عروبة الإخباري – كتب طلال السكر –
في لحظة إقليمية دقيقة، تزداد فيها التحديات وتعلو الأصوات المتباينة، يخرج حزب عزم بموقف واضح وحازم، ليس فقط في الدفاع عن الدولة ومؤسساتها، بل في رسم خط فاصل بين المواقف الوطنية الثابتة، ومحاولات التشويش التي تقودها أطراف داخلية وخارجية مغرضة.
البيان الصادر عن الحزب، الأحد، كان موقفًا عميقًا، حمل في طياته قراءة واعية لمجريات المرحلة، ومحاولة حازمة لإعادة ضبط البوصلة نحو الأولويات الوطنية الكبرى، وعلى رأسها: الأمن الوطني، تماسك الجبهة الداخلية، والدعم المطلق للقضية الفلسطينية.
هيبة الدولة أولاً
يركز البيان بشكل مباشر على خطورة المساس بهيبة الدولة ومؤسساتها، خصوصًا القوات المسلحة والأجهزة الأمنية. وهذا التركيز ليس عابرًا، بل يأتي في ظل محاولات مقلقة – كما أشار البيان – لزج هذه المؤسسات في أتون التجاذبات السياسية، وكأن هناك من يحاول التشكيك بدورها أو تصويرها كطرف في نزاع داخلي، لا كحامٍ للوطن وسياجه المنيع.
ما أراد حزب عزم قوله بوضوح: الدولة خط أحمر، وهي ليست هدفًا للانتقاد الشعبوي أو المساءلة التحريضية، خاصة حين يتعلق الأمر بالمؤسسات التي تُمثل سيادة الوطن.
القضية الفلسطينية… وتشويش مغرض
لكن البُعد الأخطر الذي يطرحه البيان هو تلك المحاولات الممنهجة للتشكيك بالموقف الأردني من القضية الفلسطينية، رغم أنه – تاريخيًا وواقعيًا – من أكثر المواقف وضوحًا وصلابة على مستوى العالم العربي. يتحدث البيان عن “تيارات سلبية وباعة أوهام”، ما يفتح الباب على التساؤل: من يملك مصلحة في ضرب الثقة بين الأردنيين وموقف دولتهم إزاء ما يحدث في غزة؟
هنا يلفت عزم الانتباه إلى الدور المشبوه لبعض الجهات التي، بحسب البيان، ارتهنت لأجندات خارجية أو داخلية مدفوعة، تهدف إلى ضرب الموقف الملكي المشرف، والتقليل من مكانة الأردن الإقليمية كحامٍ للمقدسات ورافع للواء العدالة في فلسطين.
موقف ثابت من قيادة مسؤولة
الموقف الذي تبناه حزب عزم يعكس رؤية راسخة قادها أمينه العام المهندس زيد نفاع، الذي أكّد مرارًا أن الدفاع عن الدولة ليس خيارًا بل واجبًا وطنيًا، وأن الاصطفاف خلف القيادة الهاشمية واجب كل من يؤمن بالأردن وسيادته.
وفي تصريح ضمن البيان، قال نفاع:
“نحن في حزب عزم نقف صفًا واحدًا خلف جلالة الملك، وجيشنا العربي، وأجهزتنا الأمنية الباسلة، ولن نسمح لأي جهة – داخلية أو خارجية – أن تعبث بوحدة الصف أو تسيء لرمزية الدولة التي تمثل عزتنا وكرامتنا. كلنا مسؤولون في مواجهة حملات التشكيك والفتنة، وأجندات التخريب، فالأردن أكبر من الجميع، وأعزّ من أن يُمسّ.”
إن هذا الثبات في الموقف من قبل قيادة الحزب هو انعكاس لفهم وطني عميق لطبيعة المرحلة، وحرص حقيقي على حماية مقدرات الوطن من العبث.
الحفاظ على الجبهة الداخلية
وسط هذا التداخل في الأصوات والمواقف، يضع حزب عزم نقطة مركزية: الداخل أولًا. فالحفاظ على الأمن، وتماسك النسيج الاجتماعي، وتمتين الجبهة الداخلية، بات ضرورة قصوى، لا ترفًا سياسيًا. ويأتي هذا الطرح في وقت تزداد فيه وتيرة الشائعات والتحريض على وسائل التواصل، ما يشكل تحديًا حقيقيًا أمام تماسك الدولة والمجتمع.
رسالة إلى الداخل والخارج
المغزى الأهم من البيان، كما يظهر في سطوره الأخيرة، هو التذكير بأن الأردن ليس ساحة مفتوحة للاختراق. نعم، هناك معاناة حقيقية يعيشها الشارع، وغضب مشروع تجاه العدوان على غزة، لكن تحويل هذا الغضب إلى فوضى أو تحريض لا يخدم لا فلسطين ولا الأردن.
البيان يحمل رسالة واضحة إلى من يحاول استغلال المشهد: لن تنجحوا. فالأردن الذي صمد على مدى عقود في وجه الضغوط، واحتضن القضية الفلسطينية وقدم التضحيات، لن يُسمح بتحويله إلى أداة في صراعات الآخرين.
في النهاية، فإن ما قدمه حزب عزم هو أكثر من بيان سياسي؛ إنه دعوة للتعقّل، وتأكيد على الثوابت، ورسالة أن الدولة القوية لا تُبنى على المجاملات، بل على الوضوح في المواقف، والوقوف بصلابة في وجه من يحاول العبث بالثوابت الوطنية.