عروبة الإخباري – كتب طلال السكر –
في فضاء الإبداع التشكيلي والأكاديمي، تظهر الدكتورة، رويدا مصطفى الرافعي، كواحدة من الشخصيات اللبنانية البارزة التي جمعت بين الحس الجمالي العميق والبحث العلمي الرصين. فهي ليست مجرد فنانة تشكيلية ذات بصمة خاصة، بل أيضًا باحثة متعمقة في قضايا الفن والسياسة، ما يجعلها نموذجًا متكاملًا للفنان المثقف.
حصلت الدكتورة الرافعي على درجة الدكتوراه في الفن وعلوم الفن، وهي اليوم تُدرّس في كلية الفنون الجميلة والعمارة، حيث تنقل معرفتها وشغفها لطلابها، وتسهم في تشكيل جيل جديد من المبدعين. وإلى جانب دورها الأكاديمي، فهي عضو في الهيئة الإدارية لجمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت، كما تمثل الجمعية رسميًا لدى وزارة الثقافة، مما يعزز حضورها في المشهد الفني الوطني.
إسهامات الدكتورة رويدا لا تقتصر على الممارسة الفنية فقط، بل تتجاوز ذلك إلى البحث النقدي والتحليلي، حيث قدمت دراسات وقراءات تشكيلية معمّقة حول علاقة الفن بالواقع السياسي في المشرق العربي. تعكس أبحاثها التزامًا فكريًا وفنيًا بفهم تأثير التحولات السياسية على التعبير الفني، مما يجعل أعمالها ذات بعد فلسفي وإنساني.
قد لا يكون من المستغرب أن تكون الدكتورة رويدا قد استمدت تألقها ورؤيتها النقدية من سيرة والدها، العلامة، مصطفى الرافعي، الذي سبق عصره بفكره وثقافته العميقة. فالإبداع في عائلتها لم يكن مجرد موهبة، بل إرث فكري متجذر يُترجم في رؤى تشكيلية ومقاربات فنية تعيد صياغة الواقع في قالب جمالي يعكس الوعي والثقافة.
بهذه المسيرة المتميزة، تجمع الدكتورة رويدا الرافعي بين الإبداع والتفكير النقدي، الجمال والبحث، الفن والعلوم، مما يجعلها نموذجًا متفردًا للفنانة والباحثة التي لا تكتفي برسم اللوحات، بل ترسم أيضًا آفاقًا فكرية جديدة للفن التشكيلي في العالم العربي.