الأدوات المستخدمة من الأطباق والأكواب والمعالق والأواني والتي تم جمعها من بيوت العائلة للحفاظ عليها وتوريثها للأجيال.