عروبة الإخباري – بقلم: د. فلك مصطفى الرافعي –
ما بين “صندوق الفرجة” ملهاة صِبية القرن الماضي” و ما بين “الفيسبوك “و” التويتر” الكثير من القواسم المشتركة، و الفرق بينهما هو “سلطان العلْم” الذي نقل صندوق الفرجة من الشارع إلى قلب البيت، فلا يأتيه الولد لاهثا بل ياتي هو طائعا و يبقى بينهما الفارق الكبير.
الاول على سذاجة و تواضع و صدق و صور جامدة تحاكي الخيال، و الثاني على تفوّق و مكر و مكيدة .. فالازرار الحديثة تجعل من “عنترة جبانا” و من “أبو تمام” جاهلا ، و من ‘ “السندباد الطائر” رئيس عصابة الاربعين حرامي .
في الاول ترى ما يريك “المشخصاتي” و يشرح لك، وعليك فقط الاستئناس بتاريخ و معنى كل صورة، و الثاني ترى فيه ما يحاول أكثر دهاقنة العالم التشويه رغم الآف الابواب الحضارية و العلمية و الثقافية .. غير أن ما يفعله صندوق فرجة القرن الحديث من تداعيات و كشف اسرار ساهم بها المشترك على صنفين: واحد لأجل نشر بحث أو البحث عنه، و آخر بغية تركيب الأكاذيب و تشويه الحقائق و إعطاء صورة عن مضمون مختلف، و هذه ضريبة العولمة، إذا حَسُن ٱستعمالها سارعت بنا إلى مصاف التقدّم ، و إن أُسئ إستغلالها فإلى مرتع وخمٍ و قد تجعل من ” الحر عبدا ” إن طمع ، و تجعل من ” العبد حرا ” إن قَنع.
صندوق الفرجة ايام زمان كان كما الحديث من رواة عاصروه هو الصندوق الخشبي المعشّق بنحاسيات تخترقه عيون زجاجية نجلاء واسعة شفافة ، و بداخل الصندوق لفافة من صور لشخصيات تطلع من عدسات الصندوق ، حيث يجلس قبالتها اولاد على عددها .. هنا ” بساط الريح ” يسبح في الفضاء ، و في القمرة الثانية ” ابن شداد ” يسبي صناديد ” ذبيان ” ، على مقربة منها ” ابو زيد الهلالي ‘ و فروسيات زمانه ثم ” شهرزاد” تقصّ رواياتها قبل أن ينهال عليها سيف شهريار”.
حكايات الزمن القديم بدون تزوير و لا تجميل و لا إكسسوارات … حكايات يحملها الاولاد إلى مخادعهم على فراش من صوف كهل أو من قطن مصاب بالترهل ، يحملون كل بقايا الصور ، يحلمون بها و يتباهون أمام من خانتهم الغروش القليلة فغابوا عن مسرح صندوق الفرجة الملئ بأخبار الفروسية و الشهامة ..
صندوق الفرجة اليوم ، فضائح “ويكيليكس” و “قنابل ذكية” و غابات من المحارم تقرع الباب و تدخل بدون استئذان . و اذا كانت الإمارة “حلوة الرَضاع مُرة الفطام” ، فالإمارة معقودة اللواء للشفافية و البراءة و الصدق ..
ما بين صندوق الفرجة بصورة البارحة و اليوم مسافة من زلزال ذي إرتداد أودى بالكثير من القِيَم …
و يبقى صوت صاحب الصندوق في ذاكرة المدينة يصدح: ” تعا تفرّج يا سلام، شوف الدنيا بالتمام ” …
…. مساهمة تفرض نفسها أن تغييب بعض المناطق المهمة كأنه لم يبق لهم سوى ” صندوق الفرجة “….
وتعا تفرّج….. يا سلام !!!!”.