محمد ارسلان… فقيدنا

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –

حزنا عليه حزناً شديداً فهو واحد من جيلنا وندر أن لا يعرفه الكثيرون في عمان والزرقاء، كان صاحب سبع صنايع كما يقولون، كانا طالباً دارساً في بريطانيا نشيطاً ومكافحاً، وكان من أصول شيشانية، لعب دوراً في شرح هوية الشيشان ومعاناتهم حين كان ذلك ضرورياً، وظل أردنياً مخلصاً، ووفيا لأردنيته ولم يسمح لأحد أن يزايد عليه، وفي سياق اثبات وطنيته واخلاصه، عمل بجد فكان نقابياً مميزاً عمل في مؤسسات المجتمع المدني بنشاط، وكان التزم بلدة السخنة جوار الزرقاء، حيث له بيت ومزرعة يهرب من ضجيج المدينة، وقد ظل وفياً للسخنة التي تركز فيها أجداده الشيشان والشراكسة، (الأردنيون معظمهم لا يميزوا بين القوميتين رغم الاختلاف بينهما)، فقد كانت وصية السلطان العثماني قبل تأسيس الدولة الأردنية أن ينزلوا الى الماء باعتبارهم مزارعين وفلاحين، وكان الماء في الأردن يعني النزول في السخنة  وجرش وعمان وصويلح، وقد تركوا .. للشيشان بطولات يحتفظ بها التاريخ  وما زال من الفروسية والعنفوان ومن الوطنية والتضحية، وقد قرأت تاريخهم وأدبه وبعض الروايات فيه … كان محمد ارسلان، ينتمي الى كل هؤلاء، ولم يكن متعصباً بل كان منفتحاً يلتزم قضايا وطنه الأردن وأمته العربية وناضل من أجل فلسطين وأمن بقضيتها، وقد كنت استضفته في برنامجي “اللقاء الفتوح” في الإذاعة الأردنية، الى ما قبل وفاته باسبوع، وكنت أعلم أنه يشكو من القلب وأنه عمل عملية القلب المفتوح، الاّ أنه لم يكن يخشى الموت وكان يرد على الموت بحبه للحياة واقتحامه دروبها.

حدثني عن جده الذي استشهد وهو يقود القطارات في الزرقاء عندما تصادم الاتراك والانجليز وعن حياة الشيشان وعن حبهم للزرقاء، وقد كرمتهم الأردن بأن كانوا في اجهزة الدولة المميزة وعبروا عن وطنيتهم واخلاصهم.

عاش محبوباً كريما، وقد أكلنا في بيته أكثر من مره، ورافقته في السفر الى بلجيكا مع مجموعة مميزة من الأردنيين، فكان يسهر على اصحابه ورفاقه مما لو  كانوا في بيته او ضيوفه.

كنت لا أحب التدخين  الذي كان يحبه بشراهة، وكان قد تسلم رئيساً لغرفة صناعة الزرقاء وقد خدم فيها كثيراً ومع مجموعة كبيرة من الأصدقاء الذين حزنوا كثيراً لوفاته ومنهم فارس حموده

كما شغل موقع رئيس مجلس إدارة مياهنا في عمان، وكان يساهم بشكل شخصي في حل الكثير من المشاكل، كما كان مساعداً لرئيس مجلس النوب الأردني  فترة سطوع المجلس حين كان في الرئاسة .. الباشا الراحل عبد الهادي المجالي، تجد أرسلان نجم المجالس ومولع بتعريف الاصدقاء ببعضهم البعض، خفيفاً على المجالسة وليس ثقيلاً، يقدر الآخرين ويبتعد عن النميمة ويمقت ذلك.

رحل محمد مبكراً دون استئذان، قال إنه يشعر بالملل بعد مقابلته في الاذاعة وأنه سيسافر الى سوتشي على ساحل البحر الأسود، وقد فعل، ولم يعمر طويلاً، فرحل فقد عاوده القلب الذي حمل الكثير من العمليات الصعبة والذكريات المتعددة.

كان يخفي انفعاله ويظهر سروره ومحبته وتواضعه.

ترك اسرة أحبته وأحبها من أولاد وبنات وزوجة عظيمة في الاهتمام به والعناية بأطفاله، ستبقى ذكراه لدى اصدقائه وجيرانه عطرة، فهو نخوتلي   كما يقال بالأردني.

لم ينتظر ولم يعرف نتائج تحليلاته حين كان يتحدث ضد حرب الأبادة على غزة فيستمع اليه المتابعون.

رحمك الله يا محمد وأسكنك فسيح جناته.

Related posts

لا عهد لهم.. صورة على أبواب الجحيم!

مبروك لأبو هديب

السمهوري: ما هذه الوقاحة ولماذا ضعف فرنسا بالرد على نتنياهو؟