أسئلة الحرب على طاولة “الجماعة الوطنية”* حسين الرواشدة

المقاربة الوحيدة التي سمعناها ،من داخل مجتمعنا، لمواجهة أسئلة الحرب ، وتداعياتها واستحقاقاتها ، على بلدنا ، انحصرت- فقط – في هتافات الشارع واعتصاماته، وهي في الغالب تُعبّر عن تيارات سياسية شعبوية معروفة ، تريد أن تضعنا على جبهة الحرب بشكل مباشر ، وان تُلحقنا بالتنظيمات التي تحولت إلى “دويلات” داخل دولها، أو أن تحشرنا في زاوية الفزع التشكيك ، وربما الخيانة والعجز.
‏معقول أن تبقى نخبنا السياسية، ومعها بلدنا ، بين فكي كماشة المنفعلين والباحثين عن دور البطولة ، والآخرين الذين لا يرون الأردن إلا من ثقب محاورهم وقضاياهم ، ثم لا نسمع صوتا للجماعة الوطنية الأردنية التي يُفترض أن تفكر بهدوء وعقلانية، وأن تقول كلمتها في إطار حسابات المصالح العليا للدولة الأردنية التي هي المركز ، وكل ما سواها يجب أن يدور في فلكها، معقول يحدث ذلك ولا يهتز لأحد منا جفن؟
‏بعد عام من اندلاع حرب 7 أكتوبر ، كان يجب أن نجلس على طاولة حوار وطني لتقييم أدائنا العام ، لم نفعل ذلك بالطبع ، لكن أسئلة الحرب ما تزال حاضرة وبقوه ، وربما أوضح مما مضى ؛ هل نحن جزء من الحرب أو طرف فيها أو يمكن أن تُفرض علينا ، مِمَ نخشى، من التهجير والوطن البديل فقط ، أم أن ثمة أثماناً سياسية أخرى سندفع فاتورتها، هل نحن جاهزون للتعامل مع أي طارئ ، ثم هل “الطريق الآمن ” أن نبقى في مربع المعركة الدبلوماسية والسياسية وحالة التصعيد التي نقوم بها ضد الاحتلال ، هل يشكل التمسك بخيار استراتيجية السلام ،حتى وإن رفضته تل أبيب على المدى المنظور ، خيارا بديلا ومضمونا بدل الوقوع في فخ نتنياهو وحربه المفتوحة التي ربما تستمر ، على الجبهات السبعة، لعام قادم او اكثر؟
‏من هم حلفاء اليوم، إقليميا ودوليا، ماذا لو اصطدمت مصالحنا العليا مع الاحتلال في لحظة مفاصلة حاسمة، أين ستقف واشنطن ومع من، ماذا لو أصبح التهجير أمرا واقعا، كيف سنتعامل معه ، هل سنعتبره ملفا إنسانيا أم سياسيا، كيف يمكن تطوير مقاربات لحلول سياسية تجعلنا طرفا مهما في المعادلة ، ما هي هذه المقاربات الآن وما بعد الحرب ، هل يساعدنا أداؤنا العام الحالي على فعل ذلك ، أم أننا بحاجة إلى استدارات داخلية وخارجية، ثم ماذا عن العمق العربي ، هل يوجد لدينا فرصة لبناء تحالف عربي كخطوة او مقدمة لتحالف دولي يلجم جماح تل أبيب ، ويعيد المنطقة إلى سكة السلامة؟
‏يبقى السؤال الأهم ، ما الذي يجب أن نفعله على صعيد جبهتنا الداخلية ؟ هذا الملف وحده يحتاج إلى مصارحات ومكاشفات حان وقتها ، ليس -فقط – على صعيد التماسك الاجتماعي والتحديات الاقتصادية الصعبة ، ولكن على صعيد العلاقة بين إدارات الدولة وبينها وبين المجتمع ، هل يتمتع مجتمعنا بالقدر المناسب من العافية لكي نطمئن إلى قدرته وفعاليته وجاهزيته، هل نجحنا في تعبئة الأردنيين نحو هدف واحد ، وهو حماية الأردن ، التعبئة هنا مهمة وصعبة أيضا، لأنها ترتبط بالخطاب السياسي والإعلامي والنفسي ، وتواجه مصدات ومزاودات مغشوشة ، بعضها من داخل مجتمعنا ، وبعضها من خارجه.
‏الأردن بلدنا ، ومن واجب الأردنيين أن يخرجوا من الأدوار التي رسمها بعض الذين لا يرونهم إلا مجرد “ذخيرة ” في بنادقهم، أو ملفا على أجنداتهم ، من واجبهم -أيضا – أن يتحرروا من فكي كماشة (معنا أو ضدنا ) التي يريد أصحابها أن يحشروننا في زوايا التشكيك والتخويف ، أو النسخ والإلصاق، نحن الأردنيون نعرف كيف نحدد مصالحنا وأدوارنا ، ونُقدّر أين نقف وكيف ندافع عن بلدنا ، ما نحتاجه من الذين يتصدرون صفوفنا، أقصد ” الجماعة الوطنية” أن يجلسوا و يتحاوروا بهدوء وعقلانية للإجابة على أسئلة الحرب التي تتعلق ببلدنا ، حاضرا ومستقبلا.. ، فهل سيتحركون؟ إنا لمنتظرون

Related posts

السمهوري: هل تخدم مناكفات تصريحات بين ماكرون ونتنياهو حول شرعية تأسيس إسرائيل ودور الأمم المتحدة لحل القضية الفلسطينية؟

ليست حرب ثنائيات* ماهر أبو طير

صفقة «قرن» تاريخية بين القوميات الثلاثة* حسين الرواشدة