عروبة الإخباري – كتب : أشرف محمد حسن
في بداية الحديث علينا معرفة ماذا تعني كلمة السهُن وكلمة الجهجهون فكلمة السَهُن نطلقها على الشخص المخادع الذي يظهر الملاطفة الهادئة والدبلوماسية الرصينة ولا يظهر أهدافه الحقيقية بينما يعمل على تنفيذها بشكل غير معلن كمن يسرق ويحتال على الاخرين ونقول في وصفه حسب مقولاتنا التراثية الشعبية “ميّه من تحت تبن” وباسلوب اخر “حيه من تحت تبن” بينما كلمة الجهجهون نطلقها على الشخص الذي يسير بشكل معلن وبضجيج عالي يدمر كل شيء اثناء سيره يبدو على هيئته الغباء والهمجية ولا يكترث بأحد في طريقه ونقول عنه وفق تراثنا “ثور الله في برسيمه” .
لعل ما حدث للمجتمع الدولي بشكل عام عقب تغيير الإدارات الامريكية من جو بايدن وحزبه الديمقراطي الذي دعا إلى تدخل بلاده وحلف شمال الأطلسي (ناتو) في حرب البوسنة، وصوت ضدّ حرب الخليج عام 1991، إلا أنه أيّد دخول قوات بلاده العراق عام 2003، وعاد بعد ذلك وانتقد هذا القرار كما وقف بايدن في وجه روسيا في حربها ضد أوكرانيا ووصف الحرب بأنها غير شرعية، وأعلن دعم بلاده لأوكرانيا بالسلاح والعتاد بل وعمل على حشد التأييد والدعم المباشر من قبل الدول الأوروبية وتزويد أوكرانيا بالسلاح والأموال، الى دونالد ترامب الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري والذي يُعد واحدًا من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في الساحة السياسية الأمريكية، حيث اشتهر بمواقفه الشعبوية والحمائية والانعزالية والقومية والغوغائية التي أثرت في السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة ومن ضمنها حرب الحرب الروسية الأوكرانية والتي اعلن ترامب عن نيته خفض الدعم الذي تقدمه أمريكا لاوكرانيا بالإضافة الى فرض رسوم جمركية وضرائب أخرى على واردات بعض الدول لامريكا الامر الذي ينطبق تماماً على عنوان هذه المقالة ” العالم.. من السهُن الى الجهجهون” .
منذ ان اعلن فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الامريكية حتى بدأ المجتمع الدولي بالتخبط والارتباك والترقب لما سيقوم به ترامب تجاه كل دولة على حدى ومن خلال تصريحاته المتخبطة والمتناقضة “الجهجهونية” جعل كافة الدول تقف موقف المترقب بقلق دون ان تحرك ساكناً كما جعل الكثير منها في وضعية الدفاع عن النفس سواء اقتصادياً او حتى عسكرياً في بعض الحالات، وفي الواقع انها نفس الأهداف التي كان يسعى سلفه لتحقيقها ولكن.. بأسلوب مختلف اذ انها ذات الأهداف الصهيونية التي تسعى للسيطرة على كافة بقاع الأرض ونهب كافة ثرواتها فلطالما عمل بايدن على استدراج دول العالم للسير في ركبها واقناعها بان ذلك من صالحها وصالح شعوبها بحيث باتت الكثير منها تعتمد اعتماداً كلياً على الولايات المتحدة سواء عسكرياً او اقتصادياً الامر الذي مكن الإدارات الامريكية المتعاقبة من التحكم فيها بحيث لا تستطيع الحياد عن المسار الذي تحدده لها حتى لو كان ذلك يتعارض مع قناعاتها او حتى مصالحها الاستراتيجية العليا ولعل ما حدث مع فرنسا مثلا ومحاولاتها وقف اطلاق النار على لبنان والتي تعد منطقة نفوذ بالنسبة لها وبعد جهود مضنية تم التوصل الى اتفاق الا ان الكيان الصهيوني قد قام بخروقات عديدة دون ان تحرك فرنسا ساكناً، لطالما ضغطت الولايات المتحدة باتجاه توسيع دائرة منظمة التجارة العالمية وعلى مدى سنوات ليصرح ترامب بضرورة فرض رسوم جمركية وضرائب على السلع المستوردة من بعض الدول الامر الذي يتنافى كلياً مع معاهدات واتفاقيات منظمة التجارة العالمية كون هذه الضرائب في الوقت الحاضر تحقق للإدارة الامريكية بعض المكاسب المالية ثم تأتي إدارة خلفً للإدارة الحالية لتعود الى أسلوب الإدارة السابقة مرة أخرى وهكذا.. خطوة تلو أخرى ستجد تلك الدول واداراتها تعمل فقط لصالح الولايات المتحدة والصهيونية العالمية دون ان تستطيع معارضتها حتى وان كان ذلك في صالحها ف”السَهُن هنا والجهجهون ايضاً ممن لا امان.. ولا عهد لهم.