عروبة الإخباري –
مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، كانت أعلنت بعض دول الخليج عن اعتماد نظام الدوام المرن والعمل عن بعد خلال هذا الشهر، في خطوة تعكس وعياً متزايداً بأهمية توفير بيئة عمل مرنة تتناسب مع خصوصية الشهر الفضيل، فهذه الخطوة ليست بالجديدة، لكنها تفتح الباب مجدداً للنقاش حول مدى الحاجة إلى إعادة النظر في سياسات حضور وانصراف الموظفين بشكل عام، وليس فقط خلال رمضان.
إنتاجية الموظف لا تُقاس بالحضور الفعلي
أثبتت التجارب الحديثة، وخاصة خلال جائحة كورونا، أن الإنتاجية لا ترتبط بالوجود الفعلي في مقر العمل أو بنظام “البصمة” التقليدي. لقد استطاعت المؤسسات والشركات في مختلف القطاعات الاستمرار في تقديم خدماتها بكفاءة عالية رغم أن موظفيها كانوا يعملون عن بُعد. بل إن كثيراً من الدراسات أشارت إلى أن الإنتاجية تحسنت بسبب تقليل الوقت المهدر في التنقل، وزيادة التركيز، وتعزيز التوازن بين الحياة المهنية والشخصية.
نحو بيئة عمل أكثر مرونة
تُظهر التجارب الدولية أن النماذج المرنة للعمل، سواء من خلال تقليص ساعات العمل أو السماح بالعمل عن بعد، تسهم في رفع مستوى الرضا الوظيفي، وتساعد في تحسين الصحة النفسية للموظفين، ما ينعكس إيجاباً على جودة العمل. ورغم أن بعض المؤسسات لا تزال تتمسك بالأساليب التقليدية، إلا أن هناك توجهاً عالمياً نحو تبني سياسات أكثر مرونة تتماشى مع متغيرات العصر ومتطلبات الموظفين.
فوائد الدوام المرن والعمل عن بعد
زيادة الإنتاجية: يمنح الموظف حرية تحديد أوقات العمل التي يكون فيها أكثر تركيزاً وإبداعاً.
تحسين جودة الحياة: يقلل من الضغط النفسي والتوتر الناتج عن الازدحام المروري والتنقل اليومي.
تقليل التكاليف التشغيلية: يقلل من الحاجة إلى مساحات مكتبية كبيرة ويخفض تكاليف المرافق.
جذب المواهب والاحتفاظ بها**: المرونة في العمل تعد ميزة تنافسية تساعد الشركات على جذب الكفاءات والمحافظة عليها.
الاستدامة البيئية: تقليل التنقل يقلل من الانبعاثات الكربونية ويحسن جودة الهواء.
إعادة التفكير في سياسات العمل
ومع تسارع التحولات الرقمية، يجب على المؤسسات إعادة تقييم سياسات العمل التقليدية وتبني نماذج جديدة تواكب العصر. لا ينبغي أن يكون حضور الموظف في المكتب هو المقياس الأساسي للإنتاجية، بل يجب التركيز على تحقيق الأهداف والنتائج. إن تجربة الدوام المرن والعمل عن بعد في رمضان يمكن أن تكون فرصة مثالية لاختبار هذه النماذج واستكشاف إمكانية تطبيقها على مدار العام.
خلاصة القول، لقد حان الوقت لتغيير النظرة التقليدية للعمل ومواكبة التحولات التي أثبتت فعاليتها عالميًا، و إن اعتماد أنظمة عمل مرنة ليس مجرد استجابة لمتطلبات رمضان، بل هو خطوة نحو مستقبل أكثر كفاءة وإنتاجية. فهل تكون تجربة رمضان هذا العام نقطة انطلاق نحو بيئة عمل أكثر مرونة واستدامة؟