عروبة الإخباري – د. فلك مصطفى الرافعي –
جملة ذائعة الصيت نسمعها و نقولها كلما سمعنا عن شئ ممجوج أو عيب ، او كلما شاهدنا ما تأنف منه النفس و تستحي منه العين و تعف عن سماعه الاذن ..و قد حاولت جاهدة أن استفهم عن مصدر ذلك القول و سبب إطلاقه حتى وقعت على رواية تركية تقول إن حريقا شبّ في إحدى الحمامات القديمة المخصصة للنساء، و صودف أن بعض الألسنة الملتهبة قاربت الابواب المفضية للخارج، و بعد الهرج و المرج في الداخل سارعت بعض النساء لإلتقاط ما تيسر لهنّ من غطاء و لذن بالفرار السريع بأقل الحروق غير الخطيرة ،و أن بعضهن لم يجدن ما يسترن به أنفسهن فخرجن آملين بإستعارة اي غطاء بالخارج ، و من بقي منهن آثرن البقاء على أمل الإنقاذ غير مفرّطات بكشف ما أُمرن بستره، و لكن يبدو أنهن قضين في غرف الحمام، و لما وصل الأمر إلى والي المدينة و سأل عن العدد فقالوا كذا و نجا منهن كذا، و عن الباقيات فأتاه الجواب الحزين “إللي إستحوا ….. ماتوا ” كإشارة إلى من فارقن الحياة إختناقا و إحتراقا على أن يخرجن عاريات.
هذا ما دفعني في هذه العجالة للإستشهاد بأن البعض من الناس يقفون مواقف الكرامة و لو دفعوا حياتهم اثمانا باهظة، بينما ينحو البعض الآخر للنجاة و لو على حساب أعراضهم و سمعتهم و تاريخهم.
تلك النسوة اللواتي إستعففن بإنتظار قضاء الله سبحانه و تعالى أفاض على أحاديث الذاكرة المنتعشة بإحصاء و ريادة الأفعال المحمودة من بشر و من غيرهم.
قرأت أن الجمل لا يقرب الناقة إلا بإطمئنانه أن ستارا يحول بينهما و بين العيون المراقبة!!
و علمت أن في مملكة النحل قوانين صارمة، فبعض النحل إن صادفت رحيقا شابه بعض الفضلات غير النظيفة و الطاهرة تقف على باب القفير لا تدخل حتى لا تختلط الجودة بالردئ، و أكثر من ذلك فإنها إما تموت دون الدخول او تقتلها اجناد الملكة خارج الاطار الهندسي الأنيق.
فهل للذين لا يستحون أن يأخذوا العبرة من النحل؟ و إن استكبروا أن يأخذوها من نسوة الحمامات المحترقات؟
اما آن أن يستحي ـ دون أن يموت ـ كل من لا يستحي و يأخذ الموعظة و الدرس أن فاته عن كبير و أن لم يعه عن عظيم و أن لم يسمعه عن خلوق، أن يستحي من فعل “نحلة” و إيمان “نملة و حياء “جمل”، و الا سوف نقول دائما عند مشاهدة و معاينة كل عيب فعلا ” … إللي إستحوا …. ماتوا”.