عروبة الإخباري –
قنا – ميساء عبد الخالق –
ينتظر اللبنانيون تشكيل حكومة الدكتور نواف سلام بعد تكليفه في يناير الماضي، من أجل حل الأزمات السياسية والاقتصادية المتراكمة في البلاد، وإنفاذا لخطاب القسم الذي أرسى فيه الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون خارطة طريق لإرساء دولة القانون والمؤسسات .
ويأمل اللبنانيون تشكيل حكومة وطنية بعيدا عن المحاصصة الطائفية والحزبية بعد سنوات من المعاناة من الواقع الاقتصادي، بعد أسوأ أزمة اقتصادية ومالية تشهدها البلاد منذ أواخر عام 2019.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور نواف سلام رئيس الحكومة اللبنانية المكلف أنه على تواصل دائم مع الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون ومع النواب، ولن يتراجع عن أي من المعايير التي حددها لتشكيل حكومته وهي فصل النيابة عن الوزارة، مراعاة الكفاءات الوطنية، عدم ترشح الوزراء فيها للانتخابات البلدية أو النيابية، ولا تمثيل فيها للأحزاب، داعيا إلى محاسبته في حال أخل بهذه المعايير.
وأعلن سلام أن حكومته ستكون من 24 وزيرا، مؤكدا أن ليس هناك من وزارة حكرا أو ممنوعة على طائفة، آملا في تشكيل حكومة في وقت قريب تحظى بثقة اللبنانيين التواقين إلى الإصلاح، من أجل انتشال لبنان من أزماته العميقة والحادة، واستعادة رصيده العربي وحشد الدعم الدولي له.
وفي هذا السياق، أكد النائب الدكتور ميشال موسى عضو كتلة التنمية والتحرير، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية ” قنا”على أهمية تأليف الحكومة في أسرع وقت، من أجل بدء العمل على ملفات متراكمة منذ فترة طويلة.
وشدد النائب موسى على ضرورة أن تجد الحكومة حلا للأزمات المتراكمة في لبنان، منها ما هو مستجد وهي الحرب الإسرائيلية على لبنان التي خلفت الدمار والخراب في البنية التحتية والمنازل، وهو ما يتطلب خطة لإعادة إعمار القرى والبلدات وهو أمر أساسي لعودة الأهالي إلى بيوتهم، إلى جانب ملفات عالقة منذ فترة، وأبرزها الموضوع الاقتصادي والمالي في لبنان، حيث يتوجب على الحكومة اتخاذ إجراءات من أجل استعادة لبنان عافيته اقتصاديا وماليا.
وأشار في هذا السياق إلى مدخرات اللبنانيين في البنوك، حيث يتوجب حل هذه المسألة واستعادة القطاع المصرفي نشاطه الطبيعي.
وشدد على ضرورة العمل على تنمية القطاعات الإنتاجية وتحديث الإدارة، إلى جانب ضرورة عمل الحكومة على ملف النزوح السوري الذي يشكل عبئا على الوضع الاقتصادي المترهل في لبنان، كما أكد أهمية إرساء الاستقرار والأمن وهو ما يعطي فرصا أكبر لخلاص لبنان من أزماته المتراكمة.
ولفت النائب موسى إلى أهمية عودة الاستثمارات إلى لبنان وتعزيز العلاقات مع الدول الصديقة، بما يساهم أيضا في إعادة الدورة الاقتصادية إلى ما كانت عليه سابقا.
ومن جهته أكد الدكتور خالد زهرمان النائب السابق، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية “قنا” أنه يتوجب على الحكومة الجديدة القيام بالإصلاحات اللازمة من أجل حصول لبنان على المساعدات الدولية.. موضحا أن لبنان لن يستطيع الحصول على هذه المساعدات التي تساعده على الخروج من أزماته الاقتصادية والمالية المتراكمة دون دعم المجتمع الدولي.
وشدد زهرمان على ضرورة القيام بإصلاحات حقيقية للاستفادة من المساعدات من الدول التي أعلنت عن نيتها مساعدة لبنان شرط قيامه بالإصلاحات، وأكد أنه يتوجب على الحكومة أيضا إيجاد حل لأزمة القطاع المصرفي وودائع اللبنانيين، إلى جانب اهتمام الحكومة بسلسلة الرتب والرواتب، في ظل تدني قيمة الرواتب والأجور بعد انهيار قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار.
وأكد على ضرورة إعطاء الحكومة الجديدة أولوية للاستراتيجية الدفاعية وحصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، مع تفرد الجيش اللبناني بحمل السلاح فقط دون غيره.
كما شدد على ضرورة الاهتمام بملف إعادة إعمار القرى والبلدات التي تم تدميرها بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان.
ويؤكد مراقبون أنه يتوجب على الحكومة الجديدة ترجمة خطاب القسم الذي أعلنه الرئيس اللبناني فور انتخابه والذي شكل خارطة طريق، ومنها حصرية السلاح بأيدي الدولة وإعادة إعمار ما خلفه العدوان الإسرائيلي، وإعادة إحياء دولة القانون والمؤسسات من خلال تغيير الأداء السياسي، إلى جانب تعزيز علاقات لبنان مع الدول العربية.
وأكدت مصادر رسمية لبنانية أن لبنان يعتزم تطبيق الإصلاحات المطلوبة وهو المسار الذي ستسلكه الحكومة الجديدة، حيث أبلغ الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان، السيد عمران ريزا، خلال استقباله له قبل أيام، أن الإصلاحات ستكون من أولويات الحكومة الجديدة فور تشكيلها، لأن لبنان ملتزم بإجراء هذه الإصلاحات لتحقيق النهوض المرتجى، وأكد أن لبنان مستعد للتعاون مع منظمات الأمم المتحدة تحقيقا لهذه الغاية.
وكان السيد ريزا أشار إلى أن الأمم المتحدة في حالة جهوزية بكافة أجهزتها، لمساعدة لبنان على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، كما أوضح أن خبراء المنظمات، وفقا لاختصاصاتهم، يمكنهم المساهمة مع المسؤولين وصناع القرار في لبنان لدعم هذه الجهود، بهدف تمكين لبنان من الاستفادة من التمويل المخصص لذلك.
وتطرق إلى الأضرار التي لحقت بلبنان نتيجة العدوان الإسرائيلي الأخير، لافتا إلى إمكانية الحصول على قرض سريع بقيمة 250 مليون دولار، وهو المبلغ الذي تم تحديده بناء على التقييم الذي أجرته الأمم المتحدة لحجم هذه الأضرار.
وكان جرى في الثالث عشر من يناير الماضي، تكليف الدكتور نواف سلام برئاسة الحكومة اللبنانية بعد الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون، وقد نال سلام 84 صوتا مقابل 9 أصوات لنجيب ميقاتي، و35 نائبا لم يسموا أحدا من أصل 128 نائبا عدد أعضاء البرلمان الذين يشكلون 16 كتلة برلمانية.
وأجرى سلام مع الكتل النيابية استشارات نيابية غير ملزمة، عبر الاجتماع بجميع النواب والاستماع إلى آرائهم ومطالبهم، حول شكل الحكومة وأسماء الوزراء وتوزيع الحقائب وغيرها من التفاصيل المتعلقة بالتشكيل، في حين يجري الرئيس المكلف مشاورات مع رئيس الجمهورية حول الحكومة التي تشكل بمرسوم يوقع من قبل كل من رئيس الحكومة والرئيس.
ولابد من الإشارة إلى أنه لا يوجد أي نص في الدستور يحدد لرئيس الحكومة مهلة يجب عليه خلالها إتمام عملية التأليف، وجاء تكليف سلام بتشكيل الحكومة بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية اللبنانية في التاسع من يناير الماضي، بعد فراغ رئاسي استمر أكثر من عامين، وقد نال الرئيس عون 99 صوتا من أصل 128 نائبا.