عروبة الإخباري – كتب : اشرف محمد حسن
وافق مجلس النواب الأمريكي مؤخراً على فرض عقوبات ضد المحكمة الجنائية الدولية ردا على إصدارها مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي النتن ياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، على خلفية الحملة الإسرائيلية في قطاع غزة وجاء التصويت بأغلبية 243 صوتا مقابل 140، لصالح مشروع قانون “مكافحة المحكمة غير الشرعية”، الذي يهدف إلى معاقبة أي أجنبي يحقق أو يعتقل أو يحتجز مواطنين أمريكيين أو من دول حليفة غير أعضاء في المحكمة، بما فيها الكيان الصهيوني .
وشهد المشروع دعما من 45 نائبا ديمقراطيا إلى جانب 198 نائبا جمهوريا، فيما لم يعارضه أي نائب جمهوري النائب برايان ماست، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، اعتبر في كلمته قبل التصويت أن القانون يمثل دعما لإسرائيل، واصفا المحكمة الجنائية الدولية بأنها “صورية” تسعى لاستهداف قادة دولة حليفة للولايات المتحدة ويعد هذا التصويت أحد أول الإجراءات التشريعية للمجلس منذ بدء الكونغرس الجديد مهامه الأسبوع الماضي، وهو يعكس الدعم القوي للحكومة الإسرائيلية بين الجمهوريين بعد سيطرتهم على مجلسي الكونغرس .
وأكد الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ جون ثون عزمه تسريع دراسة القانون ليوقعه الرئيس المنتخب دونالد ترامب قريبا بعد توليه منصبه في 20 كانون الثاني/يناير .
ومن جانبها فقد دافعت المحكمة الجنائية الدولية، التي أنشئت لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، عن قراراتها، مؤكدة أنها تستند إلى أدلة كافية لمنع استمرار الجرائم الجارية وهاجم الجمهوريون في الكونغرس المحكمة بشدة منذ إصدارها مذكرتي الاعتقال بحق المسؤولين الإسرائيليين، متهمين إياها بالتحيز والجدير بالذكر أن مجلس النواب كان قد أقر هذا القانون في وقت سابق خلال حزيران/يونيو كإجراء احترازي، لكنه لم يطرح للتصويت في مجلس الشيوخ بسبب سيطرة الديمقراطيين عليه آنذاك .
وكان وزير خارجية الكيان الصهيوني جدعون ساعر قد صرح خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية التشيكي يان ليبافسكي خلال زيارة لبراغ ” في 28/نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي 2024 م حيث قال : أعتقد أن واشنطن ستصدر قريبا جدا تشريعا ضد المحكمة الجنائية الدولية وكل من يتعاون معها” في تحدي وتهديد واضح للمجتمع الدولي وبكافة هيئاته بل وكافة دوله.
وتعقيباً على ذلك دعا جوزيب بوريل آنذاك مسؤول السياسة الخارجية قبيل انتهاء ولايته بالاتحاد الأوروبي جميع الدول الأعضاء إلى احترام قرارات الجنائية الدولية بما في ذلك مذكرة الاعتقال الصادرة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حيث قال بوريل : “لا يمكننا تقويض المحكمة الجنائية الدولية. إنها الطريقة الوحيدة لتحقيق العدالة العالمية” وأردف: “إنها ليست سياسية. إنها هيئة قانونية شكّلها أناس محترمون هم الأفضل بين القضاة” .
وعلى الرغم من أن “إسرائيل” لم توقع على النظام الأساسي للمحكمة الا نها أنها استأنفت قرار المحكمة الجنائية الدولية في متناقضة غريبة ومحاولة للتخفيف من سوء صورتها وخداع المجتمع الدولي مجدداً .
وكان نواب جمهوريون بمجلس الشيوخ الأميركي قد قاموا بتهديد وتحذير، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان ان إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الصهيوني النتن ياهو ومسؤولين صهاينة آخرين، حيث توعدوه بمواجهة عقوبات ثقيلة إذا ما أقدم على ذلك ونشر موقع “زيتيو” للصحفي البريطاني المستقل مهدي حسن، فحوى رسالة تهديد أرسلها 12 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ، من بينهم توم كوتون وماركو روبيو وتيد كروز، إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية خان .
اهم ما جاء فيها أنه في حال إقدام المحكمة الجنائية الدولية على إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ومسؤولين صهاينة آخرين، فإن الخطوة ستعتبر تهديدا ليس فقط لسيادة “إسرائيل”، ولكن لسيادة الولايات المتحدة أيضا، مما ستترتب عليه عقوبات ثقيلة وفق الرسالة وهدد النواب في رسالتهم المدعي العام خان بالقول “إذا استهدفت إسرائيل، فسنستهدفك” كما هددوا بفرض عقوبات على موظفي خان وشركائه، وبحظر دخول المدعي العام وعائلته إلى الولايات المتحدة وختم أعضاء مجلس الشيوخ رسالتهم الموجهة للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بعبارة “لقد تم تحذيرك” .
من جهتها، طالبت المحكمة الجنائية الدولية آنذاك بوقف المساعي الرامية لتقويض استقلاليتها وإعاقة عمل مسؤوليها أو تخويفهم أو التأثير عليهم كما طالب مكتب المدعي العام للمحكمة في بيان أصدره عقب تلك التهديدات بالتوقف عما وصفه بترهيب العاملين في المحكمة، قائلا إن “مثل هذه التهديدات قد تشكل جريمة بحق المحكمة المختصة بجرائم الحرب” وأشار إلى أن نظام روما الأساسي، الذي يحدد هيكل المحكمة ومجالات اختصاصها، يمنع هذه التصرفات وإسرائيل والولايات المتحدة ليستا عضوين في المحكمة، ولا تعترفان بولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية وبإمكان المحكمة محاكمة أفراد على مزاعم بارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو إبادة جماعية .
وفي أغسطس/آب الماضي طلب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية كريم خان من القضاة البت بشكل عاجل في أوامر الاعتقال، وقال “أي تأخير غير مبرر في هذه الإجراءات يؤثر سلبا على حقوق الضحايا”، وأكد أن المحكمة تتمتع بالولاية القضائية على الإسرائيليين الذين يرتكبون جرائم وحشية في الأراضي الفلسطينية، وطلب من قضاة المحكمة رفض الطعون التي قدمتها عشرات الحكومات والأطراف الأخرى وقال خان في طلبه للمحكمة “من الراسخ قانونا أن المحكمة تتمتع بولاية قضائية في هذا الموقف”، رافضا الحجج القانونية القائمة على أحكام في اتفاقيات أوسلو وتأكيدات إسرائيل بأنها تجري تحقيقات فيما يثار عن ارتكابها جرائم حرب ويقول مدّعو المحكمة الجنائية الدولية إن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية .
واذكر هنا بمحاولة اقصاء مدعي عام الجنائية الدولية من خلال محاولة لتشويه سمعته اذ انه وخلال شهر تشرين ثاني/ 2024م فقد قالت المحكمة الجنائية الدولية في بيان يوم 11/11/2024 م ، فقد قالت رئيسة هيئة الرقابة على المحكمة الجنائية الدولية بايفي كوكورانتا آنذاك (((إن الضحية المزعومة لم تقدم طلبا لإجراء تحقيق حتى الآن لأن حالتها لا تسمح بذلك))) وإنها ستفتح تحقيقا موضوعيا مع المدعي العام الرئيسي لديها كريم خان بتهمة سوء السلوك الجنسي، وهي تهمة نفاها خان عن نفسه وقال خان في بيان “أحطت علما بالبيان الذي أدلت به اليوم رئيسة جمعية الدول الأطراف” في المحكمة الجنائية، مؤكداً أنه طلب بالفعل فتح تحقيق في المسألة وأضاف أنه سيواصل مهمته الرئيسية في الإشراف على التحقيقات في جرائم الحرب، بما في ذلك الحرب الدائرة بقطاع غزة في حين سيتعامل نوابه مع أي قضايا ذات صلة بالتحقيق المرتقب معه وهذا ما يشير الى انها كانت محاولة للضغط عليه او اقصائه .
باختصار وافقت الصهيونية العالمية في الأصل على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية وذلك لخدمة مصالحها بالسيطرة على العالم وكل من يعارض مصالحها تجرى مسرحية لادانته منها لتقوم بعد ذلك باحتلال تلك الدولة وتشكيلها وفق ما يخدمهم او تشكيل نظامها للانصياع الكامل لمرياعها (أمريكا) والسير كالخراف وراء المرياع وفي حال طالت المحكمة الكيان الصهيوني تعاقب المحكمة ومن ينفذ قراراتها وقد يصل الامر الى الغاء المحكمة او كافة هيئات المجتمع الدولي وبالنسبة لهم لا حقوق لباقي البشر ولا عدالة تتعارض مع مصالحهم فهم من لا امان.. ولا عهد لهم..
لا عهد لهم.. معاقبة العدالة
9
المقالة السابقة