فقيد الأردنيين سمير قعوار

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –

رحل زعيم القواعرة بلا منازع، رحل سمير قعوار، بعد مرض لم يترك اصدقاؤه فيه من السؤال عن صحته والاطمئنان عنه، كان صديقاً وفياً للكثيرين ممن تعاملوا معه، ولذا فإن الأردنيين سيفتقدونه رغم ان المرض رافقه.. طويلاً
كان سنداً ويداً قوية لحكومة علي أبو الراغب، التي عمرت طويلاً، وكان لها قرارات كثيرة ومارست الولاية، كان ظلها حتى وهو بعيد عن اشغال مقاعدها أو حقائبها شخصيتين نافذتين حضورا اجتماعياً وتاثيرا هما
سمير قعوار وصبيح المصري، وكلاهما كان يشغل ماكنة الإسناد، وكان أبو الراغب يلتقيهما في أوقات ربما تطول عن لقاء الكثير من وزرائه، كان سمير قعوار صاحب فكرة ساطعة أن آمن بها يمسك بها حتى النهاية، وكان لا يحب الجدل الطويل، بل كان يؤمن بالدخول الى التنفيذ.
أنه من بين الشخصيات التي اغتربت طويلاً في الولايات المتحدة، وقد استفاد من طرق التفكير الموضوعي والعلمي وامتلك عقلاً اقتصادياً ناجحاً عبر عنه في الكثير من مشاريعه التي نقلها الى الأردن بمحبة.
فسمير قعوار أدخل باتساع وتميز زراعة التمر المميز، المجول ليصبح نموذجاً عالمياً، كما أنه انخرط بالعمل السياسي من خلال النيابة اولا عن السلط التي أحبها وعن الفحيص التي احتضنها، وكان قد رعى لي كتاباً عنها بعنوان (الفحيص صبيان الحصان) وقد تعلمت منه الكثير.
الذين عملوا معه وأحبوه وأخلصوا قالو كان يحب الاتقان والإنجاز وكان يختار الرجال بعناية
هو سلطي حتى النخاع، أحبها ورعى مصالها وهو أردني بأمتياز وعربي، بدأ حياته بسيطاً، درس في كلية خضوري الكلية الشهيرة آنذاك في فلسطين في طولكرم، والمتخصصة بالزراعة، ثم انتقل الى الولايات المتحدة ليدرس في ايرزونا لدرجة الماجستير في الهندسة الميكانيكية ثم جامعة تكساس عام 1961، وقد كرمته كلية (جامعة خضوري الفلسطينية) كونه من اوائل روادها ومن المميزين، شغل العديد من المناصب التي ظل أكبر منها ومنها وزيرا للمياه والري، وفي زمنه جرى التخطيط لنقل مياه الديسي والبحث عن تمويل، ووزير النقل وقد ترك فيها تصمات، وكان عضواً من قبل في مجلس النواب وفي مجلس الاعيان أكثر من مرة، كنت أحب الحوار معه وكان يقدر ما يطرح عليه من افكار.. حتى لو استفزته
كان قعوار قد اتم التسعين من عمره قبل أن يرحل هذا الأسبوع، ولكنه عانى المرض في السنوات الأخيرة، فأقعده المرض، (لا يقهر الرجال سوى المرض كما قال علي بن أبي طالب ، وفي فترة مرضه الأولى، كان نازل. متقد الذاكرة ولم يلبث ان تعب.
خبر وفاته لف السلط والبلقاء وعمان وعموم الأردن وترك حزناً على رؤوس الكثيرين وفي قلوبهم، فقد غاب رجل من رجالات الأردن الذين أحبوه واعطوه وافتقدوه كان صاحب كاريزما ورأي.
كان يجعل جهده الإبداعي يصب في مجال الزراعة والصناعة، وقد أهل نفسه لذلك ونجح في العديد من المشاريع الهامة، وقد حمل رايته من بعده ابنه زيد الذي أخذ من والده صفاته الحسنة ودماثة الخلق ومحبة الناس.
في نقاشنا لم يكن أبو زيد يؤمن بالعمل الحزبي ويرى أن الفهم العربي للحزبية والديمقراطية هو فهم مشوه وهم بحاجة اي العرب الى معاودة التفكير الذي يرهنهم للماضي والتخلص العصبوية البغيضة والعشائرية الضيقة والتزمت، وأن تحرير العقل هو المقدمة الاولى … لاستيعاب الحضارة والشراكة فيها، لم يكن ليجاهر بكل افكاره، وحين سؤل عن السبب، قال، أن ذلك قد يولد لدى مستمعيه سوء فهم وردة فعل لا يقصد نتائجها.
لم يبخل برأي وكان جريئاً في طرح أفكاره وكان الملك الراحل الحسين يعرف عنه ذلك وكان يحب الاستماع اليه.
كان قعوار من نادي السيجار، الذي يجمع عشاق السيجار كالراحل زيد الرفاعي وأخرين، وكان دائم التذكر لأصدقائه بالهدايا من سجار وتمور وغيرها.
كان يزين المجالس وهو صاحب نكتة هادئة غير مبتذلة، كان يعطي وقد ساعد الكثيرين، ولم يكن أحد يعلم بما يعطي.
عاش حياته المبكرة بانطلاقة شديدة، ولم يكن لديه بداية ميل للسياسة الى ان رجع إلى وطنه الأردن بعد غياب في الدراسة والعمل.
أحب الحياة وتمتع بها وأحب من أحبوها وجالسهم، فقد كان له اصدقاء يفتقدونه
كان مديراً فذاً ومتابعاً وفياً لأعماله ومجالس إدارته المتعددة وكان يصوب الأخطاء بهدوء وبدون انفعال ويزرع في العاملين الثقة وعرف عنه وفاؤه وطول علاقاته.
احب في العلاقات، صديقه طاهر المصري وعبد الكريم الكباريتي، وكان يرى أن البرلمان يجب أن يبقى مدرسة يتخرج منها رجل الدولة، ولكن حلمه لم يستمر رغم أن البرلمان الذي انخرط فيه تخرج من قادة كثيرون تولوا أعلى المناصب
رحل راضياً عن عمله وانجازه وعن حياته، اتعبه المرض واتعب من حوله من الذين بقوا يضعونه في عيونهم، وقدمان يضيء الحديث عنه لاصدقائه حين يسألوا الدكتور رجائي الصويص رحمك الله يا أبا زيد فقد كنت انساناً بامتياز.

 

Related posts

فلسطين… خط الدفاع الأول… عن الأمن القومي العربي؟ * د فوزي علي السمهوري

شراكات استثمارية نوعية بين الإمارات والأردن* د. رعد التل

تغيير قواعد الاشتباك، سايبريًّا!* بشار جرار