نجيب الأحمد… ذكرى مولده

عروبة الإخباري كتب سلطان الحطاب –
ولد نجيب الأحمد، أبو منير، قبل حوالي (104) سنوات في عام (1924)، في قرية رمانة قضاء جنين وتوفي عام 1995عن (71) عاما
تذكرته امس وانا أعاود تصفح كتابه الشهير (فلسطين تاريخياً ونضالاً)، والذي دوّن فيه صفحات هامة من التاريخ الوطني والنضالي الفلسطيني.
ولعل هذا الكتاب يتميز عن غيره من الكتب العديدة والكثيرة في القضية بما أكسبه صاحبه فيه من صدق الرواية وسلاسة السرد والتوثيق، وهو أشهر من كتاب الراحل ذوقان الهندواي، عن القضية الفلسطينية الذي ذاع صيته والذي كان مقرراً في مدارسنا نظراً لحيوية كتاب الأحمد وكونه ليس كتاباً مدرسياً أو للمنهج وإنما للقراءة الواسعة.
وللأحمد أكثر من كتاب هام منها (الصهيونية فكرً وهدفاً وممارسة) وكتاب آخر تحت عنوان (دولة الاحتلال الصهيوني).
وعلى درب نجيب الأحمد المناضل الراحل في الرابع من ديسمبر عام 1995، مقالات ومقابلات وآراء، فقد كان كاتباً وسياسياً.
لقد اهتميت بكتابه، فلسطين تاريخياً ونضالياً، فقد أهداني أياه وبتوقيعه حين كان مديراً لمكتب الرئيس ياسر عرفات، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في الأردن وكان أيضاً مستشاراً مميزاً للرئيس عرفات، أبو عمار، وبقي في موقعه حتى وفاته عام 1995.
وقد مضى ابناؤه على طريقه في النضال، فكان منهم عزام الأحمد الذي يشغل الان موقع عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وممثل فتح فيها، كما يشغل عضو اللجنة المركزية في حركة فتح، وقد كان سفيراً لفلسطين في العراق، وقد زرته حين كان سفيراً، وقد احتفظ بعلاقات مميزة مع الرئيس صدام حسين رحمه الله وساهم في تطوير العلاقات العراقية – الفلسطينية، ورافق الرئيس عرفات في معظم زياراته الى بغداد وخاصة حين وقعت الحرب، وحين زار عرفات بغداد والتقى الرئيس صدام في الأوقات الصعبة.
على طريق نجيب الأحمد، مضى عزام يواصل نضال الوالد وكان يحمل ملف الحوار في المصالحة بين فتح وحماس لسنوات، كما أنجز مهمات في لبنان لصالح المخيمات الفلسطينية والحوار الفلسطيني اللبناني.
اكتب لمناسبة استعمالي كتاب نجيب الأحمد بكثرة، فعل جانبي مباشرة، كتابان، الأول معاصر هو كتاب نجيب الأحمد، فلسطين تاريخياً ونضالاً، والآخر كتاب تراثي احببته وهو مرجع تاريخي مميز هو كتاب، الكامل في التاريخ لأبن الأثير، وقد لا يجمع بينهما جامع سوى التاريخ مع تباين الزمن، لكن لفت انتباهي أمس ليلاً وانا أعيد قراءة نجيب الأحمد ، لاستبصر فيه جوانب من العلاقات الأردنية الفلسطينية ورموز تلك العلاقة ورواية الأحمد عنهما.
نجيب الأحمد عاصر الثورات الفلسطينية، الأولى عام 1936، وانخرط فيها شاباً مقاتلا ومع الثورة الفلسطينية المعاصرة، وكان في موقع قيادي في مكتب الرئيس الراحل عرفات، كما أنه أشغل حياة ملفتة بالعمل والمواقع، فقد كان سكرتيراً لشؤون اللاجئين ومفتشاً للصليب الأحمر الدولي، وكان نائباً في البرلمان الأردني عن جنين .. لأربع دورات متتالية، والى عام 1963، كان أحد مؤسسي الحزب الوطني الاشتراكي مع سليمان النابلسي والشهيد هزاع المجالي وعضواً في المجلس الوطني الفلسطيني الأول واستمر فيه حتى وفاته بلا انقطاع، وسجنته سلطات الاحتلال قبل ابعاده الى الأردن مع جميع أفراد اسرته، كما عين قائداً للضفة الغربية في جيش التحرير الفلسطيني، واعطي رتبة فخرية عام 1972، واصبح ممثلاً للعلاقات السياسية للمنظمة في الأردن، وبعد عودته من سوريا وقد أبعد اليها، فقد عاد الى عمان عام 1975، وقد كلفه الرئيس أبو عمار الذي كان الأحمد مقرباً منه بإعداد الوثائق والدراسات اللازمة والشهود لمقابلة اللجنة الدولية حول الممارسات الاسرائيلية في الأراضي المحتلة.
كانت مواقفه كثيرة ومتعددة وكان رجل المهمات المتعددة عند الرئيس عرفات، فقد كلفه الرئيس بملف المهمات العربية من خلال إدارته لمكتب الرئيس، كما شغل منصب أمين سر لجنة دعم الانتفاضة حتى عاد الى الوطن وبقي مستشاراً للرئيس للشؤون العامة.
لقد تنقل بين .. السجون ولم ينس أبو منير، وهو اللقب الذي كان ينادى به في السجون متنقلاً ما بين سجن جنين الى سجن نابلس والى سجن المزرعة في عكا والى سجن القدس وحتى الجفر الصحراوي وقسوة النفي لإبعاده عن الأهل.
وما أن أتيح له أن يعود الى رمانه،جوار جنين مسقط رأسه، حتى سارع لذلك تواقاً، وقد رأه اصدقا ؤه يبكي في طريقه الى الوطن، وقد هدأت نفسه وهو يرى فلسطين مرة أخرة، وقد ظل يؤمن بالعودة وضرورتها الى ان تحققت له وتنفس هواء جنين كما يقول عنه صديقة اللواء عرابي كلوب.
كان وطنياً حتى النخاع لم يتقاعد رغم كبر سنه، فقد ظل الى آخر لحظة مستشارا للرئيس للشؤون العامة.
رحل بعد رحلة طويلة من النضال وتنقل مقاتلاً وسجيناً ومنفياً ومناضلاً ولم يترك موقع خدمة وطنة لحظة واحدة

Related posts

لا عهد لهم.. مسرحية المسيرة وعقدة السنوار

د. سهام الخفش… نشاط مقدّر

سوق الدين العالمي: الأزمة المتفاقمة وآفاق المستقبل* الدكتور محمد عبدالستار جرادات