في عالم يتغير بسرعة الضوء، ونحن نرى الذكاء الاصطناعي يجتاح حياتنا من كل زاوية، يبدو أننا في الأردن نعيش انتخاباتنا وكأننا نحاول اللحاق بالعصر، بينما ما زالت عقولنا عالقة في الماضي. نفس الشعارات، نفس الأسماء، نفس الوعود، ولكن هل تساءل المرشحون يومًا ماذا سيقول عنهم الذكاء الاصطناعي؟ هل استعدوا لما هو قادم؟ أم أننا ما زلنا نحسب الأيام بالعقلية القديمة؟
كمغترب أردني، أتابع الانتخابات منذ أن كانت الورقة تُسلم من يد إلى يد، وكان المواطن يحدد خياراته بناءً على وعود تُروّج بأحاديث شفوية وملصقات بسيطة تحمل آمالاً مبهمة، لكن، دعونا نتحدث بصراحة. الذكاء الاصطناعي يتقدم، وكل شيء بات يوثق. سيأتي يوم – قريب جدًا – يسألك فيه الناخب: “هل وفيت بوعدك الذي قطعته في حملتك الانتخابية في عام 2024؟” ولن تستطيع الاختباء، كل كلمة قلتها، وكل وعد قطعته، سيكون موجوداً بضغطة زر واحدة، دون الحاجة لنبش الملفات القديمة أو تقليب الصحف.
ما نحتاجه الآن في الانتخابات الأردنية ليس مجرد وجوه جديدة أو وعود براقة، بل أن نأخذ من الذكاء الاصطناعي درسًا في التحليل والاستباقية، ولو كان الذكاء الاصطناعي مرشحًا، لعرف كيف يقنع الجمهور، لأنه سيقوم بدراسة البيانات وتحديد ما يحتاجه الناس بالفعل، وسيوجه خطابه بناءً على الحقائق والمعلومات، وليس على العواطف الفارغة.
الذكاء الاصطناعي لا يكذب… ولكن ماذا عن المرشحين؟
الذكاء الاصطناعي، كما نعلم جميعًا، يعمل على تحليل البيانات بطرق تفوق العقل البشري. إذا استخدمنا هذه التقنيات في تحليل الوعود الانتخابية السابقة، سنجد أن الكثير من المرشحين لم يفوا بالحد الأدنى من تلك الوعود. في المقابل، لن ينسى الذكاء الاصطناعي إنجازاتك أو إخفاقاتك، فهو لا يتأثر بالتوجهات السياسية ولا بالأهواء، بل يعرض الحقائق كما هي.
السؤال الذي يجب أن يطرحه كل مرشح على نفسه: “هل أنا مستعد لعصر الشفافية المطلقة؟” ففي المستقبل القريب، سيحكم الذكاء الاصطناعي على المرشحين بناءً على سجلهم الفعلي، وليس على شعاراتهم الرنانة، بل وقد يصل الأمر إلى مرحلة يصبح فيها الذكاء الاصطناعي هو الذي يختار المرشحين الأكثر كفاءة بناءً على تحليل شامل للأداء السابق.
هل نحتاج إلى الذكاء الاصطناعي في الانتخابات الأردنية؟
بالتأكيد، فالذكاء الاصطناعي قد يكون حلاً عملياً لتحسين عملية اتخاذ القرار الانتخابي، ويمكنه مساعدة الناخبين في اختيار الأنسب، وتحليل أداء النواب السابقين، وحتى تقديم توقعات دقيقة لمدى قدرة المرشح على الوفاء بوعوده، ولعلنا بحاجة إلى “ناخب ذكي” يعتمد على التحليل الموضوعي أكثر من العواطف.
الأردن بين الماضي والمستقبل: المرشحون والذكاء الاصطناعي
إذا لم يكن المرشحون مستعدين لعالمٍ تتحكم فيه المعلومات والشفافية، فإن الذكاء الاصطناعي سيظل دائماً يذكرهم: “أنتم تحت المجهر، ولا يوجد مكان للاختباء”. لذا، على كل مرشح أن يسأل نفسه قبل أن يطلق وعوده: “هل يمكن أن أكون أكثر شفافية وصدقًا مما يتوقعه الذكاء الاصطناعي؟”. لأنه في النهاية، الذكاء الاصطناعي لن يغفل، ولن يغفر.
وفي الوقت الذي تتغير فيه اللعبة السياسية في العالم، يجب على الأردن ألا يتأخر في تبني هذه التقنيات، علينا أن نعلم أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن خداعه بالشعارات الرنانة، فهل سيتعلم المرشحون الجدد من المستقبل؟ أم سيظل الذكاء الاصطناعي يراقب من بعيد، منتظرًا يومًا لا يمكن فيه تجاهل الحقائق؟
الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية، بل هو مرآة تعكس الحقيقة كما هي، فإذا كان المرشحون الأردنيون لا يريدون أن يجدوا أنفسهم خارج السباق في السنوات القادمة، عليهم أن يبدأوا اليوم في تعلم درس بسيط من الذكاء الاصطناعي: “الشفافية والوفاء بالوعود ليست اختياراً، بل هما المعيار الوحيد للبقاء.”