عروبة الإخباري –
في عالم تتسارع فيه الإيقاعات الإعلامية وتتغير ملامحه باستمرار، تبقى بعض الأسماء راسخة، ليس فقط بحضورها، بل بأثرها العميق في المشهد الثقافي.
الكاتبة والإعلامية اللبنانية، بسمة الخطيب، هي واحدة من الشخصيات التي أسهمت في إثراء المحتوى العربي، ليس بحكم عملها فحسب، بل بفضل رؤيتها الإبداعية التي تمتد عبر مجالات متعددة، من الصحافة إلى الأدب، ومن الإعلام المرئي إلى أدب الطفل.
رحلة في عوالم الصحافة والإعلام
الخطيب بدأت مسيرتها الأكاديمية بدراسة الصحافة التلفزيونية والإذاعية في كلية الإعلام بالجامعة اللبنانية، وهو ما مهد لها طريق العمل في مؤسسات إعلامية بارزة مثل جريدتي “السفير” و”الحياة”، وإذاعة “صوت الشعب”. تميزت بتناولها للموضوعات الثقافية بعمق وتحليل دقيق، فكانت تحقيقاتها ومقابلاتها الثقافية انعكاسًا لرؤية نقدية واعية ورصينة.
وفي عام 2005، انتقلت إلى قطر حيث عملت معدّة ومنتجة تلفزيونية، وسيناريست لعدد من المسلسلات، من أبرزها “الراوي” بأجزائه الثلاثة، الذي حظي باهتمام واسع. كما انضمت إلى فريق تحرير جريدة “العربي الجديد”، ثم عملت في “BBC”، مما عزز خبرتها الإعلامية وأكسبها بُعدًا دوليًا في مجال الصحافة والإنتاج الإعلامي.
إبداع أدبي ورؤية تربوية
لم يكن الإعلام هو المسار الوحيد الذي سلكته بسمة الخطيب، بل وجدت في الكتابة الأدبية مجالًا آخر للتعبير عن رؤيتها الفكرية. كتبت في الصحافة الثقافية، لكنها أيضًا خاضت تجربة الكتابة الأدبية بإصدارها رواية “برتقال مرّ” (2015)، التي لاقت صدى واسعًا، تلتها رواية اليافعين “في بلاد الله الواسعة” (2017)، بالإضافة إلى مجموعتين قصصيتين: “دانتيل” (2005) و”شرفة بعيدة تنتظر” (2009).
لم تقتصر إسهاماتها على الكتابة للكبار، بل امتدت إلى أدب الطفل، حيث نشرت أعمالًا متميزة في مجلة “العربي الصغير” الكويتية، وأصدرت عدة كتب للأطفال. إلا أن المحطة الأبرز في هذا المجال تمثلت في العمل التلفزيوني الثلاثي الأبعاد “نان وليلي”، الذي قامت بإعداده وتحريره لصالح “الجزيرة للأطفال”، ونفّذته الشركة الكندية “تشوكليت مووز”. حصد هذا العمل ست جوائز عالمية مرموقة، منها جائزة النسر الذهبي في واشنطن (2009)، وGolden REMI Award في هيوستن، والجائزة الفضية في المهرجان الدولي للإعلام في هامبورغ (2010)، مما يعكس مدى جودة المحتوى وقيمته التربوية.
بصمة لا تُمحى
تمثل بسمة الخطيب نموذجًا للإعلامية المثقفة، التي لم تتوقف عند حدود العمل الصحفي، بل تجاوزته إلى الإبداع الأدبي والمحتوى التربوي، ما يجعل تجربتها مزيجًا نادرًا من الاحتراف الإعلامي والالتزام الثقافي. لقد أثبتت أن الكلمة قادرة على إحداث الأثر، سواء عبر منصة إعلامية، أو بين دفتي كتاب، أو في شاشة تُخاطب عقول الأطفال.
بسمة الخطيب، هي قصة نجاح تُجسد كيف يمكن للمعرفة أن تتجسد في أكثر من صورة، وكيف للإبداع أن يكون رسالة تتجاوز الحدود.