أطفال غزة ليسوا مجرد أرقام تُسجّل في تقارير الأخبار أو إحصاءات الهيئات، بل هم أرواح تنبض بالحياة في مدينة أنهكها الحصار وأرهقها العدوان. ما يواجهه هؤلاء من انتهاكات ممنهجة يُعد من أخطر الجرائم الدولية.
وقد أشارت تقارير موثقة صادرة عن منظمات دولية كـ”اليونيسف”، و”هيومن رايتس ووتش”، و”أطباء بلا حدود”، إلى أن آلاف الأطفال في غزة قُتلوا أو جُرحوا جراء الحروب المتكررة، فيما يعاني آخرون من إعاقات دائمة أو اضطرابات نفسية مزمنة، فضلًا عن فقدانهم لذويهم، أو انعدام سُبل الحياة الكريمة. المدارس لم تعد أماكن للتعلم، والمستشفيات لم تعد ملاذًا آمنًا، بل تحوّلت إلى أهداف عسكرية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. حيث تشكل الفئة العمرية دون 15 عامًا نحو 40% من سكان غزة، بحسب بيانات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، ما يجعل الأطفال الشريحة الأكثر ضعفًا وتأثرًا في النزاع المستمر.
ينص القانون الدولي الإنساني، وخصوصًا اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولان الإضافيان لعام 1977، على ضرورة حماية المدنيين، وبشكل خاص الأطفال، أثناء النزاعات المسلحة. كما يعتبر البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة (2000) أن تجنيد الأطفال أو تعريضهم للخطر يشكل جريمة خطيرة.
ووفقًا للمادة (38) من اتفاقية حقوق الطفل (1989)، فإن الدول الأطراف مُلزَمة باتخاذ جميع التدابير الممكنة لضمان عدم مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة، كما يُحظر تعريضهم لأي شكل من أشكال العنف أو الاستهداف. إضافة إلى ذلك، يُعد الحصار الشامل الذي يؤدي إلى حرمان الأطفال من الغذاء والدواء والمأوى والتعليم انتهاكًا جسيمًا بموجب القانون الدولي، ويقع ضمن اختصاصات نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بوصفه جريمة ضد الإنسانية أو جريمة حرب.
إن حماية الأطفال في أوقات الحروب ليست رفاهًا سياسيًا، بل واجب قانوني وأخلاقي تمليه المواثيق الدولية.
أرواح لا تُعدّ:الطفولة المغتصبة في غزة بين نيران الحرب وصمت العدالة
الاستاذة ملكة الحلبي – باحثة قانونية ومنسقة قطاع الحماية في جمعية إتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان
23