رغم استشهاد السنوار لا تبدو نهاية الحرب قريبة * د. سنية الحسيني

في حين اعتبر عدد من تحليلات الكتاب في كبرى الصحف الغربية أن استشهاد قائد حركة حماس يحي السنوار في غزة قبل أيام يعد فرصة لتحقيق وقف لإطلاق النار في القطاع، إلا أن تذبذب التصريحات الإسرائيلية والأميركية الرسمية في أعقاب ذلك الحدث تشي بغير ذلك. ومن المفيد إقران تلك التصريحات بالتطورات على أرض المعارك، كي تبدو الصورة متكاملة. فغارات إسرائيل وجرائمها في غزة تتواصل وبوتيرة تشتد، وتتوسع الاستهدافات التدميرية الدموية في لبنان. وهناك ترجيح لتمدد الحرب لجبهات أوسع، في ظل تواصل التهديد الإسرائيلي برد قوى على إيران. ويبدو أن ذلك الرد قد تأخر بسبب ترتيب مزيد من الاستعدادات والتنسيق بين إسرائيل حلفائها الغربيين، ووصول مزيد من الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل. كما أن عدم وجود أفق لتبدل توجهات الحكومة الاسرائيلية الحالية أو حتى تغيير تلك الحكومة يعني أننا أمام مزيد من التصعيد والتدمير والخسائر في المنطقة، ما يحمل معه مستقبلاً غامضاً.

اعتبرت التصريحات الرسمية الاميركية والاسرائيلية استشهاد السنوار انتصارًا لإسرائيل وإضعافا لحركة حماس، وفرصة لاخراج المحتجزين من غزة، دون أن تركز على الثمن. اتفق الرئيس الأميركي ونائبته مرشحة الرئاسية الحالية في مواقفهما بعد استشهاد السنوار. فأكد الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي اتصل برئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ليهنئه بمقتل السنوار، وشبه استشهاده باغتيال بن لادن، معتبراً أن ذلك “يشكّل فرصة أمام إطلاق مسار للسلام في الشرق الأوسط”، ونقطة تحول، معتبرا أن السنوار كان عقبة أساسية في التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، ومؤكدا ان حماس لم تعد قادرة على شن هجوم مشابه لهجوم ٧ أكتوبر، معتبراً أنه قد حان الوقت لتنتهي الحرب. واعتبرت كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية لمنصب الرئيس الأميركي القادم، أن مقتل السنوار يحقق العدالة، وأن العالم الآن بوضع أفضل، مؤكدة على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وازالة تهديد حركة حماس. ورغم أنها اعتبرت أن الحركة باتت ضعيفة بعد القضاء على قادتها، وبأن ذلك يشكل نقطة تحول وفرصة لإنهاء الحرب في غزة، إلا أنها اشترطت لحدوث ذلك أن تصبح إسرائيل آمنة ويتم إطلاق سراح المحتجزين، في حين جاءت تصريحاتها التي تتعلق بالفلسطينيين بشكل فضفاض، فأكدت على ضرورة وقف المعاناه في غزة، وطرحت مبادئ عامة تتعلق بضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من الحصول على حقه في الكرامة والأمن وتقرير المصير، دون أن تطرح آليه أو وسيلة لتحقيق ذلك، ومع الأخذ بعين الاعتبار دور بلادها في التصويت بعكس ذلك في المحافل الدولية.

كان المسؤولون الأمريكيون أكثر صراحة ووضوحاً من التصريحات الدبلوماسية لـ بايدن وهاريس، فرغم اعتقاد عدد منهم بوجود فرصة لإنهاء الحرب بعد اختفاء السنوار، إلا انهم اعتبروا أنه ذلك أمر سابق لأوانه. اعتبر جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي أن استشهاد السنوار فرصة يمكن اغتنامها للتوصل لاتفاق لاستعادة الرهائن. وأكد ماثيو ميلر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أن السنوار كان عقبة أمام انجاز أي اتفاق. ورأى جون كيربي مستشار اتصالات الأمن القومي بالبيت الأبيض أنه على الرغم من أن حركة حماس أصبحت في موقف ضعيف وجرى تدمير بنيتها العسكرية، لكنها لا تزال فتاكة وموجودة في غزة. وشدد لويد أوستين وزير الدفاع الأميركي أن الاولوية الآن لتأمين إطلاق سراح المحتجزين في غزة، وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية لسكان القطاع، مؤكدا أن قواته تقف على أهبة الاستعداد في المنطقة للدفاع عن إسرائيل. إن تلك التصريحات تعكس حقيقة الموقف الأميركي، الذي يعطي الاحتلال الضوء الأخضر لاستكمال جرائمه في الأراضي الفلسطينية المحتلة في غزة والضفة والقدس، وفي لبنان أيضاً، بحجة الدفاع عن النفس، بينما يكتفي باعتبار قضية الفلسطينيين مسألة إنسانية ومساعدات، تحمل صورة شعارات أكثر من كونها موقفاً سياسياً. يأتي ذلك على الرغم من تصاعد اعداد الأمريكيين بشكل ملحوظ الذين ينظرون بسلبية تجاه حكومة نتنياهو وحربها المدمرة على غزة، وذلك وفقًا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب مؤخرًا.

وفي حين كشف استطلاع للرأي، جاء بعد استشهاد السنوار، أن ما يزيد عن نصف الإسرائيليين يؤيديون إبرام صفقة تبادل ووقف للحرب على غزة، كان لنتنياهو رأي آخر، فقد تعهد بمواصلة الحرب على غزة ولبنان، وأكد أنه الرغم القضاء على السنوار، إلا أن الحرب مستمرة، معتبراً أن لدى الشرق الأوسط فرصة لوقف محور الشر وصنع مستقبل مختلف، الأمر الذي يفسر مواصلته لحروبه على جبهات متعددة. ويبدو أنه ليس هناك في إسرائيل من يستطيع ثني نتنياهو وحكومته عن استكمال مخططاتهم. فرغم دعم المؤسسة الأمنية، بقيادة يوآف جالانت وزير الدفاع، لصفقة للتبادل ووقف إطلاق النار لعدة أشهر في غزة، لم ينجح ذلك أبداً، وليس من المتوقع أن ينجح في ظل الوضع الراهن. وينتقد جالانت وآخرون نتنياهو علنًا لفشله في تقديم خطة تحدد نهاية لحرب غزة. ويعتبر جالانت ان موقف مجلس الوزراء بإبقاء انتشار جيش الاحتلال لأجل غير مسمى في محور صلاح الدين ” فيلادلفيا”، وهو الأمر الذي ترفضه كل من مصر وحركة حماس، يعد السبب المباشر في عدم التوصل لإتفاق وقف إطلاق نار في الجولة الأخيرة من المفاوضات، الأمر الذي يؤكد مرة أخرى على عدم وجود نية عند نتنياهو لإنهاء حربه على غزة.

على الجانب الآخر، أكد خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة حماس أن شروط الحركة لن تتغير بعد استشهاد السنوار، مشدداً على أن المحتجزين في غزة لن يعودوا إلا “بوقف العدوان على غزة والانسحاب الكامل منها وخروج أسرانا من المعتقلات”. واعتبر خبراء أمنيون اسرائيليون أن حركة حماس “لا تزال تمتلك هيكلا تنظيميا فعالا”، حتى بعد رحيل السنوار، مرجحين صعوبة تفكيك الهيكل الهرمي للحركة ما لم يتم القضاء على قيادات أخرى بارزة لا تزال موجودة في غزة. واعتبر آخرون أن الحركة سوف تتعافى بسرعة من خلال الاعتماد على جيل جديد من القادة وتطويرها المتواصل لقدراتها العسكرية والتكنولوجية وجذب جيل جديد، تعرض لظروف إبادة وحشية باتت تشكل وعيه. واعتبر ستيفن كوك في مجلة الفورن بولسي الأميركية واسعة الانتشار أنه رغم موت السنوار إلا أن حماس لا تزال على قيد الحياة، مذكرا بجميع هؤلاء القيادات الذين اغتالتهم إسرائيل، وواصل الفلسطينيون واللبنانيون بعدهم طريق كفاحكم. واعتبر الكاتب أن المقاومة عنصر حاسم من عناصر الهوية، مؤكداً أن استشهاد السنوار يشكل مصدر إلهام للكثيرين، تماماً كما أقر بذلك جوناثان فريدلاند الكاتب في صحيفة الغارديان البريطانية معتبراً ان الطريقة التي ترجل بها السنوار جعلت منه أسطورة. وتوصل أودري كيرث كرونين الكاتب في صحيفة الفورن أفيرز الاميركية لنفس نتيجة زميله، معتبرا أن السنوار رحل لكن حماس ستنجو، وأن الحركة وأجندتها السياسية باقية. وأكد أن حماس حركة راسخة فعمرها أكثر من أربعين عاماً، وذات أجندة سياسية وفكر أيديولوجي، ولها مؤيدين وحلفاء في داخل فلسطين وخارجها، وليست مرشحاً مناسبا لاستراتيجية “قطّع الرأس”. في حين اعتبر دانييل بايمان الكتاب في ذات الدورية أن استشهاد السنوار لا يشكل نقطة تحول ولم يقرب إسرائيل من حكم غزة، وكل ما فعله لا يخرج عن تحقيق انتصار سياسي لنتنياهو.

لو أردت إسرائيل ان تنهي الحرب على غزة لكان حدث استشهاد السنوار أفضل الأوقات لحدوث ذلك، وهو الأمر الذي أكدت عليه صحيفة هآرتس العبرية. واعتبر فريدلاند انه كان من الممكن أن يكون استشهاد السنوار، الذي شكل عقبة أمام الاتفاق، فرصة لوقف الحرب، الا أنه شدد على أن موقف نتنياهو لم يكن أفضل حالاً. وتشير استطلاعات الرأي اليوم في إسرائيل إلى أنه في حال أجريت الانتخابات الآن فإن حزب الليكود سيتصدر المشهد بقيادة نتنياهو، الذي يعتمد على أقصى اليمين للبقاء في السلطة، الرافض لأبداء أي تفهم لحق الفلسطينيين، ولا يخفي نيته للاستيلاء على الضفة الغربية ويعارض إقامة دولة فلسطينية، ويدعم استمرار الحرب على غزة ولبنان. إن بقاء حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو على رأس السلطة يعني استمرار الحرب وجرائم الإبادة في غزة ومستقبل مجهول رمادي في الضفة، وتصاعد الحرب مع لبنان، وزيادة وتيرة الضربات المتبادلة مع إيران، ومزيداً من التدخل الغربي المباشر في تلك المواجهات، الأمر الذي يفتح الباب لما هو أسوء. وطالما تواصل الولايات المتحدة دعمها المفتوح لحكومة نتنياهو اليمينية فليس من المتوقع أن تتغير الصورة. فالولايات المتحدة التي تدعو لمساعدة المدنيين انسانياً في غزة، تواصل ارسال الأسلحة الفتاكة التي تستخدم في إبادتهم، وتدعي بأنها تعارض عنف المستوطنين، وتفرض عقوبات على عدد منهم، إلا أنها لم تستهدف بتلك العقوبات الوزراء والقيادات المؤججة للعنف أو الكيانات الحكومية وشبه الحكومية، التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من تمدد المشروع الاستيطاني، ولم تفرض قيوداًعلى تسليم الأسلحة إلى الحكومة الإسرائيلية، التي تصل في النهاية لجعبة المستوطنين في الضفة الغربية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

رغم استشهاد السنوار لا تبدو نهاية الحرب قريبة
د. سنية الحسيني

في حين اعتبر عدد من تحليلات الكتّاب في كبرى الصحف الغربية أن استشهاد قائد حركة حماس يحيى السنوار في غزة قبل أيام يعد فرصة لتحقيق وقف لإطلاق النار في القطاع، إلا أن تذبذب التصريحات الإسرائيلية والأميركية الرسمية في أعقاب ذلك الحدث تشي بغير ذلك. ومن المفيد إقران تلك التصريحات بالتطورات على أرض المعارك، كي تبدو الصورة متكاملة. فغارات إسرائيل وجرائمها في غزة تتواصل وبوتيرة تشتد، وتتوسع الاستهدافات التدميرية الدموية في لبنان. وهناك ترجيح لتمدد الحرب لجبهات أوسع، في ظل تواصل التهديد الإسرائيلي برد قوي على إيران. ويبدو أن ذلك الرد قد تأخر بسبب ترتيب مزيد من الاستعدادات والتنسيق بين إسرائيل وحلفائها الغربيين، ووصول مزيد من الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل. كما أن عدم وجود أفق لتبدل توجهات الحكومة الإسرائيلية الحالية أو حتى تغيير تلك الحكومة يعني أننا أمام مزيد من التصعيد والتدمير والخسائر في المنطقة، ما يحمل معه مستقبلاً غامضاً.
اعتبرت التصريحات الرسمية الأميركية والإسرائيلية استشهاد السنوار انتصاراً لإسرائيل وإضعافاً لحركة حماس، وفرصة لإخراج المحتجزين من غزة، دون أن تركز على الثمن. اتفق الرئيس الأميركي ونائبته مرشحة الرئاسة الحالية في مواقفهما بعد استشهاد السنوار، فأكد الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي اتصل بنتنياهو ليهنئه بمقتل السنوار، وشبّه استشهاده باغتيال بن لادن، معتبراً أن ذلك «يشكّل فرصة أمام إطلاق مسار للسلام في الشرق الأوسط»، ونقطة تحول، معتبراً أن السنوار كان عقبة أساسية في التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، ومؤكداً ان «حماس» لم تعد قادرة على شن هجوم مشابه لهجوم ٧ أكتوبر، معتبراً أنه قد حان الوقت لتنتهي الحرب. واعتبرت كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية لمنصب الرئيس الأميركي القادم، أن مقتل السنوار يحقق العدالة، وأن العالم الآن بوضع أفضل، مؤكدة على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وإزالة تهديد حركة حماس. ورغم أنها اعتبرت أن الحركة باتت ضعيفة بعد القضاء على قادتها، وبأن ذلك يشكل نقطة تحول وفرصة لإنهاء الحرب في غزة، إلا أنها اشترطت لحدوث ذلك أن تصبح إسرائيل آمنة ويتم إطلاق سراح المحتجزين، في حين جاءت تصريحاتها التي تتعلق بالفلسطينيين بشكل فضفاض، فأكدت على ضرورة وقف المعاناة في غزة، وطرحت مبادئ عامة تتعلق بضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من الحصول على حقه في الكرامة والأمن وتقرير المصير، دون أن تطرح آليه أو وسيلة لتحقيق ذلك، ومع الأخذ بعين الاعتبار دور بلادها في التصويت بعكس ذلك في المحافل الدولية.
كان المسؤولون الأميركيون أكثر صراحة ووضوحاً من التصريحات الدبلوماسية لـبايدن وهاريس، فرغم اعتقاد عدد منهم بوجود فرصة لإنهاء الحرب بعد اختفاء السنوار، إلا انهم اعتبروا أن ذلك أمر سابق لأوانه. واعتبر جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي أن استشهاد السنوار فرصة يمكن اغتنامها للتوصل لاتفاق لاستعادة الرهائن، وقال ماثيو ميلر المتحدث باسم الخارجية الأميركية أن السنوار كان عقبة أمام إنجاز أي اتفاق. ورأى جون كيربي مستشار اتصالات الأمن القومي بالبيت الأبيض أنه على الرغم من أن حركة حماس أصبحت في موقف ضعيف وجرى تدمير بنيتها العسكرية، لكنها لا تزال فتاكة وموجودة في غزة. ورأى لويد أوستين وزير الدفاع الأميركي أن الأولوية الآن لتأمين إطلاق سراح المحتجزين في غزة، وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية لسكان القطاع، مؤكداً أن قواته تقف على أهبة الاستعداد في المنطقة للدفاع عن إسرائيل. إن تلك التصريحات تعكس حقيقة الموقف الأميركي، الذي يعطي الاحتلال الضوء الأخضر لاستكمال جرائمه في الأراضي الفلسطينية المحتلة في غزة والضفة والقدس، وفي لبنان أيضاً، بحجة الدفاع عن النفس، بينما يكتفي باعتبار قضية الفلسطينيين مسألة إنسانية ومساعدات، تحمل صورة شعارات أكثر من كونها موقفاً سياسياً. يأتي ذلك على الرغم من تصاعد أعداد الأميركيين بشكل ملحوظ الذين ينظرون بسلبية تجاه حكومة نتنياهو وحربها المدمرة على غزة، وذلك وفقًا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب مؤخراً.
وفي حين كشف استطلاع للرأي، جاء بعد استشهاد السنوار، أن ما يزيد على نصف الإسرائيليين يؤيدون إبرام صفقة تبادل ووقف للحرب على غزة، كان لنتنياهو رأي آخر، فقد تعهد بمواصلة الحرب على غزة ولبنان، وأكد أنه رغم القضاء على السنوار، إلا أن الحرب مستمرة، معتبراً أن لدى الشرق الأوسط فرصة لوقف محور الشر وصنع مستقبل مختلف، الأمر الذي يفسر مواصلته لحروبه على جبهات متعددة. ويبدو أنه ليس هناك في إسرائيل من يستطيع ثني نتنياهو وحكومته عن استكمال مخططاتهم. فرغم دعم المؤسسة الأمنية، بقيادة يوآف غالانت وزير الدفاع، لصفقة للتبادل ووقف إطلاق النار لعدة أشهر في غزة، لم ينجح ذلك أبداً، وليس من المتوقع أن ينجح في ظل الوضع الراهن. وينتقد غالانت وآخرون نتنياهو علنًا لفشله في تقديم خطة تحدد نهاية لحرب غزة. ويعتبر غالانت ان موقف مجلس الوزراء بإبقاء انتشار جيش الاحتلال لأجل غير مسمى في محور صلاح الدين « فيلادلفيا»، وهو الأمر الذي ترفضه كل من مصر وحركة حماس، يعد السبب المباشر في عدم التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في الجولة الأخيرة من المفاوضات، الأمر الذي يؤكد مرة أخرى على عدم وجود نية عند نتنياهو لإنهاء حربه على غزة.
على الجانب الآخر، أكد خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة حماس أن شروط الحركة لن تتغير بعد استشهاد السنوار، مشدداً على أن المحتجزين في غزة لن يعودوا إلا «بوقف العدوان على غزة والانسحاب الكامل منها وخروج أسرانا من المعتقلات». واعتبر خبراء أمنيون إسرائيليون أن حركة حماس «لا تزال تمتلك هيكلاً تنظيمياً فعالاً»، حتى بعد رحيل السنوار، مرجحين صعوبة تفكيك الهيكل الهرمي للحركة ما لم يتم القضاء على قيادات أخرى بارزة لا تزال موجودة في غزة. واعتبر آخرون أن الحركة سوف تتعافى بسرعة من خلال الاعتماد على جيل جديد من القادة وتطويرها المتواصل لقدراتها العسكرية والتكنولوجية وجذب جيل جديد، تعرض لظروف إبادة وحشية باتت تشكل وعيه. واعتبر ستيفن كوك في مجلة «الفورن بوليسي» الأميركية واسعة الانتشار أنه رغم موت السنوار إلا أن حماس لا تزال على قيد الحياة، مذكراً بجميع هؤلاء القيادات الذين اغتالتهم إسرائيل، وواصل الفلسطينيون واللبنانيون بعدهم طريق كفاحهم. واعتبر الكاتب أن المقاومة عنصر حاسم من عناصر الهوية، مؤكداً أن استشهاد السنوار يشكل مصدر إلهام للكثيرين، تماماً كما أقر بذلك جوناثان فريدلاند الكاتب في صحيفة الغارديان البريطانية معتبراً ان الطريقة التي ترجل بها السنوار جعلت منه أسطورة. وتوصل أودري كيرث كرونين الكاتب في صحيفة الفورن أفيرز الاميركية لنفس نتيجة زميله، معتبراً أن السنوار رحل لكن حماس ستنجو، معتبراً أن الحركة وأجندتها السياسية باقية. وأكد أن حماس حركة راسخة فعمرها أكثر من أربعين عاماً، وذات أجندة سياسية وفكر أيديولوجي، ولها مؤيدون وحلفاء في داخل فلسطين وخارجها، وليست مرشحاً مناسباً لاستراتيجية «قطع الرأس». في حين اعتبر دانييل بايمان الكتاب في ذات الدورية أن استشهاد السنوار لا يشكل نقطة تحول ولم يقرّب إسرائيل من حكم غزة، وكل ما فعله لا يخرج عن تحقيق انتصار سياسي لنتنياهو.
لو أرادت إسرائيل ان تنهي الحرب على غزة لكان حدث استشهاد السنوار أفضل الأوقات لحدوث ذلك، وهو الأمر الذي أكدت عليه صحيفة هآرتس الإسرائيلية. واعتبر فريدلاند انه كان من الممكن أن يكون استشهاد السنوار، الذي شكل عقبة أمام الاتفاق، فرصة لوقف الحرب، إلا أنه شدد على أن موقف نتنياهو لم يكن أفضل حالاً. وتشير استطلاعات الرأي اليوم في إسرائيل إلى أنه في حال أجريت الانتخابات الآن فإن حزب الليكود سيتصدر المشهد بقيادة نتنياهو. الذي يعتمد على أقصى اليمين للبقاء في السلطة، الرافض لإبداء أي تفهم لحق الفلسطينيين، ولا يخفي نيته للاستيلاء على الضفة الغربية ويعارض إقامة دولة فلسطينية، ويدعم استمرار الحرب على غزة ولبنان. إن بقاء حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو على رأس السلطة يعني استمرار الحرب وجرائم الإبادة في غزة ومستقبلاً مجهولاً رمادياً في الضفة، وتصاعد الحرب مع لبنان، وزيادة وتيرة الضربات المتبادلة مع إيران، ومزيداً من التدخل الغربي المباشر في تلك المواجهات، الأمر الذي يفتح الباب لما هو أسوأ. وطالما تواصل الولايات المتحدة دعمها المفتوح لحكومة نتنياهو فليس من المتوقع أن تتغير الصورة. فالولايات المتحدة التي تدعو لمساعدة المدنيين إنسانياً في غزة، تواصل إرسال الأسلحة الفتاكة التي تستخدم في إبادتهم، وتدّعي بأنها تعارض عنف المستوطنين، وتفرض عقوبات على عدد منهم، إلا أنها لم تستهدف بتلك العقوبات الوزراء والقيادات المؤججة للعنف أو الكيانات الحكومية وشبه الحكومية، التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من تمدد المشروع الاستيطاني، ولم تفرض قيوداً على تسليم الأسلحة إلى الحكومة الإسرائيلية، التي تصل في النهاية إلى المستوطنين في الضفة الغربية.

 

 

Related posts

لا عهد لهم.. توبة ماكرون

السمهوري: 79 عاماً على تأسيس الأمم المتحدة والفشل بتحقيق اهدافها ومقاصدها

حسابات الأردن في ضربة إيران* ماهر أبو طير