عروبة الإخباري -سلطان الحطاب
السفير الفلسطيني عطا الله خيري محمود أحمد، سفير فلسطين في المملكة الأردنية الهاشمية منذ العام 2006، وقد كان عين بقرار من الرئيس الراحل ياسر عرفات، للعمل في سفارة دولة فلسطين في عمان، أبو علاء وهي الكنية التي يحب أن ينادى بها، فجع قبل أيام بفقده لولده علاء الذي كان في قطر حين توفي وقد عاد جثمانه الى عمان ليدفن فيها.
أبو علاء له أصدقاء كثيرون عبرّوا عن مواساتهم لفقد علاء وتدفقوا للتعزية في منزله (بيت فلسطين) كما حضرت شخصيات أردنية نافذة رأيت منهم، رئيس الديوان، رؤساء وزارات سابقين ومسؤولين كبار ووزراء، كما زار بيت العزاء عديد من السفراء العرب والأجانب وشخصيات فلسطينية قيادية وقد كان الرئيس محمود عباس في مقدمة المعزين وأولهم.
عطا الخيري شخصية وطنية إيجابية بسلوكه وأخلاقه وحبه للناس والوقوف معهم ومساعدتهم، وقد كان موقع تقدير واحترام دائم من الرئيس ياسر عرفات، الذي رقاه الى مدير عام 2005، وظل يذكره ويذكر له دوره وكفاءته، كما ظل الرئيس محمود عباس يرى في السفير الخيري حلقة وصل فاعلة في موقع السفارة الهامة في عمان، وظل يحفظ له دوره ويبقيه في موقعه تقديرا لإدارته منذ عام 2006، أيّ منذ (18) سنة.
وهي من المرات القليلة التي يمكن لسفير أن يبقى فيها في منصبه
ولدى الدولة المضيفة (الأردن) ظل السفير عطا، موقع ترحيب وتقدير الخارجية الأردنية ومن الديوان الملكي، والدوائر الرسمية التي تعامل معها، وقد وصف بالصدق والالتزام واحترام الأنظمة والقوانين، وعمل على أن تظل العلاقات دافئة ومتصلة ومتطورة، في كل المناسبات
كان أبو علاء موجوداُ، لا يقعده الا المرض (الذي قال عنه علي بن ابي طالب لايقهر الرجال إلا المرض )أو مراجعة الطبيب، وكان رجل مهمات متعددة وسعى بالخير والموّدة والمصالحة، كما كان مستمعاً جيداً لأصحاب الحاجة وغيرهم، لا يرد أحد صاحب شكوى أو حاجة خائباً، فقد كان يبذل أقصى جهده حتى في الظروف الصعبة
الكثيرون من الذين قصدوا السفارة أو راجعوها، وقد رأينا عظم جنازة نجله علاء ردا على مكانته ببيت الناس
كنت اثق فيه، فقد كان حلقة وصل محترمة وناجحة مع فخامة الرئيس محمود عباس
لم يسجل عليه في حياته الدبلوماسية الطويلة، كمناضل وطني فلسطيني أي تجاوزات أو تعصب أو تفريق بين ابناء الشعب الفلسطيني على مختلف انتماءاتهم، فقد كان جامعاً غير مفرق وكان ودوداً كريماً.
عندما كنت أشعر بضروة إيصال ايّ فكرة صحفية او فكرية او موقف، كان السفير عطا، يقدم الخدمة بترحاب وحرص ونقل أيّ رسالة الى رام الله، وكان يقرب الشخصيات المختلفة الى الرئيس، ويحرص على ذلك، بل ويسعى ليظل حبل المودة قائماً وتأييد القضية مستمراً خاصة في أوساط الشعب الأردني شقيق الشعب الفلسطيني التؤام، واكثر الشعوب العربية التزاما بالقضية الفلسطينية وأقربهم اليها واخلصهم في العمل من أجلها، كان موقع ثقة أردنية دائماً، وقد رأيته في أكثر من مناسبة يحرص كل الحرص على أن يكون عمله منذوراً للقضية التي امن بها والتي أجمع الناس عليها.
لا يحب السفير ابو علاء عطا، المظهريه ولا تغريه وسائل الإعلام وكان دائماً يترك لأصحاب التخصص والمهتمين في المجال ليعبروا عما يرونه مناسباً، فلم يكن يسلب جهد أحد أو ينسب لنفسه غير عمله اوانجازه، ومن هنا كان عدد محبيه واصدقائه يتزايد ويتعاظم.
أمس وأنا أعزيه، شعرت بحزن غامر لم أحس بمثله، فهذا الرجل قليل الكلام صابر ومؤمن ومقدر لكل عمل، لا يتجاوز الواجب بل يكرسه دائما ويتمنى لأي خدمة تقدم من أجل قضيته فلا ينشغل بالخاص عن العام، ولم يسجل عليه من اصدقائه وغيرهم أي سلوك من المحاباة أو التميز أو التقصير
في هذا اليوم الصعب يوم رحيل “علاء” تلهج السنة اصدقائك يا أبا علاء بالرحمة وغفران الذنوب، ونتقدم جميعا لتعزية فخامة الرئيس محمود عباس، الذي كان ينزل عطا الخيري المنزلة التي تليق به.
وشكر الله سعيكم وعظم الله أجركم والبقية في عمرك يا أبا علاء.