اليوم تبدأ النتائج الأولية لانتخابات مجلس النواب بالظهور وبغض النظر عما قد يصاحب ذلك من نشوة الفوز أو خيبة الامل للأحزاب أو التجمعات العائلية والفكرية فنحن أمام استحقاقات سياسية واقتصادية تستلزم المباشرة بعمل يعتمد مصلحة الوطن عبر التصدي للمصاعب التي نواجه واستثمار الفرص المتاحة الكفيلة بتحقيق الطموحات التنموية المستجيبة لطموحات المواطنين وتطلعاتهم في تأمين مزيد من فرص العمل ورفع مستوى حياتهم وتأمين وتحسين الخدمات المقدمة لهم.
ولهذه الغاية لا بد من ترتيب علاقات تعتمد التعاون والمشاركة كأسلوب عمل يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية والتوافق على برامج وآليات عمل تتيح المضي قدماً في جهود الإصلاح السياسي، والاستمرار في تحديث وتطوير الإجراءات التنفيذية الكفيلة بتحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي وتلك التي تضمن مواصلة تطوير القطاع العام وتحسين الخدمات التي يقدمها للمواطنين والمستثمرين على حد سواء.
من الواضح أن الأردن يحظى بفرص جيدة لتحقيق إنجازات تعزز مكانته الاقتصادية وتساهم في تحسين بيئة الاعمال مما يؤدي لتحفيز وجذب مزيد من الاستثمارات.
فنسبة التضخم التي من المتوقع أن يتم احتواؤها خلال العام الحالي في حدود 2%، والاحتياطيات الأجنبية التي وصلت الى رقم قياسي يبلغ 20 مليار دولار، أي ما يكفي لتغطية مستوردات المملكة من السلع والخدمات لما يزيد عن ثمانية أشهر، ومتانة الجهاز المصرفي والحفاظ على استقرار سعر صرف الدينار كل ذلك أثبت أن السياسات النقدية استطاعت رغم الظروف الإقليمية أن تحقق إنجازات لافتة.
كما أن مواصلة الإصلاحات الاقتصادية بالزخم المعتاد يساهم أيضاً في تعزيز القدرة على مواجهة الصدمات، ولعل قيام وكالة ستاندرد آند بورز برفع التصنيف الائتماني السيادي للأردن طويل الأجل بالعملة المحلية والأجنبية من B+ إلى BB- مع نظرة مستقبلية مستقرة رغم الظروف الإقليمية المحيطة ولأول مرة منذ ما يزيد على عقدين، ولتنضم بذلك الى ما قامت به وكالة موديز قبل بضعة أشهر، يفتح المجال أمام تعزيز الثقة بالاقتصاد الأردني ويتيح الحصول على مصادر تمويل بأسعار فائدة معتدلة كما يرسل إشارة إيجابية للمستثمرين ويعكس منعة وقوة ومرونة الاقتصاد الاردني وقدرته على مواجهة الصعوبات والظروف الاستثنائية التي تشهدها المنطقة.
اليوم نحن في أشد الحاجة لكي تعمل مختلف السلطات في الدولة الأردنية بتناغم وانسجام لنتمكن من استثمار الإيجابيات والفرص المتاحة وتوظيفها والبناء عليها والمباشرة في تنفيذ المشاريع الاستراتيجية الكبرى ومشاريع الشراكة والعمل على تخفيض أعباء الدين العام وتقليص عجز الموازنة لتوفير مزيد من الموارد للمشاريع الرأسمالية، وتخفيض كلف الإنتاج لرفع تنافسية المنتج الأردني وغيرها من الإجراءات التي تضمن انعكاس هذه الإيجابيات والفرص على حياة المواطنين وعلى البيئة الاستثمارية وصولاً الى توليد مزيد من فرص العمل المستدامة التي تساهم في مكافحة الفقر والبطالة والتي وصلت الي مستويات قياسية خلال الاعوام الاخيرة.
رغم صعوبة الظروف الإقليمية والتحديات العديدة التي تواجه الأردن الا أن العمل المخلص الدؤوب المستند الى فهم كامل وإدراك عميق لطبيعة المرحلة الحالية وما توفره من فرص كفيل بأن يحقق ما نتطلع اليه من إنجازات اقتصادية وتنموية تدعم مسيرة نهضة الأردن ورفعته.