عروبة الإخباري –
يمر لبنان بمنعطف حاسم سيحدد مستقبله بناءً على قرارات جوهرية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، إضافة الى ظهور قيادة جديدة في بيروت وتراجع نفوذ حزب الله وإيران، تبرز فرصة تاريخية لإعادة بناء الدولة اللبنانية على أسس حديثة تضمن الاستقرار والتنمية المستدامة.
حزب الله في مواجهة متغيرات جذرية
أدت الحرب الأخيرة إلى تآكل نفوذ حزب الله بشكل غير مسبوق، حيث فقد جزءًا كبيرًا من ترسانته العسكرية وتعرضت بنيته التحتية لضربات قاصمة. كما أن فقدانه لعدد من قياداته المؤسِّسة أثّر بشكل كبير على قدراته التنظيمية.
وكان حزب الله يعتمد على دوره في ردع إسرائيل وترسيخ نفوذ إيران في المنطقة، غير أن حرب 2024 أضعفت هذا الدور إلى حد كبير. وأدى استمرار التواجد الإسرائيلي في جنوب لبنان إلى فرض واقع جديد يعزز الضغوط على الحزب ويدفعه نحو الاعتراف بتراجع قدراته الاستراتيجية.
الإصلاحات العميقة: مفتاح استعادة الدولة
مما لا شك فيه إن استعادة هيبة الدولة اللبنانية تتطلب إصلاحات شاملة وجذرية في كافة القطاعات، بدءًا من مكافحة الفساد وصولًا إلى تعزيز الحكم الرشيد وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، إلا أن نجاح هذه الإصلاحات يظل مرهونًا بالقضاء على البنى الموازية التي تقوض سلطة الدولة وتضعف مؤسساتها.
يرى الخبراء أن تحسين الإدارة العامة واستعادة تقديم الخدمات الأساسية يشكلان ركيزة أساسية لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطنين. ومع ذلك، فإن هذه الجهود ستظل محدودة الفعالية طالما استمر حزب الله في فرض أجندته السياسية والعسكرية على الدولة اللبنانية، مما يعوق تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
التحديات والرهانات المستقبلية
يجد لبنان نفسه أمام خيار استراتيجي حاسم: إما المضي قدمًا نحو إصلاحات جوهرية بدعم إقليمي ودولي، أو الاستمرار في دوامة الأزمات السياسية والاقتصادية التي أضعفت الدولة لعقود، وعلى إن نجاح هذه المرحلة يتطلب قيادة قوية قادرة على اتخاذ قرارات جريئة تعيد للبنان مكانته الإقليمية والدولية.
مع تراجع نفوذ حزب الله وتفاقم الأزمات الاقتصادية، تبدو الفرصة سانحة لإعادة بناء لبنان وفق رؤية حديثة ومستدامة. لكن تحقيق ذلك يستوجب إرادة سياسية صلبة وتعاونًا وثيقًا بين القوى الوطنية والدولية لضمان مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للبلاد.