عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
هذه الآن ذكرى رحيل الباشا عبد الهادي المجالي، الذي رحل قبل سنوات إثر الإصابة بالكورونا، وبرحيلة فقد الأردن واحداً من أبرز رجالاته الذين تسلموا مواقع هامة مدنية وعسكرية ودبلوماسية، وقدم الكثير وظل يعتز كونه الجندي القائد الذي بلغ رتبة فريق أول.
أبو سهيل فقيد وسيظل كذلك لأن مكانه من الصعب أن يملأ، فقد كان وطنياً أردنياً بامتياز، لم يعرف المزايدة أو المناقصة ولم يكن يختفي او يغيب، أو ممن قالوا شغلتنا أموالنا وأهلونا، لقد كان حاضراً وقد رأينا ذلك حين كان الحشد الدولي على العراق وقبل غزوه وكيف تصرف رئيس مجلس النواب عبد الهادي المجالي آنذاك حين عقدت جلسة مشتركة للبرلمانيين الأردني والعراقي على الحدود في طريبيل.
كان عبد الهادي المجالي ، وحدوياً وكان يؤمن بالعروبة ويرغب في تجسيدها من خلال حل برلمان عربي موحد ممثلا الشعوب العربية ويرد عنها المخاطر بصيغة ديمقراطية لا تقبل المواربة.
استطاع وبالانتخاب أن يتزعم رئاسة مجلس النواب لتسع مرات متتالية، وأن يقود المجالس بحاله من القوة والحضور الملموس والاحترام لدى مختلف البرلمانات ومجالس التشريع العربية كافة والمرتبطة بعلاقات عربية مميزة دفعت باتجاه تعظيم استعمال صناديق الانتخاب وسيلة للبناء السياسي بدل التعيين وفرض الأمر الواقع والتغول .
نذكر عبد الهادي المجالي، في رحيله فنذكر به الإرادة القوية ومحبة الوطن والاخلاص له والتفاني في سبيله، ومع ذلك فانني اعتقد أنه رجل رحل مغبوناً لم يستوف حقه، وقد كتبت يوم رحيله أنه رحل مظلوماً، فقد حاولت أطرافاً أن تهمشه في سنواته الأخيرة وأن لا تمكنه من اداء دوره الذي آمن به، فقد كان يؤمن بضرورة استكمال البناء الديمقراطي في الأردن عن طريق الحزبية التي جربها وابدى العديد من الملاحظات على اسلوب التعامل معها واعاقتها وعدم تمكينها من اداء دورها او توصيف وظيفتها بأن تقوم من اجل أن تشكل روافع العمل السياسي، فقد ظل يؤمن أن لا ديمقراطية بلا أحزاب سياسية، وأن الأحزاب السياسية هي من يصنع البرلمان وهي التي تصنع تداولا للسلطة في إطار الحكومات التي يجب ان تكون منتخبة، وأن يتمتع الاردن بملكية دستورية تحدثت عنها برامج الإصلاح السياسي والتحديث السياسي والأوراق الملكية، ولكنها لم تنفذ ووضعت في الأدراج.
كان يقول بانتخاب رئيس الوزراء واعتبر كلامه مبكراً وسجّل عليه ذلك في زمن حكومة الرئيس علي أبو الراغب، ولم يجد دعماً كافياً سياسياً او لم تتوفر الإرادة السياسية، آنذاك للأخذ بهذا الرأي.
عمل دبلوماسياً، وكان سفيراً للأردن في الولايات المتحدة، وقد مكنه ذلك من الإطلاع على السياسة الامريكية 000 وقد كانت سفارته في زمن الرئيس رونالد ريغان، وكان صاحب رأي واضح ولم يهمه … ان كان الرأي شعبوياً أم غير ذلك، فقد كان يؤمن ان المصلحة الوطنية فوق الاعتبارات، ولذا لم يستطيع أن ينجز الكثير في حينه بسبب مواقف الحكومة التي يقودها الراحل مضر بدران، والذي كان يتحفظ على أفكاره التي نقلها.
كان وزيراً في حكومة عبد الكريم الكباريتي، وقد أعطي وزارة الأشغال ولكنه لم يتمكن من اخيتار غيرها.
لعب دوراً في إقناع الملك الحسين، بضرورة بناء حياة حزبية وقام بتشكيل حزب وعمل على تطويره ولم يتمكن من أن يحقق الأهداف التي توخاها، فقد جرى تهمش الحياة الحزبية ولم تهتم الجهات الرسمية حين قرر أن يخرج من الحزب، مدللاً أنه لم تكن هناك جدية في العمل الحزبي الذي وصل الى الجدار.
ورغم الاشاعات التي رافقت مسيرته للنيل منه، فقد رحل الرجل مديوناً، واضطر أن يبيع بيته ليسدد للبنك الأردني الكويتي ديونه، كما أنه تعالج حين مرض ولفترة طويلة في لندن على حسابه بمبالغ طائلة، دون أن تسدد عنه، رغم انه كان ضابطاً متقاعداً في موقع رئيس أركان، وبرتبة فريق.
رحم الله أبا سهل، فقد كان رجلاً مميزاً، تحمل الإساءة وظل. مثابراً نشيطاً الى آخر يوم في حياته رغم المرض الذي اقعده عن كثير من أدواره في السنوات الأخيرة قبل رحيله