“حزب الله” المرتبك أمنيا يعتريه الضعف سياسيا وتنظيميا

عروبة الإخباري –

اندبندنت عربية –

سوف تبقى التقارير والفيديوهات التي نشرت أشلاء ونداءات الاستغاثة، بعد تعرض عناصر “حزب الله” في لبنان للتفجير عبر “أجهزة البيجر” التي كانوا يحملونها، محفورة في أذهان الناس لفترة طويلة وقد لا تمحى، فالمشهد كان مروعاً ومؤلماً وتعبيراً عن الكلفة البشرية الهائلة للعنف والصراعات.

“واقعة البيجر” كما باتت تعرف أو “مجزرة البيجر” أدخلت الرعب في قلوب اللبنانيين فباتوا يتخوفون من استعمال هواتفهم المحمولة وغيرها من أجهزة الاتصالات، خوفاً من خرق سيبراني آخر، ولكن الخوف الأكبر الذي يتملك الساحة اللبنانية هو حرب شاملة بين إسرائيل و”حزب الله” التي لم تعُد مستبعدة، بل أصبحت واقعاً وحقيقة يتهيأ اللبنانيون لمواجهتها.

على الصعيد الرسمي، علق وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض بالقول إن لبنان يحتاج إلى الاستعداد للأسوأ، موضحاً “أعتقد بأننا بحاجة إلى الاستعداد لأسوأ السيناريوهات، إن الهجومين اللذين وقعا في اليومين الأخيرين يظهران أن نيتهم ​​(إسرائيل) ليست التوصل إلى حل دبلوماسي”.

سوسن مهنا

وأضاف الأبيض أن “ما أعرفه هو أن موقف حكومتي واضح، فمنذ اليوم الأول، نعتقد بأن لبنان لا يريد الحرب”.

وكان الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله قال تعليقاً على الهجمات الأخيرة في خطاب له إن إسرائيل تجاوزت “كل الحدود والقواعد والخطوط الحمراء”، معترفاً بحجم الضربة وبأنها كانت غير مسبوقة لحزبه، ومؤكداً أن قدرة الحزب على القيادة والتواصل ظلت سليمة وأنه تم فتح تحقيق في كيفية حدوث ذلك.

وقال نصرالله “يمكن أن نطلق عليها جرائم حرب أو إعلان حرب، أياً كان ما نختاره لتسميتها، فهي تستحق وتتناسب مع الوصف، كانت هذه نية العدو”، متعهداً بعقاب عادل من دون أن يحدد ماهية الرد وزمانه.

ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” خبراً مفاده بأن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أبلغ المسؤولين الأميركيين بأنه لم يعُد أمام إسرائيل سوى الخيار العسكري لإعادة مواطنيها إلى الشمال.

وأضافت الصحيفة نقلاً عن مسؤول أميركي لم تكشف عن هويته أن “الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين توسل نتنياهو عدم شن حرب على لبنان” وأن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أبلغ كبار قادة “البنتاغون” بقلقه الصريح من قرب انطلاق العملية البرية الإسرائيلية في لبنان.

وتتأتى المخاوف من اندلاع الحرب الشاملة من المعطيات التي باتت واضحة، أن الطرفين إسرائيل و”حزب الله” يعتبرانها حرباً وجودية، بخاصة بعد الضربات القاسية والمؤلمة التي أصابت جسد الحزب الذي لم يكُن يضع في حساباته الحرب المفتوحة، معتمداً على عدم صمود إسرائيل في حرب طويلة، وهي التي تخوض وللمرة الأولى حرباً قاربت على إتمام عام، ومستنداً إلى الضغط الأميركي في سبيل إرساء قواعد لاتفاق أو تفاهم لوقف إطلاق النار.

وتقول مصادره إن الوضع خطر جداً ولا بد من الاستعداد للتصعيد، وعلى الجانب الآخر من الحدود تحدث مراسلون عسكريون إسرائيليون عن أن ما يجري ضد “حزب الله”، عبارة عن سلسلة هجمات ستتوالى ضده، وصولاً إلى تحقيق الغاية الإسرائيلية.

وتحدثت تقارير إعلامية إسرائيلية كذلك عن اكتمال عملية التموضع الأميركي في المنطقة لمواجهة سيناريو الحرب الشاملة، وأن قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال مايكل كوريلا ناقش خلال زيارته إلى إسرائيل أخيراً، تحديثات خطط عملياتية للجيش الإسرائيلي ضد “حزب الله” وإيران، في اجتماع عقد تحت الأرض قرب الحدود اللبنانية.

ونقل أحد المراسلين الإسرائيليين على الحدود الشمالية أن تفجيرات أجهزة اتصال “حزب الله” اللاسلكية، كشفت عن هوية شخصيات لبنانية كانت تعمل لأعوام لمصلحة “حزب الله” بصورة خفية وسرية في إطار التباهي بـ”الإنجازات الأمنية والاستخباراتية جراء الهجوم الغامض”.

ودولياً وعلى ما يبدو أن الولايات المتحدة “يئست” من بعد الجولات المكوكية لموفدها هوكشتاين إلى المنطقة، من دون أن يحقق نتائج أو بوادر لنتائج عملية، وعلى جانبي الحدود، إذاً أصبح من الممكن القول إن الأمور تفلتت من أيادي الرعاة الإقليميين وخرجت عن السيطرة وكل القواعد والخطوط الحمراء.

الخروقات الاستخباراتية عميقة جداً

وفي السياق كان لافتاً ما قاله نصرالله إنه و”بالنسبة إلى الحساب العسير، فالخبر هو في ما سترونه لا في ما ستسمعون ونحتفظ به في أضيق دائرة”، إذ اعتبر أنه إقرار بحجم الخروقات التي تعرض لها الحزب أمنياً وأن إسرائيل قادرة على اختراق جسمه تقنياً وبشرياً وربما على مستوى قادة أساسيين، وهذا إن دل على شيء فعلى مستوى التمزق الذي يعيشه الحزب اليوم، فهل من الممكن القول إن الحزب “انتهى”، أو إلى أي مدى ضعف؟.

للإجابة عن سؤال كهذا، فإن الأمر يعتمد على السياق الذي تتم فيه المقاربة، فمن المنظور العسكري البحت، ينظر بعضهم إلى هذه الخسائر على أنها جزء من تكتيك دفاعي أو هجومي، وقد يعتبرون أن الخسائر البشرية ليست بالضرورة مؤشراً على ضعف، بل على قوة الردع أو التضحية في سبيل أهداف أكبر، وهذا ما قاله نصرالله إن “هذه الضربة الكبيرة والقوية لم تسقطنا ولن تسقطنا”، مشيراً إلى أن إسرائيل كانت تسعى إلى ضرب نظام القيادة والسيطرة وإشاعة الفوضى في صفوف مقاتلي الحزب “إلا أن ذلك لم يحصل ولو للحظة واحدة”.

لكن من الناحية النفسية والمعنوية، فإن تكرار هذه المشاهد (الاستهدافات) قد تؤثر في الروح المعنوية، سواء لدى الأفراد داخل الجماعة أو لدى المؤيدين، فربما تبدأ التساؤلات حول الثمن البشري المرتفع الذي يُدفع، بالتالي من الصعب القول إن “حزب الله انتهى” أو إنه ضعف بصورة جذرية بعد الضربات التي تعرض لها، على رغم التحديات والضغوط الشديدة التي يواجهها، سواء كانت عسكرية أو سياسية أو اقتصادية، وكان سابقاً قد تعرض لعدد من الضربات الكبيرة على مر السنين، سواء في مواجهاته مع إسرائيل أو بسبب دخوله في الصراعات الإقليمية مثل سوريا واليمن.

ومع ذلك، هناك عوامل عدة تجعل من الصعب الحديث عن نهاية الحزب في المرحلة الحالية، بناء على القدرة العسكرية والبنية التنظيمية التي يمتلكها، وعلى رغم الضربات ما زال يحتفظ بقدرات عسكرية قوية وبنية تنظيمية متينة وقدرة على إعادة التموضع والتكيف مع التحديات تُعدّ من أبرز نقاط قوته، إضافة إلى أنه ما زال يحتفظ بدعم جزء كبير من المجتمع الشيعي في لبنان، بخاصة بين الفئات التي تستفيد من خدماته الاجتماعية والتعليمية والصحية، وما زال يحتفظ كذلك بدعم إيراني مستمر، سواء من ناحية التدريب أو التسليح أو التمويل، مما يعزز من صموده أمام الضغوط الخارجية.

هنا لا بد من الإشارة إلى أنه لا يزال لاعباً أساسياً في “محور المقاومة”، ولديه علاقات وثيقة مع إيران وسوريا، بالتالي فإن حضوره الإقليمي يعزز من صموده على الساحة المحلية، وعلى رغم ذلك قد تكون هذه الضربات أثرت في استراتيجيته أو مدى نشاطه في بعض المجالات، بخاصة على الجبهة الإسرائيلية أو في الساحات الإقليمية الأخرى.

ولكن هل أصاب “الحزب” الوهن؟ أو ضعف بعد الضربات القاصمة والشديدة القوة التي تعرض لها؟.

يقول الإعلامي والمحلل السياسي فادي أبو دية في حديث إلى “اندبندنت عربية”، إن “تاريخ مقاومة ’حزب الله‘ منذ انطلاقته ودعمه الكامل المطلق من إيران، وعلى رغم كل العقوبات التي فرضت عليه بسبب موقفه من فلسطين ودعمه لحركات المقاومة، قد تعرض لكثير من الضربات الموجعة، لا سيما عندما اغتيل الأمين العام المؤسس السيد عباس الموسوي ثم القائد العسكري الحاج عماد مغنية وقافلة كبيرة من الأسماء التي تشكل مفصلاً دقيقاً، رأينا أن ’حزب الله‘ لملم جراحه وعاد ليقف على قدميه ويكمل المسيرة”.

ويتابع أبو دية أنه “في الحقيقة إن الضربة التي تلقاها الحزب من تفجير البيجر، إلى اغتيال القائد إبراهيم عقيل موجعة ولكن من دون شك أن ’حزب الله‘ ليس حزباً تتوقف مسيرته على أشخاص، على رغم أهميتهم وعملهم الدقيق، إلا أن الحزب دائماً ما يفاجئ الجميع بأوراقه المخفية التي تكمل المسيرة بقوة أكبر وهنا شواهد كثيرة، من كان يعلم بالسيد نصرالله إلا عند تشييع السيد عباس الموسوي؟، وقد جاء وأكمل المسيرة بقوة”.

في حين يشير الصحافي والمحلل السياسي علي حمادة لـ”اندبندنت عربية” إلى أنه “لا يمكن القول إن ’حزب الله‘ انتهى، لا عسكرياً ولا سياسياً، هو تعرض لضربات كبيرة ومؤلمة ومؤذية جداً على صعيد التنظيم العسكري، وهذا أمر واضح من الأرقام والأسماء والدور الذي كانت تقوم به الشخصيات التي استهدفت، لا سيما أن الضربة التي نستطيع وصفها بالضربة التاريخية والتي لا سابقة لها بحسب قول الأمين العام للحزب نصرالله هي ضربة الـ’بيجر‘، وهذه الضربة سيحتاج الحزب إلى وقت طويل لكي يتبين ما حصل أولاً، وثانياً لكي يقرأ من خلالها الدروس التي يجب أن يتعلمها والتي يمكن أن يستغلها ويستفيد منها، كي يعود ويقف على قدميه”.

والانكشاف الاستخباراتي الهائل هو “ضربة كبيرة وخطرة جداً بالنسبة إلى الحزب لأنه يجب ألا ننسى أن هذا التنظيم هو تنظيم أمني عسكري بالدرجة الأولى، ثم حزبي وعقائدي بالدرجة الثانية، وأن ينكشف إلى هذه الدرجة فهذا يعني أن ذلك قد يؤدي إلى كارثة كبيرة داخله”، وفق حمادة.

ويضيف أن “الضربة شديدة وقاسية وكافية لأن تؤذيه وتعرقله، لكنها غير قادرة على الإجهاز على الحزب لأنه يستند إلى مقومات عدة، من بينها الجانب العسكري والاستخباراتي والأمني، والجانب العقائدي أي استخدام الدين لأغراض وأهداف سياسية ولخدمة العسكر، وهناك أيضاً الجانب الاجتماعي المالي، وشبكة المصالح حوله التي تؤدي دوراً في خدمة العقيدة والوظيفة الأمنية والعسكرية التابعة له، ذلك أن الحزب هو جزء من الدفاعات الأمامية التابعة للنظام الإيراني، مما يعني ضربة الحزب في بيروت تردداتها تصل إلى قلب طهران لأنه يعتبر جزءاً من النظام هناك وليس فصيلاً عادياً”.

ويتابع حمادة أن “المسألة المالية الاجتماعية هي مسألة شديدة التعقيد لأنها تقوم على المؤسسات والتعاونيات والمدارس والدعم المالي وشبكة الرواتب، وهي تصل في الأقل إلى ربع مليون شخص يستفيدون منهم داخل الطائفة والبيئة الشيعية، إضافة إلى متابعة هذه البيئة من المهد إلى اللحد، فيقومون بدور في التعليم والحضانة والزواج والإسكان فيمولون إسكان جماعتهم، أيضاً في المآتم والأعراس والتعويضات، مما يعني في كل مراحل هذه البيئة”.

أين إيران مما يحصل؟

وفي خضم الحرب الشرسة التي يواجه فيها “حزب الله” إسرائيل والتي بدأت تتشكل معالمها إلى حد ما، مع التفوق التكنولوجي والآلة الحربية الإسرائيلية، في مواجهة صواريخ الكاتيوشا التي يستعملها الحزب، ومع تدمير عدد لا يستهان به من مخازن الأسلحة التابعة له ومنصات إطلاق الصواريخ، ومحاصرته عبر القصف الإسرائيلي المتواصل لقوافل الإمدادات الآتية من إيران عبر العراق وسوريا، بات واضحاً أن توازن القوى يميل لمصلحة تل أبيب وأن القدرة الردعية للحزب سقطت، وهو على هذه الحال لن يستطيع الصمود لفترة طويلة مقبلة.

وكان لافتاً غياب أي معالم للرد على إسرائيل من قبل طهران، علماً أنها كانت توعدت برد في مرحلة سابقة على اغتيال القائد “الحمساوي” إسماعيل هنية الذي اغتالته إسرائيل داخل العاصمة الإيرانية، ويبدو أن تمييع الرد والتسويف الإيرانيين نابعان من مخاوف آخرها تحذير وزارة الخارجية الأميركية من مفاقمة عدم الاستقرار في المنطقة وأهمية العمل على تهدئة التوترات من أجل إتاحة المجال أمام التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حرب غزة، وأكدت الخارجية الأميركية أن واشنطن ملتزمة الدفاع عن إسرائيل “ضد الإرهابيين بما في ذلك ’حزب الله‘ ووكلاء إيران الآخرين”.

وقال المتحدث باسمها ماثيو ميلر للصحافيين “نحض إيران على عدم استغلال أي حادثة لمحاولة مفاقمة عدم الاستقرار وتصعيد التوترات في المنطقة”، إضافة إلى التصريحات اللافتة للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي تحدث فيها عن “علاقة أخوة” مع الولايات المتحدة وقال “إذا اثبتوا أنهم ملتزمون الاتفاقات وما كتبوه، فسنكون أخوة ونحن لسنا طلاب حرب وإنما رجال سلام”، بالتالي فإن هذه المعطيات دفعت كثيرين إلى القول إن إيران باعت الحزب في خضم مفاوضاتها مع الغرب. فهل ذلك ممكن عملياً؟.

يقول الإعلامي فادي أبو دية إن “إيران قامت أساساً على مبدأ المقاومة أولاً، وتحرير فلسطين ثانياً، وهاتان ركيزتان من ثوابتها، أيّاً تكُن الظروف ونوع الحكم سواء كان إصلاحياً أو محافظاً، لا سيما مع وجود سماحة المرشد الأعلى صاحب الكلمة الفصل في إيران، لا يمكن لها أن تبيع أو تتخلى أو تتنازل عن المقاومة، لا في لبنان ولا في العراق، ولا في اليمن ولا في فلسطين”.

ويتابع أنه “يمكن القول وبصورة واضحة إنه لو أرادت إيران أن تتخلى أو تتنازل عن المقاومة لحكمت الشرق الأوسط كاملا،ً فإن المغريات التي عرضت عليها لقاء التخلي عن فلسطين أو المقاومة لجعلتها من أقوى دول العالم اقتصادياً وعلمياً وتكنولوجياً ونووياً، ولكنها رفضت بصورة قاطعة”.

ويؤكد أبو دية أن “التسويق لهذه النظرية هو جزء من إشاعة الجو المثبط للعزائم وإحاطة المقاومة بهالة من الضعف، أما في حقيقة الأمر فإن المقاومة ستعود سريعاً للوقوف على قدميها وإكمال المسيرة، والأهم تنفيذ الوعد بضرب الكيان ضربة موجعة جداً وإكمال جبهة الإسناد لغزة، والخذلان كان من بعض الدول العربية التي خذلت فلسطين قبل المقاومة، وخذلت المقدسات قبل المقاومة ظناً منها أن السلام أو التطبيع سيحمي دولها، ولكن الحقيقة أنها أصبحت لقمة سائغة يسهل مضغها في أي وقت”.

جزء من النظام الإيراني

ويعلق الكاتب والصحافي علي حمادة على هذه النقطة، قائلاً “أشك بأن إيران باعت الحزب، ولكنها تقف متفرجة ومجبرة ألا تفعل شيئاً في الوقت الحاضر ولأنها غير قادرة ولأنها تعلم تماماً أن الرد عليها هذه المرة سيكون على أراضيها”، ويضيف أنه “حتى هذه اللحظة يعتبر الحزب جزءاً من النظام وهو ذراع حقيقية وليس فصيلاً مقرباً وهو أهم من الحشد الشعبي في العراق”.

ويشير حمادة إلى أن هناك ضغطاً شديداً وواضحاً على الحزب خوفاً عليه من تصعيد الأمور مع الإسرئيليين لأنهم قد يكونون أدركوا أن إسرائيل تبحث عن حرب واسعة للإجهاز على التنظيم العسكري في “حزب الله”، من هنا فإن عدم الرد على اغتيال إسماعيل هنية له حساباته الخاصة داخل إيران وفي التفاوض مع الغرب والولايات المتحدة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.

“المقاومة” ورقة ضغط إيرانية

ويرى بعضهم أن العلاقة بين إيران و”حزب الله” ليست مجرد علاقة مصلحة عابرة، إذ يعتبر الحزب جزءاً من مشروع إيراني أوسع يرتكز على فكرة “محور المقاومة” الذي يضم مجموعات مسلحة وأطرافاً إقليمية تتبنى التوجه نفسه، وهذه العلاقة تمتد إلى مستويات أيديولوجية واستراتيجية أعمق من مجرد تحالف تكتيكي يمكن التخلي عنه بسهولة، وبما أن الحزب يمثل ذراعاً قوية لإيران في المنطقة، خصوصاً على الحدود مع إسرائيل، وهو جزء من منظومة الردع الإيراني تجاه أي هجوم إسرائيلي أو غربي، فإن التخلي عنه يعني إضعاف هذا المحور، مما يبدو غير محتمل في ضوء التهديدات المستمرة التي تواجهها إيران في المنطقة.


وتعتمد طهران في مفاوضاتها مع الغرب على مبدأ “المقاومة” وتستخدم قوتها في المنطقة كورقة ضغط، وربما تقدم على بعض التنازلات في مفاوضاتها النووية أو الاقتصادية، إلا أن التخلي عن نفوذها العسكري في المنطقة قد يضر بمصالحها الاستراتيجية بعيدة المدى.

من هنا سؤال يطرح نفسه، هل من الممكن أن يعود الحزب لالتقاط أنفاسه ولملمة جراحه؟.

بناءً على عوامل عدة متعلقة بمرونته التنظيمية واستراتيجياته المتبعة في مواجهة الضغوط، أظهر “حزب الله” تاريخياً قدرات عالية في التكيف مع التحديات والصمود أمام الضغوط، سواء كانت داخلية أو خارجية.

ويوضح حمادة إنه “يمكن القول إن الحزب قادر على التقاط أنفاسه، ولكن هل من مصلحة لإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة التوقف عند هذا الحد، هذا هو السؤال، يجب علينا تذكر تجربة حرب 2006 لمدة 33 يوماً التي دمرت قرى جنوبية عدة وأدت إلى مقتل ما بين 500 و600 من قياديي وعناصر الحزب، إضافة إلى 1200 من المدنيين، فضلاً عن تدمير جزء من الضاحية الجنوبية، لكن الحزب استطاع وبفترة قصيرة وبتمويل من إيران إعادة بناء نفسه، عدا عن تمويل قاعدته بالسيولة النقدية، وكذلك هبّ العالم العربي لإعادة إعمار الجنوب والمناطق المدنية المدمرة، ولكن الحزب انقضّ على الداخل اللبناني، ومن ثم نفذ القرار 1701 على طريقته، وخلال الأعوام الماضية شيئاً فشيئاً حوّل كل الجنوب إلى منطقة عسكرية متقدمة لإيران، مما يعني أن القرار الأممي ووجود ’يونيفيل” شكليّان، ويعتبر وجود الجيش اللبناني كذلك شكلياً وظاهرياً فقط، ولتغطية الشرعية اللبنانية على ما يفعله الحزب حتى هذه اللحظة”.

نتنياهو للأميركيين: حربي هي حربكم

ويتابع حمادة أنه “لا بد من الإشارة إلى أمر مهم وهو أن بعض الضربات الإسرائيلية لها رمزيتها عند الأميركيين، فعندما يضرب الإسرائيليون الحزب بقوة وبعنف من دون التسبب بحرب إقليمية، يوافق الأميركيون على ذلك ويتقبلونه، خصوصاً أن القياديين فؤاد شكر وإبراهيم عقيل من بين قادة ’حزب الله‘ المدرجين على قوائم الإرهاب الأميركية، وسبق لوزارة الخزانة الأميركية أن عرضت مكافأة تصل إلى سبعة ملايين دولار لمن يقدم معلومات عن عقيل، كما أنهما على لائحة الاغتيالات الأميركية لأن شكر مرتبط بضربة المارينز عام 1994 التي أسفرت عن مقتل 241 فرداً من الوحدة، وكذلك فإن عقيل مرتبط بتفجير السفارة الأميركية في عين المريسة غرب بيروت في مارس (آذار) 1983، مما يعني أن على يديه دماء أميركية واسمه من الأسماء البارزة على قائمة أهداف الاستخبارات الأميركية”.

ويردف حمادة أنه “بمعنى آخر نتنياهو يريد أن يقول للأميركيين ’حربي هي حربكم‘، بالتالي، هنا السؤال المفصلي إلى أي مدى سيذهب الإسرائيلي؟. عندها يمكن الإجابة عن سؤال هل يستطيع ’حزب الله‘ أن يرمم نفسه بسرعة، أم أنه سيتعرض لضربة من الصعب جداً أن يقوم بعدها؟”.

Related posts

الجبهة العربية الفلسطينية: وعد بلفور المشؤوم بداية لأكثر فصول التآمر الاستعماري خطورة على الأمة العربية

تعديل مواعيد بدء الدوام المدرسي الأحد واستقبال الطلبة الساعة 7:45 صباحا

مقتل وجرح سبعة وثلاثين شخص في هجوم إرهابي في باكستان