يعتبر الفن وسيلة حضارية مؤثرى للتعبير عن الإرث الثقافي العالمي، وهو وسيلة فعالة تستقطب الجمهور، ومن هذا المنطلق فقد أرتأيت أنه من واجبي كفنانة أردنية عربية مقيمة في جنيف حضور الفعاليات الثقافية العربية التي عقدت في اليونسكو قبل يوم أمس.
حيث عقد الأسبوع العربي بمبادرة من المملكة العربية السعودية وبمشاركة ٢٢ دولة عربية، وبدعوة وبتنظيم من سفارة المملكة الأردنية الهاشمية بصفته الأردن رئيس المجموعة.
وعلى مدار يومين، نظمت سفارة المملكة الاردنيه الهاشمية برئاسة سفيرة الأردن لدى «اليونسكو» لينا الحديد والتي افتتحت هذه الفعاليات بكلمة أشارت فيها إلى أهمية عقد مثل هذه الفعاليات التي تسلط الضوء على الإرث الثقافي العربي العريق، والذي هو مجموعة من القيم والمبادئ، والعادات والتقاليد والتي تمثل الحضارة العربية التي ورثناها عن الأجداد، هذا الإرث لربما يوجد فيه بعض الاختلاف، إلا أنه يوحدنا جميعا كعرب، حيث نتكلم نفس اللغة، إنه إرث حضاري يُفتخر به، وهو جزء لا يتجزأ من الإرث العالمي.
وقد عُقدت فعاليات هذا الأسبوع للمرة الأولى منذ خمسة وعشرين عاما، حيث اجتمعت خلالها الدول العربية من خلال المجموعة العربية لدى «اليونسكو»، لإبراز إرثها المادي والشفوي وتسليط الضوء على الثراء الثقافي والحضاري العربي وتنوعهما، وتعزيز الحوار بين الثقافات، والإسهام في تحقيق أهداف التنمية الثقافية، ودعم المبادرات التي تخدم التواصل الثقافي الحضاري بين الدول.
واشتمل الأسبوع العربي في «اليونسكو» على معارض ثقافية وفنية من بينها سوق للمنتجات الثقافية العربية، ومعرض عن الخط العربي، وآخر عن صور للمواقع التراثية في العالم العربي المسجلة في «اليونسكو»، إلى جانب جناح الموسيقى العربية، وفعالية الطهي العربي، وجناح عن الحرف اليدوية العربية، وآخر عن الأزياء العربية، كما تضمنت الفعاليات ندوة عن الرواية العربية، وأخرى عن الذكاء الاصطناعي، وندوة عن اللغة العربية، الخط العربي والأدب، التعليم وندوة عن أدب الأطفال، إلى جانب ندوة عن الشيلة الجنبية، والعروض المصاحبة لمسابقة الخط العربي، وعرض لأعمال فنانين ومصممين، إضافة إلى عرض عن فن الرسم بالرمل.
وعقدت عدة فعاليات ثقافية تضمنت عرضا للحرف اليدوية والتطريز، وعرض لوحات فن تشكيلي وصور فوتوغرافية للأماكن الأثرية، بجانب عزف للموسيقى على العود، وجلسات طرب لأغان شعبية نالت إعجاب الجمهور.
إن تراث وآثار المملكة الأردنية الهاشمية والتي يعود تاريخها إلى أكثر من ٧٠٠٠٠سنة قبل الميلاد، من تماثيل عين غزال إلى حضارة الأنباط، بالإضافة إلى الطبيعة الخلابة والنادرة التي يتميز بها الأردن، كالبحر الميت، البتراء، آثار جرش، مادبا، كل هذه العناصر الحيوية تجمعت في كتيبات كانت متوفرة للزوار في الركن الأردني، بالإضافة إلى عرض مجموعة من الحلي والمطرزات الشعبية، وحرف يدوية، ولوحة للفنان التشكيلي عبد الله التميمي في هذا الركن، كما عرضت بعض الألعاب التي تسهم في تنمية المهارات الفكرية.
أملاح البحر الميت الأردنية المعروفة عالميا كانت حاضرة في هذا الركن، بالإضافة إلى الشماغ الأردني والملابس التراثية الشعبية، وشاشة عرض، عرضت أهم معالم الأردن السياحية والتي ميزت الأردن عالميا، بالإضافة إلى وصلات غنائية شعبية أردنية، وعزف على العود، تفاعل معها الجمهور. وقد تألقت السفيرة لينا الحديد بلباس حديث مطعم بتطريز التراث الأردني.
كما كان للمملكة العربية السعودية حضور قوي في هذه الافتتاحية، حيث خصصت قاعة كاملة لعرض أعمال بعض الفنانين السعوديين، وقدم سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية فرنسا فهد الرويلي الفنانين السعوديين بحفاوة لسعادة سفيرة الأردن لينا الحديد، والتي أبدت الإعجاب بهذه الأعمال، كما طرحت عليهم بعض الأسئلة عن كيفية عمل هذه الأعمال والفترة الزمنية التي تأخذ الفنان لإنتاج هذه الأعمال والتي هي أعمال قيمة لا تنتهي مدتها تتوارثها الأجيال المثقفة المقبلة.
كما تم عرضٌ لبعض أنواع الصقور النادرة والتي جذبت ولاقت إعجاب الحضور، بالإضافة إلى عرض أزياء سعودي رافقه عزف على العود وغناء. كما حضرت القهوة العربية السعودية المطعمة برائحة الهيل، وكذلك التمور والتي كانت حاضرة هناك.
وبالإضافة الى الحضور السعودي، فقد قدم المغرب عرضا متميزا للموسيقى الاندلسية، وعرضا للأزياء المغربية، وخصوصًا القفطان المغربي والمعروف عالميا، فعمت أجواء قاعة المؤتمرات بالزغاريد المغربية الشعبية.
وعرض الركن المغربي حرفا يدوية، حيث تم تنفيذ بعض من هذه الحرف أمام المشاهدين.
كما كان لفلسطين الصامدة حضور في هذه الفعالية، حيث نظم وفد دولة فلسطين لدى اليونسكو، برئاسة القائم بالأعمال السفير لدى اليونسكو هالة الطويل، عدة فعاليات ثقافية فلسطينية من عرض للحرف اليدوية والتطريز والنقش على المعادن، بجانب عزف للموسيقى على آلات الناي والعود، ومشاركه لطاهٍ فلسطيني قدم مجموعة من الأكلات الشعبية الفلسطينية.
وكان للوردة الشامية حكاية في هذه الفعالية، حيث أتاحت لي شخصيًّا الفرصة لحوار حرم السفير السوري عبير فلوح، والتي تحدثت عن عطر الورد وشراب الورد الدمشقي والذي كما أشارت ألهم قصائد شكسبير ونزار قباني، كما أنّ هذا العطر هو منتج سوري عريق يعود تاريخه إلى قرون، حيث يتطلب تقطيره جهد كبير وكميات هائلة من الورد.
كما قدم الركن السوري الصابون والعطر وشراب الوردة الدمشقية.
كما بينت ملوح بأنه يستخلص من الوردة الدمشقية أيضا، زيت وماء الورد، بالإضافة إلى تطلي الورد وبعض الحلويات، كما أنه يدخل في صناعة بعض الأدوية.
وعرض الركن العماني عدة حرف تقليدية، لكنّ ما لفت انتباه الحضور هو الرسم بالألوان المائية، والتي عبرت عن مظاهر الطبيعة الخلابه في عمان.
وقد انتهت فعاليات هذا المنتدى بحفل تضمن رقصا وأغاني وطنية وعزفا على العود والقانون والناي.
وكرمت السفيرة لينا الحديد المساهمين الذين كان لهم الدور في إنجاح هذه الفعالية وقدمت لهم شهادات التكريم، كما ألقت كلمة شكر أمام الحضور أثنت فيها على القائمين على إنجاح هذه المبادرة.
من جهة أخرى أثنت اودري ازولاي المدير العام لليونسكو على مشاركة الدول العربية في هذه المبادرة، وقالت إن منظمة اليونسكو تدعم مشاريع التنمية المستدامة والسياحه والمبادرات الإقليمية للأبحاث والتطوير، وخاصة مشاريع الذكاء الاصطناعي باللغة العربية، كما قالت إن اليونسكو سيدعم مشاريع التبادل الثقافي من خلال عقد المؤتمرات والندوات والمشاريع الثقافية المختلفة.
وفي نهاية الحفل دعت الدول العربية الحضور لتناول العشاء، حيث كانت هناك أطباق مختلفة تنوعت ما بين المنسف الأردني، هذا الطبق الرسمي للأردن والذي يحبه كل الاردنيين ويمتد جذوره إلى مئات السنين، والذي ارتبط اسمه بالأردنيين وكرم حفاوة أهلها، والطاجن المغربي، والكشري المصري، الفريكة الفلسطينينة، والأطباق الخليجية المختلفة.
وأخيرا، لقد كرّس هذا المهرجان الإرث العربي والعادات العربية الأصيلة المتصلة بكرم الضيافة والتي تم توارثها عبر الأجيال.
حضر هذه الغعالية، السفراء العرب، الجاليات العربية في باريس، ومحطات التلفزة للدول العربية بالاضافة الى محبي الثقافة والتاريخ والحضارة العربيه في باريس.