اكد خبراء اقتصاديون ان زيارة رئيس دولة الامارات محمد بن زايد آل نهيان الى المملكة تناولت عدة جوانب سياسية واقتصادية نظرا لما يرتبط به البلدان من علاقات أخوية وتاريخية ممتدة.
ولفت الخبراء في احاديث الى «الرأي» إلى ان البعد السياسي الذي تناولته زيارة رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد آل نهيان ولقائه بجلاله الملك عبدالله الثاني تمثلت في تأكيد الزعيمين على ضرورة وقف الحرب على غزة ولبنان وتكثيف الجهود العربية والدولية نحو تهدئة شاملة وحماية المدنيين ووقف التصعيد وايصال المساعدات الانسانية الى غزة واشار الخبراء الى أن البعد الاقتصادي لزيرة رئيس دولة الإمارات العربيَّة المتَّحدة الشَّقيقة دشن في توقيع الشراكات الاقتصادية الشاملة واتفاقية التعاون والمساعدة الإدارية المتبادلة في الشؤون الجمركية بين حكومة البلدين.
وشهد جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الأحد، توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة واتفاقية التعاون والمساعدة الإدارية المتبادلة في الشؤون الجمركية بين حكومتي البلدين.
وتهدف اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الأردن والإمارات إلى تعزيز الفرص الاستثمارية والتجارية والتعاون الاقتصادي في مجالات متعددة، وتربط البلدين بفعالية مع الأسواق العالمية.
قال رئيس غرفتي تجارة الأردن وعمان، خليل الحاج توفيق، إن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الأردن والإمارات ستعمل على تنشيط عمليات التبادل التجاري بين البلدين من خلال زيادة حركة الاستيراد والتصدير.
وأضاف الحاج توفيق، أن الاتفاقية تتضمن ميزات تشمل المناطق الحرة وتخفيض شروط قواعد المنشأ، إلى جانب تعزيز حقوق الملكية الفكرية للقطاع الخاص في كلا البلدين.
وأكد الحاج توفيق أن تركيز الاتفاقية على الجانب الاستثماري، من خلال إنشاء مجلس استثمار مشترك، سيساهم في تسهيل إقامة مشاريع تجارية في كلا البلدين، وإزالة أي عوائق إجرائية أو بيروقراطية أمام المستثمرين.
وأشار إلى أهمية الاتفاقية بالنسبة للقطاعين التجاري والخدمي، معتبرًا إياها خطوة غير مسبوقة مع دولة الإمارات، التي تتميز بتقدمها في التحول الرقمي في مختلف المجالات. كما أضاف أن الأردن يمتلك الكثير من الكوادر البشرية المؤهلة في هذا المجال، ما يعزز من الفوائد لكلا الطرفين.
وبحسب البيانات، يبلغ متوسط حجم التبادل التجاري السنوي بين الأردن والإمارات خلال الفترة من 2019 إلى 2023 نحو 1.5 مليار دولار، حيث بلغ هذا الحجم ذروته في عام 2022، ليصل إلى 2.4 مليار دولار.
وتشمل أبرز السلع المتبادلة الأدوية، المعادن، التمور، الألبسة، الحلي والمجوهرات، المنتجات الغذائية واللحوم، الخضار، بالإضافة إلى المنتجات الكيميائية والمنظفات والمشتقات النفطية.
وشهدت التجارة البينية غير النفطية بين الأردن والإمارات نموًا بنسبة 118 بالمئة خلال الفترة من 2019 إلى 2023، مما عزز حصة الأردن من إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية الإماراتية مع الدول العربية لتبلغ 8 بالمئة، ليكون الأردن بذلك الشريك التجاري الثالث عربيًا لدولة الإمارات.
وتعتبر الإمارات الشريك التجاري الخامس عالميًا والثاني عربيًا للأردن، حيث تبلغ حصتها 6.2 بالمئة، مع تسجيل نمو في التجارة البينية بنسبة 120 بالمئة خلال الفترة من 2019 إلى 2023.
وبدورها أكدت غرفتا صناعة الأردن وعمان، أهمية اتفاقية الشراكة بين الأردن والإمارات في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية وتحسين سلاسل التوريد وتسريع نمو القطاعات ذات الأولوية بين البلدين، وسيكون لها تأثير مباشر على معدلات وحجم التجارة البينية خاصة بعد تسجيل التجارة الثنائية بين البلدين نموًا بنسبة 36.8 بالمئة خلال النصف الأول من العام الحالي.
وثمنت الغرفتان الاتفاقية التي تعد أول شراكة اقتصادية شاملة على صعيد التعاون العربي المشترك، مشيرتا إلى أن الاتفاقية لها دلالات واضحة على مستوى العلاقات المتميزة بين قيادتي البلدين الشقيقين.
وأضافت الغرفتان أن الاتفاقية تعكس عمق الأواصر الأخوية والاستراتيجية المتبادلة والنموذج الذي يحتذى به على صعيد التكامل الاقتصادي العربي، ولها أهمية في تعزيز التعاون الاقتصادي والتكامل التجاري الاستثماري بين البلدين، وبناء شراكات مثمرة وإطلاق آفاق جديدة من التعاون التجاري والاستثماري الممتد منذ سنوات طويلة نتيجة العلاقات الأخوية والاستراتيجية التي تربط البلدين.
وأكدتا أهمية الاتفاقية في تحسين حركة التجارة الأردنية من خلال التحسينات المتوقعة على الإدارة الجمركية، ما يعزز فرص الصادرات الوطنية وانسيابها، إضافة إلى استقطاب الاستثمارات الإماراتية إلى القطاعات الصناعية الواعدة وتعزيز فرص إنجاز المستهدفات في رؤية التحديث الاقتصادي، وكذلك تعزيز تنافسية القطاعات الاقتصادية في الأردن، خاصة القطاع الصناعي من خلال فتح آفاق التصدير والمنافذ التسويقية واستقطاب الاستثمار.
وقال الخبير الاقتصادي والمالي زياد الرفاتي ان زيارة سمو الشيخ رئيس دولة الامارات العربية المتحدة للمملكة الأحد ولقائه جلالة الملك تجسد.عمق العلاقات الاخوية والعميقة والتاريخية على مر العهود التي تربط قادة البلدين وشعبيهما الشقيقين، وتأتي في ظروف دقيقة تمر بها المنطقة في ظل استمرار العدوان الاسرائيلي على غزة وفشله بعد انقضاء عام في تحقيق أهدافه واطلاق تهديداته وتصدير أزماته الداخلية الى الدول المجاورة وكذلك العدوان على جنوب لبنان وامتداده الى البقاع وبيروت.
ولفت الرفاتي الى ان العدوان الاسرائيلي حظي بنصيب كبير من الزيارة، وتأكيد الزعيمين على ضرورة وقف الحرب على غزة ولبنان وتكثيف الجهود العربية والدولية نحو تهدئة شاملة وحماية المدنيين ووقف التصعيد وتجنب امتداد الصراع في المنطقة والدفع نحو هاوية حرب اقليمية والتحذير من تبعات اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية والمقدسات الاسلامية والمسيحية ودعمهما الكامل للشعب الفلسطيني في نيل حقوقه.
وبين الرفاتي انه وفي اطار ايصال المساعدات الانسانية الى غزة، فان هناك تنسيقا اردنيا أماراتيا وجهود كبيرة في هذ المجال تعجز عنه دول كبرى ومتحدين المخاطر سواء برا من خلال الشاحنات أو جوا عبر الانزالات الجوية واقامة المستشفيات الميدانية لاستقبال الحالات المرضية التي ترد بشكل واسع وتقديم العلاجات ساهمت في التخفيف من اثار المعاناة وقد استقبلت المستشفيات الميدانية الأردنية 494 ألف حالة أي ما يقارب نصف مليون وأجرت 2950 عملية جراحية، وسير الأردن 3535 شاحنة لنقل المساعدات الاغاثية منذ بدء الحرب ونفذت القوات المسلحة?الأردنية 388 انزالا جويا على شمال وجنوب قطاع غزة منها 122 انزالا أردنيا و266 انزالا بالتعاون مع دول شقيقة منها دولة الامارات وصديقة، مشيدا سموه خلال الزيارة بدور الأردن في مساندة الفاسطينيين واغاثة غزة.
واشار الى انه ومنذ بدء العدوان على لبنان وفي اطار مساندة الدول الشقيقة، فقد أرسلت القوات المسلحة الأردنية بالتعاون مع الهيئة الأردنية الخيرية الهاشمية خمس طائرات تحمل مواد غذائية واغاثية وأدوية ومستلزمات طبية، وباستجابة اماراتية سريعة وسخية قرر سمو الشيخ رئيس دولة الامارات اقامة جسر جوي واطلاق حملة اغاثة لدعم الشعب اللبناني تمتد من الثامن الى الحادي والعشرين من تشرين الأول الجاري بقيمة 100 مليون دولار والنازحين اللبنانيين الى سوريا بقيمة 30 مليون دولار وتسيير ست رحلات جوية اضافية لنقل المساعدات حيث المساع?ات الطبية بعد خروج ست مستشفيات عن الخدمة في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت والمساعدات الغذائية والاغاثية للتخفيف من معاناة المدنيين والنازحين.
ولفت ايضا الى ان وقد شهدا خلال الزيارة توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين الشقيقين التي تتويجا للجهود الملكية وتوظيفا للعلاقات الاستراتيجية بينهما في استقطاب الاستثمارات وتعزيز التكامل الاقتصادي الثنائي والتجارة البينية العربية التي أثبتت أهميتها ودورها والحاجة اليها لمواجهة التحديات والأزمات الدولية واختلال سلاسل الامداد والتوريد العالمية وتحقيق التنمية المستدامة والأمن الغذائي والاعتماد على الذات.
و لتضاف المشاريع المدرجة في هذه الاتفاقية إلى المشاريع التنموية والاستثمارية التي تم تنفيذها في الأردن بتمويل إماراتي وبإجمالي 908 مليون دولار، ومشاريع قيد التنفيذ بإجمالي 503 مليون دولار. إضافة إلى الاتفاقيات القائمة بين شركة تطوير العقبة ومجموعة موانئ أبو ظبي.
وذكر انه قد تم في مطلع تشرين الثاني 2023 توقيع مذكرات تفاهم لحزمة مشاريع استثمارية إماراتية في المملكة بقيمة 5.5 مليار دولار من ضمنها مشروع سكك الحديد التي تم توقيع مذكرتها في بداية أيلول الماضي بقيمة 2.3 مليار دولار لربط ميناء العقبة بمناطق التعدين في الشيدية وغور الصافي.
وقال ممثل قطاع الالبسة والمحيكات في غرفة صناعة الاردن المهندس ايهاب قادري ان اتفاقية الشراكة الاقتصادية بين الأردن والإمارات جاءت كإتفاقية شاملة تؤكد عمق العلاقات المتميزة والفكر الإستراتيجية لقيادتي البلدين جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وذلك إيماناً بأهمية تعزيز العمل العربي المشترك، سواء على المستوى الثنائي أو الجماعي، خاصة في ظل التحديات الراهنة في المنطقة والعالم، تمهد الطريق أمام توفير مزيد من فرص العمل، وتحسين سلاسل التوريد، ومواصلة استكشاف أوجه التعاون المثمر، إضافة إل? فتح آفاق جديدة للتكامل الاقتصادي.
ولفت قادري الى أن هذه الإتفاقية تمهد الطريق نحو بناء شراكات إستراتيجية وكنقطة إنطلاق لمستوى رفيع من التعاون التجاري والاستثماري الممتد منذ سنوات طويلة نتيجة العلاقات الأخوية والاستراتيجية التي تربط البلدين، والتي بدورها ستكون أحد الروافع التي ستعزز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية وتحسن سلاسل التوريد، وتسرع نمو القطاعات ذات الأولوية.
وبين أن هنالك أهمية على صيعد الصناعة الوطنية خاصة وأنها تعالج عدد من التحديات المتعلقة بوصول المنتجات لعدد أكبر من الأسواق بأسعار تنافسية، ما يساهم في تحسين حركة التجارة الاردنية ما يعزز فرص الصادرات الوطنية وانسيابها.
وقال الخبير الاقتصادي والمالي وجدي مخامرة ان الاتفاقيات التي تم توقيعها مع دولة الامارات تعكس العلاقات المميزة بين الأردن والامارات وخاصة في ظل الظروف الاقليمية التي تشهدها المنطقة ولفت مخامرة الى ان هذه الاتفاقيات ستعزز بعض القطاعات وستساهم في تعزيز الاستثمار في المملكة الذي هو حجر الزاوية في تحقيق رؤية التحديث الاقتصادي واشار مخامرة الى ان الاتفاقيات الموقعة بين الأردن والامارات سيكون لها زخم كبير في تعزيز النمو الاقتصادي واستقطاب الاستثمارات الاماراتية لدى الأردن ولفت مخامرة الى ان هذه الاتفاقيات تعزز فكرة ان الأردن هو البعد الاقليمي لدولة الامارات وخاصة في مجال الاستثمارات في القطاعات الواعدة