أكثر من 16 ألف إنسان في قطاع غزة تم بتر أطرافهم، وهذه كارثة مؤلمة، لا يكفي معها لعن إسرائيل، ولا شتمها بكل اللغات، لأننا أمام واقع يؤشر على كلفة الحرب.
كثرة تثق ثقة مطلقة بالمؤسسات الأردنية الكبرى العاملة في مجال الإغاثة، فهي تطلق الخطط، وتضمن إيصال المساعدات، بسبب قدرتها اللوجستية على إيصال المساعدات وشفافية أنظمتها الإدارية والمالية، وتنفيذ أي مستهدفات، مع الإشارة هنا إلى وجود مصاعب أصلا في عمليات إيصال المساعدات، بشكل عام، لكن المؤسسات الأردنية تتفوق في حلها لكثير من العراقيل، وسط حاجتنا أيضا إلى حملات دولية وعربية تتم بالتنسيق مع الأردن من إجل إغاثة أهل غزة، خصوصا، إذا توقفت الحرب، وتبين نقص المساعدات الدولية والعربية أمام حجم الاحتياجات، وهذا ما يسعى له الأردن دوما، أي التحشيد العربي والدولي لمساعدة غزة بشكل كاف، والسعي لوقف هذه الحرب الدموية حتى تتوقف هذه الخسارات المؤلمة.
بين يدي هنا حملة أردنية جديدة، تضاف إلى سلسلة الحملات السابقة، في جهد موصول يستحق تقديرنا لدور مؤسسات الإغاثة، وما يقوم به الأردنيون من دفع للتبرعات بسخاء على مستوى الأفراد والشركات والمؤسسات، والأدلة على سخاء هؤلاء كثيرة، حيث لا يبخلون ولا يقفون موقف المتفرج، ولا يؤذون، ولا يمنّون، ولا يحمّلون الجمائل في ظل أزمة انسانية طاحنة، تنال من أكثر من مليوني فلسطيني، وتترك أثرها المعنوي علينا في الأردن أيضا.
تطلق الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية حملة إعلامية لجمع التبرعات لدعم مبادرة “استعادة الأمل”، التي تهدف لدعم نحو 16 ألفا من قطاع غزة من مبتوري الأطراف في قطاع غزة، حيث أقام الأردن في المستشفى الميداني العسكري بخان يونس عيادتين متنقلتين لتركيب الأطراف، ومنذ بداية إطلاق مبادرة “استعادة الأمل” منتصف أيلول الماضي قامت كوادر الخدمات الطبية الملكية بتركيب 120 طرفاً اصطناعياً لأكثر من 116 شخصا، وتبلغ تكلفة الطرف الصناعي الواحد 1400 دولار أميركي، ووفقا لتصريح الأمين العام للهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية حسين الشبلي، فقد تم جمع قرابة مليوني دولار أميركي منذ بداية إطلاق مبادرة “استعادة الأمل” حيث أشار الى أننا ما نزال بعيدين عن الهدف الرئيسي الذي سيعمل على تأمين العدد الكلي لمبتوري الأطراف الموجودين داخل قطاع غزة.
التقنية المعتمدة في هذه المبادرة تمكن مبتوري الأطراف بعد تركيب الطرف من استعادة قدرتهم على استعمال الطرف المبتور خلال ساعتين من تركيب الطرف وتدريبهم على كيفية وضعه وفكه بما يتناسب مع قدراتهم الجسدية وطبيعة حياتهم اليومية ونشاطهم، وهذا يعني استعادة الحياة قدر الإمكان، ونحن هنا نتبرع لإنقاذ حياة إنسان فعليا، وليس لحالة مؤقتة، أو لاستعمال مؤقت، يتجدد كل يومين، بما يعني أن ملف الأطراف المبتورة لأبناء قطاع غزة، ملف أساسي، قد يساعد فيه الأفراد والشركات والمؤسسات، من أجل استكمال مستهدفات الهيئة، خصوصا، مع تواصل الحرب حتى الآن، بما يعني أن الخسائر الإنسانية مستمرة، حيث يعمل الأردن تحت النار هنا، من أجل المساعدة في استرداد الحياة لهؤلاء، وهم الذين لا ينتظرون منا مجرد الدموع، ولا الغضب، ولا التفوه بأي عبارات لا تفيد اليوم في حل الأزمة، بقدر حاجتهم إلى جهد إغاثي متخصص يقوم به الأردن، ويمكن للراغبين بالمساعدة الدخول إلى موقع الهيئة الإلكتروني والاطلاع على التفاصيل، أو التواصل مع الهيئة هاتفيا، أو عبر الزيارة.
قدم الأردنيون والعرب وربما الأجانب في الأردن من خلال حملات كثيرة، ما أمكنهم من مساعدة وجهد، وتنوعت الحملات من حيث طبيعتها، ونحن بحاجة للمزيد، ولا يكفي اليوم مواصلة اللوم والعتب، او حتى التشكيك بدور المؤسسات الإغاثية، حيث تسمع كلاما يسأل عن مدى القدرة على إيصال المساعدات في ظل هذه الظروف، وهي تساؤلات يضيع المرء في شكوكها دون داع أصلا، لأننا أمام مؤسسات محترفة تضمن بكل اقتدار تنفيذ حملاتها، ووصول كل مساعدة تم تقديمها، حيث الأردن يأتي الأكثر إدامة لمساعداته دون توقف حتى هذه الأيام، في ظل ظروف ليست سهلة.
غزة، وأهل غزة، سيسألنا الله عنهم أردنيين وعرباً، في كل شيء. هذه هي كل القصة، حيث التثاقل كبيرة من الكبائر السياسية في هذا الزمن.