عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –
ظل عباس زكي في القيادة الشرعية التي تمثلها منظمة التحرير الفلسطينية يمثل صوت العقل والتوازن والموضوعية.
فأبو مشعل، لا يتحدث لغتين متناقضتين وانما يلزم الخط الوطني القائم من مرحلة التحرير الوطني لأنه يدرك بالممارسة والقول أن شعبنا ما زال في مرحلة التحرير، وأنه لم ينل استقلاله الحقيقي ولم تقم دولته المستقلة، ولذا فانه في مواقفه وتصريحاته لا تأخذه الشعارات بالاثم ولا يبني على رمال .. وانما يعتقد أن الصراع القائم مع العدو سوف يظل قائما تستعمل فيه كل الوسائل لإنجاز الاستقلال والتحرير.
من هنا نفهم تصريحات أبو مشعل الأخيرة عن حالة غزة عشية القرار بوقف الحرب، واعتبار أن ما أنجزه الفلسطينيون في غزة من صمود وبسالة وتضحيات ، هو انتصار يصب في حلقات الصراع الأساسية التي تقرب يوم الحرية.
يميّز عباس زكي نفسه بموقف يستطيع فيه ان يحاور وأن يحتفظ بتاييد شعبه لهذا الموقف، فهو لا يخجل من إعلان موقفه الوطني ولا يختبئ خلف إصبعه ولا يرطن بعبارات غير مفهومة او معربة.
ليس أبو مشعل وحيداً في هذا السياق من القيادات الفلسطينية العديدة وحتى فتح، وإنما يشاركه كثيرون بموقفه سواء اعلنوا ذلك بشكل واضح أم مارسوا الموقف واحتفظوا بالتصريحات، ولكنه الأوضح ما بين القيادات الفلسطينية في التعبير عن رأيه، وهذا ما جلبه ويجلب له غضب الاحتلال ومحاولات استدعائه والتحقيق معه، كما كان قبل أسابيع قليلة، حين رفض ذلك واصر على موقفه.
يدرك عباس زكي أن مصداقية المناضل هي كشرف العذراء وانه لا يحق للمناضل أن يدخل في مناورات سياسية ويلتف باغطية لا يتحملها الموقف الوطني حين يكون الوضوح والشفافية هو وقود العمل الوطني و سماته الأساسية.
نستطيع ان نقرأ القائد عباس زكي وهو عضو قديم في اللجنة المركزية لحركة فتح ومن قياداتها المبكرة، كما أنه تولى أكثر من مهمة أساسية، و ملف وقد حافظ على الاستقامة وحسن الإنجاز وخاصة في ملفات العلاقات العربية وملف دول عدم الانحياز، وتحديداً مع الصين.
وظل صوت عباس زكي مسموعاً ومرتفعاً ومفهوماً فيي مواجهة الانقسام الفلسطيني وامراض الانقسام واعراضه، وهو يعتبر الانقسام من المصائب التي لا بد للشعب الفلسطيني أن يتجاوزها ويتخطاها مهما كان الثمن.
ظل أبو مشعل، يرى أن التنازل داخل الحركة الوطنية لصالح الموقف الوطني الأشمل والأعم لا يعتبر تنازلاً أو تفريطاً، طالما ظل يصب في خدمة الوحدة الوطنية ووحدة الصف والهدف، وبالمقابل ظل يعتبر الانقسام .. في الجسم الوطني الفلسطيني، احد مظاهر الضعف وتراجع التقدير القومي والعالمي للحركة الوطنية الفلسطينية.
جالسته أكثر من مرة واستمعت اليه في حديث طويل في منزل السيد عبد الحي المجالي، وأيضاً في منزل السيد كمال العرموطي ويحضورشخصيات عامة منها أمجد هزاع المجالي..واشتيوي الجمعاني ءوغيرهم.
يتقبل القائد عباس زكي وجهات النظر، ولكنه يعتبر أن القضية الوطنية الفلسطينية ليست وجهة نظر، وأن الذين يحاولون أن يجعلوا منها وجهة نظر من خلال ارتجالهم ومواقفهم الزائفة وخذلانهم للمناضلين وسلقهم بالادانة والنقد والنيل من بطولاتهم، إنما يؤسس للهزيمة والنتائج السلبية.
احتفاء عباس زكي بانتصار الغزيين الذين ضحوا تضحيات جسيمة وصموداً أسطورياً، هذا الموقف يتجانس مع موقف الأغلبية المطلقة الفلسطينية ومع الموقف الدولي الحرّ الذي كشف العورات الاسرائيلية وطبيعة العدوانية الاسرائيلية التي مارست الابادة ضد الشعب الفلسطيني وما زالت، ولكن هذا الشعب العظيم لم يرفع راية بيضاء ولم يستسلم، فالفلسطينون لديهم اكفان بيضاء ولكن ليس لديهم رايات بيضاء.
ما سمعته من عباس زكي أنا وغيري يستحق عليه التقدير، فمواقفه شجاعة لا تقبل المداهنة ولا تبيع في المنعطفات ولا تصنع فلسفة التبرير التي رأيناناها تنهار أكثر من مرة، وتكون نتائجها الهزائم والخذلان.
لم يغادر عباس زكي مربع الوطنية في فتح ولا مرجع الوطنية في عموم الحركة الوطنية الفلسطينية، ومظلة منظمة التحرير الفلسطينية، وان كان غادرها الكثيرون دون ان يدركوا سوء العورات وانفضاح النوايا والمقاصد