أعلنت الحكومة عن مجموعة من القرارات الاقتصادية التي تهدف إلى تحفيز الطلب الكلي، من خلال استهداف قطاع المركبات الذي يعتبر أحد القطاعات الحيوية في الاقتصاد الوطني.
هذه القرارات تأتي في وقت حساس تحاول الحكومة به معالجة التحديات الاقتصادية الناتجة عن مجموعة من قرارت سابقة لم تكن مدروسة بعناية.
أحد أبرز التعديلات التي أُعلنتها الحكومة تتعلق بالضرائب الخاصة على المركبات الكهربائية، حيث اعتمدت الحكومة آلية تدريجية لتطبيق الضريبة على مدى ثلاث سنوات بدلاً من تطبيقها دفعة واحدة كما كان مقرراً في البداية. هذا التدرج في تطبيق الضرائب على المركبات الكهربائية له دور كبير في تحقيق استقرار الطلب على هذه المركبات، بما يتيح للمواطنين والمستوردين التكيف مع التغيرات في الأسعار. من الناحية الاقتصادية، إن تطبيق هذه السياسة بشكل تدريجي يخفف من الضغط المالي على المواطنين، مما يعزز من استقرار الطلب الكلي على المدى القصير ويشجع على التحول التدريجي نحو السيارات الكهربائية.
فيما يخص المركبات التي تقل قيمتها عن 10 آلاف دينار، ثبتت الحكومة الضريبة عند 10% في عام 2025، على أن ترتفع تدريجياً إلى 15% بحلول عام 2027. هذا التدرج في تطبيق الضرائب يساهم في خلق توازن بين تحقيق الإيرادات الحكومية وتوفير حوافز للمستهلكين لاقتناء المركبات الكهربائية. أما بالنسبة للمركبات التي تتراوح قيمتها بين 10 آلاف و25 ألف دينار، فستكون الضريبة عليها 30% عام 2025، وترتفع إلى 40% في 2027. بينما المركبات التي تزيد قيمتها عن 25 ألف دينار، ستكون الضريبة عليها 40% في عام 2025، وترتفع تدريجياً إلى 55% في 2027. هذه السياسات تستهدف تحقيق العدالة الضريبية بين مختلف فئات المركبات وتحفيز الطلب على المركبات ذات القيمة الأقل.
من جانب آخر، عملت الحكومة على تعديل آلية احتساب رسوم ترخيص المركبات، حيث تم اعتماد قيمة المركبة قبل الجمارك كأساس لاحتساب الرسوم بدلاً من سعة المحرك. هذه الخطوة تمثل تحولاً اقتصادياً موازياً لتحولات الصناعة العالمية، حيث أصبح من غير المناسب استخدام سعة المحرك كأساس لاحتساب الرسوم في ظل التطورات التي شهدتها تكنولوجيا السيارات. زيادة رسوم الترخيص للمركبات التي تستهلك الوقود التقليدي، وخصم الرسوم على المركبات الكهربائية والهجينة، يسهم في تشجيع المواطنين على شراء المركبات الموفرة للطاقة وتعزيز الاستدامة البيئية، ويزيد من حوافز الاستثمار في السيارات الكهربائية والهجينة.
من الناحية الاقتصادية، يُتوقع أن يؤدي هذا التحفيز إلى تحفيز الطلب الكلي من خلال تعزيز قدرة المواطنين الشرائية، حيث ستزداد نسبة الاستهلاك على المركبات الصديقة للبيئة. إن زيادة الطلب على السيارات الكهربائية والهجينة سيرتبط بزيادة الطلب على البنية التحتية ذات الصلة مثل محطات الشحن، وصيانة السيارات، وهو ما سيحفز القطاعات المختلفة التي تعتمد على هذه الصناعات.
من جانب آخر، هذه القرارات ستدفع نحو تعزيز الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة، حيث يُتوقع أن تشهد المملكة زيادة في محطات شحن المركبات الكهربائية والتوسع في شبكات الطاقة النظيفة. من خلال ذلك، ستدعم الحكومة الاقتصاد الأخضر، الذي يمثل أحد الحلول الحيوية لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية في الوقت ذاته. وتشير الدراسات الاقتصادية إلى أن تشجيع الاستثمارات في الطاقة المتجددة يعزز من النمو الاقتصادي المستدام ويوفر فرص عمل جديدة في مجالات جديدة، مما يساهم في تحقيق تحسن مستدام في الاقتصاد الوطني.
يمكن القول إن هذه السياسات تأتي ضمن خطة استراتيجية لتحفيز الطلب الكلي ودعم الاقتصاد الوطني من خلال تخفيض الأعباء المالية على المواطنين والمستثمرين، وتعزيز التوجه نحو الاقتصاد الأخضر والمستدام. وعلى الرغم من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى انخفاض الإيرادات الحكومية على المدى القصير، فإن الفوائد الاقتصادية على المدى الطويل ستساعد في دفع الاقتصاد الوطني نحو النمو المستدام. النجاح في تطبيق هذه السياسات يتطلب التنسيق المستمر بين الحكومة والمواطنين والمستثمرين لضمان تحقيق أهداف الاقتصاد الوطني وتحقيق العدالة الاقتصادية والتنمية المستدامة.