عروبة الإخباري – طلال السكر –
لا شك فيه بأن الدكتورة الفاضلة، فلك مصطفى الرافعي، عندما تكتب بأسلوب مؤلم ينبض بالغضب والأسى، وتصف مدينتها، طرابلس، عاصمة الشمال، التي كانت يومًا مدينة العلم والعلماء، وباتت ساحة صراع ومقبرة مفتوحة لزهرة شبابها. وتحاكي كلماتها الواقع المرير لمدينة تحولت من رمز للحضارة والتعايش إلى مشهد تتنازع فيه المتاريس والشظايا، فتقطف الأقدار أرواحًا لم تكتمل أحلامها، وتغدو شوارعها، التي كانت تزهو بالمعرفة والتراث، مغمورة بالنعوات بدلًا من صور المبدعين والمجاهدين.
ففي مقالها، سلطت الضوء على التناقض الصارخ بين ماضٍ مجيد وحاضر ينزف، بين مدينة الأسواق العتيقة والبساتين المعطرة بزهر الليمون، ومدينة المقابر الصامتة والمآتم المتكررة. وبينما تتساءل الكاتبة بمرارة: هل ما زالت طرابلس مدينة العلم أم أنها أضحت مدينة الشهداء؟ فإن الإجابة تتردد في أرجاء المدينة التي باتت تسأل عن مصيرها وسط دوامة العنف والتهميش.
وفي دعوة صارخة للصحوة، تشير الدكتورة الرافعي إلى “الانتفاضة المواطنية النقية” كسبيل للخلاص، مؤكدة أن الصمت والتجاهل لن يزيدا المدينة إلا نزيفًا. فهل حان الوقت لطرابلس أن تستعيد ذاتها وتصرخ في وجه هذا الواقع القاسي؟ أم أنها ستظل عالقة بين ركام الوعود وغياب الإنماء؟
بدون أدنى شك بأن مقال الدكتورة فلك مصطفى الرافعي، يحمل بين طياته شهادة موجعة، لكنه في جوهره صرخة مقاومة، تذكّر بأن طرابلس، رغم كل الجراح، تبقى طرابلس… ولن تكون مجرد ساحة خراب.