عروبة الإخباري – طلال السكر –
مما لا شك فيه بأن مقال الدكتورة فلك مصطفى الرافعي، المنشور على موقع “النهوض الثقافي الذي حمل عنوان “محاولة إعدام اللغة العربية” ، انه يأتي كصرخة مدوية في وجه محاولات طمس اللغة العربية وإضعاف حضورها بين أهلها قبل غيرهم. لقد لامس المقال بعمق جرحًا نازفًا، حيث تتعرض لغتنا لحملة تذويب ممنهجة، تتجلى في استبدال مفرداتها بألفاظ أجنبية، وانحسارها عن المشهد العام، حتى باتت بعض المؤسسات والمتاجر تتجاهلها تمامًا في يافطاتها وإعلاناتها.
اللغة العربية ليست مجرد أداة تواصل، بل هي هوية وكيان حضاري، حملت بين طياتها أعظم الشعراء والفلاسفة والمفكرين، وكانت لغة العلم والمعرفة لعصور طويلة. والتهاون في حقها ليس مجرد تقصير لغوي، بل هو تفريط في أحد أركان ثقافتنا وهويتنا.
مقال الدكتورة فلك الرافعي، أشار إلى نقطة بالغة الأهمية، وهي أن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق المؤسسات التعليمية أو العلماء، بل هي مسؤولية مجتمعية، تبدأ من الفرد الذي ينبغي أن يعتز بلغته ويمارسها بفخر، فلا يكون أول من يهجرها أو يستبدلها طواعية بأخرى.
نحتاج اليوم إلى نهضة لغوية حقيقية، تحيي مكانة العربية في الإعلام والتعليم والمجتمع، وتجعل منها لغة عصرية قادرة على مجاراة متطلبات الحداثة دون أن تفقد أصالتها. وكما أن هناك جمعيات تحمي الحيوانات والتراث والموروثات المختلفة، فمن الأولى أن تكون هناك جهود حثيثة لحماية العربية، لا بالشعارات فقط، بل بالممارسة اليومية والتشجيع على استخدامها في كل مناحي الحياة.
إن المقال هو دعوة صادقة للتأمل والمراجعة، فكما حفظت الأمم الأخرى لغاتها وفرضتها على غيرها، يجب أن نعيد للغتنا هيبتها، ونمنع عنها مقصلة الإعدام التي تقترب منها يومًا بعد يوم.