ترامب ونتياهو: ماضياً ومستقبلاً؟* د. أسعد عبد الرحمن

ثمة تشابهات كبيرة في ثناياطبقات أعماق شخصيتي كل من ترامب ونتنياهو.فالرئيس السابق و (القادم) ترامب يجاهر بكراهيته لغير الأمريكيين ولربما لعديد الأمريكيين. أما نتنياهو وبعد أن كشف عن مبادئه، المستندة حقيقة الى مضامين تلموذية محرفة، فيكاد يجاهر بكراهية «الأغيار» (أي جميع غير اليهود) وأيضاً لعدد متزايد من اليهود العلمانيين –المتنورين!كما أن عشق المال وبالتالي الاغنياء مترسخ في الطبقات الجوانية لهاتين الشخصيتين.كذلك، هما يشتركان في نزعات قوية ذات مضامين استعلائية وقومية متطرفة. وقد تأكد من واقع التجربة أنهما لا?يقيمان وزناًلكل ماهو دستوري ومؤسساتي ولبرالي ديمقراطي.بل انهما يؤمنان بدور الفرد (أقرأ: الزعيم) الذي يتمتع بصلاحيات لا ضوابط لها، وبالتالي نجحا في تهميش المؤسستين اللتين صعدا باسميهما (الحزب الجمهوري في حالة ترامب وحزب الليكود في حالة نتنياهو). أخيراً وليس آخراً، يجمعهما ايمانهما بأن «وظيفة» الاعلام هي في جعله سلاحاًبأيديهم مهمته، دون أن يرف لهما جفنٌ، معاقرة الكذب، وتكرار الكذب حد التصديق، علاوة على اختراع» معلومات» تناسبهما مع تشويه المعلومات الحقيقية والوقائع بما يخدم اغراضهما الخاصة والعامة.

هذه التشابهات بين شخصيتي الرئيس الأمريكي و رئيس الوزراء الإسرائيلي لعبت دورها في إقامة علاقات «استراتيجية» بينهما وبالذات بعد وقوف اللوبي الإسرائيلي، زائداً اللوبي الصهيوني الأوسع(المستند الى القوى والجماعات والمنظمات المتمسيحة المتصهينة) مع ترامب، الأمر الذي اسفر عن تبني الاخير(في ولايته الأولى) مجموعة من الأهداف والمصالح الإسرائيلية الصهيونية، خاصة أن الرئيس ترامب يومها لم يكن يدفع من جيبه (على غرار مافعله اللورد بلفور قبله!!!) وانما من حساب الفلسطينيين والعرب وغيرهم. وهكذا اسفرت علاقات الماضي بينهما عن ?قل السفارة الامريكية الى القدس، واغلاق القنصلية الامريكية في القدس العربية، والاعتراف بضم «إسرائيل» للهضبة السورية، ناهيك عن «إضفاء الشرعية» على حركةالاستعمار/”الاستيطان» وبالذات في الضفة الفلسطينية،إضافة الى الدفع باتجاه ما عرف باسم (اتفاقيات ابراهام) مع بعض الدول العربية على درب تأسيس «حلف» بين الدولة الصهيونية وبعض الدول السنية في مواجهة «الخطر الإيراني الشيعي»، وطبعاً بما يتضمنه كل ذلك من محاولة منع ايران من تطوير سلاح نووي وفرض مختلف أنواع العقوبات عليها.

وعلى صعيد المستقبل، يخطط نتنياهولتكرار عملية «حلب البقرة”(الامريكية الترامبية) مع بداية الفترة الرئاسية الجديدة. وفي هذا النطاق، وفي مستوى الحد الأدنى، يدفع نتنياهو-بقوة شهية مفتوحة -نحو تكبير «إسرائيل الصغيرة جداً» (وفق تعبير ترامب).وعليه، يخطط نتنياهو للحصول على موافقة من ترامب على ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية والاعتراف بشرعية”مستوطنات» اضافية فيهاوأيضاً تأكيد السيطرة الإسرائيلية على شمال قطاع غزة وربما اطلاق «وحش الاستيطان» فيه، علاوة على إقامة منطقة امنية عازلة في لبنان حتى حدود نهر الليطاني! ولعل ق?ة اماني نتنياهو: النجاح في اقناع الرئيس الأمريكي القادم بشن حرب لضرب النظام الإيراني ومؤسساته ومرتكزاته وبالذات «المنشئات النووية».

وفي سيناريو مختلف، يتوقع عدد متزايد من المراقبين الإسرائيليين (وغيرهم) ان لا يتجاوب الرئيس الأمريكي القادم مع كل ما يتمناه نتنياهو. وعن مضامين هذا السيناريو المستقبلي سيكون مقال الاسبوع القادم.

Related posts

الضيف «اللي ما يجيب»* الحيف بشار جرار

بعد 400 يوم.. المخطوفون ما يزالون بغزة* ريفكا نارييه بن شاحر

خطاب ولي العهد وتحديات المناخ ( كل روحٍ تستحقُ القتال لأجلها )* النائب محمد يحيى المحارمة