وقف ثريد: نموذج خيري رائد للإطعام المستدام ومكافحة الجوع

عروبة الإخباري – كتب طلال السُكر –

في عالم يواجه تحديات متزايدة تتعلق بالجوع وسوء التغذية، يظهر وقف ثريد كإحدى المبادرات الخيرية الرائدة التي تسعى لتقديم الحلول المبتكرة والمستدامة.

تأسس وقف ثريد بهدف نبيل يتمثل في إطعام المحتاجين لوجه الله تعالى، من خلال توفير وجبات غذائية متوازنة وصحية يوميًا، و يعتمد الوقف على مراكز توزيع استراتيجية، تبدأ من موقع مركزي بجوار المسجد الحسيني في وسط البلد، وتنتشر في مواقع مختلفة داخل المملكة، ما يجعله نموذجًا يحتذى به في مجال العمل الخيري والإطعام المجتمعي.

وقف ثريد هو مثال رائع على المبادرات الخيرية المبتكرة التي تسعى إلى تحقيق غايات نبيلة بطرق فعالة ومستدامة. إن التركيز الفريد لوقف ثريد على الإطعام فقط، من دون التوسع في مجالات أخرى، يُظهر التزام القائمين عليه بالوصول إلى هدفهم المركزي وهو مكافحة الجوع ونقص التغذية بطريقة فعالة ومركزة.

البداية من موقع مركزي بجانب المسجد الحسيني في وسط البلد تعكس حرص القائمين على الوقف على اختيار مواقع استراتيجية، بحيث تكون قريبة من الفئات المحتاجة وتخدم أكبر عدد ممكن من الناس. هذا الموقع الرئيسي، المدعوم بمستودع ومطبخ قريبين يسهمان في تلبية الاحتياجات اللوجستية، يُظهر تخطيطًا ذكيًا ومتقنًا لضمان استمرارية الخدمة.

التوسع إلى مراكز فرعية في أماكن أخرى مثل المقامات الدينية الكبرى هو دليل على استراتيجيتهم التي تهدف إلى تعميم الخير وتوسيع نطاق الوصول إلى المستفيدين في مختلف مناطق المملكة. هذه الاستراتيجية ليست فقط وسيلة لخدمة المزيد من الناس، بل هي أيضًا تعبير عن رؤية تستوحي من التجارب الناجحة مثل الوقف الإبراهيمي في الخليل، الذي حافظ على استمراريته لأكثر من ٩٠٠ عام بفضل تركيزه الثابت على خدمة الإطعام.

إن استلهام وقف ثريد من تراث حضاري عريق، واستمراريته في تقديم الخير عبر الأجيال، يضيف بُعدًا تاريخيًا وثقافيًا إلى مهمته، ما يعزز مكانته كصرح خيري مستدام.

ولإعطاء الوقف بعدًا معنويًا وقيميًا إضافيًا معززاً لارتباط الوقف بتاريخ الهاشميين الطويل في إطعام الفقراء والمحتاجين، وأول من هشم الثريد لقومه بمكة هو جد الهاشميين عمرو بن عبد مناف، وأطعمه وله يقول مطرود بن كعب الخزاعي:

عمرو الذي هشم الثريد لقومه         ورجال مكة مسنتون عجاف

وقف ثريد هو بلا شك خطوة مباركة تعزز من ثقافة الإطعام الخيري، وتمهد الطريق لمبادرات مشابهة تساهم في محاربة الفقر والجوع بطرق مبتكرة ومستدامة، تستلهم من الماضي وتتطلع إلى مستقبل مشرق.

Related posts

لا عهد لهم.. توبة ماكرون

السمهوري: 79 عاماً على تأسيس الأمم المتحدة والفشل بتحقيق اهدافها ومقاصدها

حسابات الأردن في ضربة إيران* ماهر أبو طير