عروبة الإخباري –
قبالة البيان الصادر عن وزارة المال في الدولة اللبنانيّة، المتعلق بالتصريح وتسديد الضريبة على الأرباح المحققة، نتيجة القيام بعمليات مصرفيّة على منصة «صيرفة»، بموجب أحكام المادة 93 من قانون الموازنة العامة للعام 2024، وفي مهلة أقصاها 30/9/2024.
بات الشعب اللبناني في استغراب حقيقيّ، عن كيفية تصّرف الدولة اللبنانيّة، العدوّة لمواطنيها المسالمين، الذين ينتظرون بكامل الصبر احقاق العدل، في مسألة أموالهم المؤتمن عليها في المصارف اللبنانيّة، تحت وصاية المصرف المركزيّ، ويزالون لغاية اليوم يدفعون الرسوم ويلتزمون بالقوانين والتعاميم الصادرة، من دون لا حول لهم ولا قوة في تغييرٍ للواقع المرير الذين يعيشون فيه، ويبدو أن ذنبهم الوحيد، الثقة بدولتهم المصون، وب «ليرتهم» وبمصرف لبنان و بالمصارف اللبنانية، وهم من أودعوا أموالهم كأمانة في البنوك اللبنانيّة، التي ذاعت شهرتها الحسنة في أصقاع العالم، وساهم المودعون اللبنانيون، مقيمون ومغتربون بنمو القطاع المصرفيّ، و تحقيقه لأرباح هائلة معنوياً وماديّاً، لتأتي النتيجة، مرة جديدة في معاقبة اللبنانيين، على ثقتهم تلك، فحُجزت أموالهم، وجنى عمرهم، وبدأ تطبيق «هاركات» ساوى بين صغار المودعين وكبارهم، في غياب أدنى خطة إصلاحيّة، لإحقاق العدل والعدالة، كما لم يُشهد أيّ تدخل للدولة اللبنانيّة، عند وقوع الواقعة والأزمة الرهيبة في العام 2019، لإيجاد حلول، أقله لترميم الثقة المتبقيّة من جديد، وإنقاذ ما تبقى من أمل محتضر، في نفوس اللبنانيين المتعلقين بخيطان وعودٍ طنانةٍ رنّانة، من قِبل السياسيين، وطبعاً ما مَن يفي بكلمة واحدة لغاية الساعة!
إلى أن أتى الوقت الذي اشتدت فيه الأزمة، لدرجة أن أقدم عدد من المودعين للاستحصال على أمواله تحت وطأة السلاح!
عندها ابتكر مصرف لبنان، او بالحري الحاكم رياض سلامة في حينه، منصّة «صيرفة»، التي كانت تعتبر قانونيّة في حينها، وتحت وصاية عيون الدولة اللينانيّة، وتحديداً وزارة الماليّة، من دون اي اعتراض او بيان تحذيريّ مسبق، موجّه لكل من يريد التفاعل مع هذه المنصّة بأنه سيخضع لإجراءات لاحقة،
فرأى اللبنانيّ ب «صيّرفة»، نافذة نور يمكنها أن تعوّض عليه، قلّة قليلة من الخسارة، بخاصةٍ في وضع اقتصادي مهترئ على الأصعدة برّمتها، مع العلم بأن «صيرفة» لم تكن بهذه السهولة، إذ أنها كانت تخضع لشروط من قبل المصرف وبحاجة الى مستندات معيّنة، والشخص الذي لا يستوفي الشروط لا يمكنه الإستفادة منها، وهذا ان دل على شيء، فهو يدّل على أن المصارف أعطت الضوء الأخضر في إجراء العمليات المناسبة، حتى أنها كانت تقتطع نسبة معيّنة من الأموال، أي ان المستفيد من «صيرفة « قد دفع ضريبته سلفاً، قبل حصوله على الربح، في وقت تتناسى فيه وزارة الماليّة، الذل الذي كان يتعرض له المواطن عقب كل عمليّة شهريّة مستحقة، وهو الذي كان ينتظرعلى أدراج المصارف موعده او دوره للسماح له بإجراء العمليّة، فهنا يكون المواطن قد دفع ضريبتان من الأساس، الأولى للمصرف والثانية ضريبة الذل في انتظار دوره الذي كان يتخطى الساعات والساعات في جو المطر والبرد والحر، فقط لسّد جزء من حاجاته الضرورية، وها هي الدولة اليوم، كعادتها وعلى الرغم من « تطنيشها» على الكثير من عمليات التهريب والتّهرب الضريبيّ، تستفيق فجأة من سباتها العميق، الذي دخل عامه الرابع، وتطالب الناس بضريبة على الأرباح التي حققوقها من منصة «صيرفة»، والسؤال المعهود، أليس الأجدى أن تعيد لهم أموالهم المنهوبة قبل المطالبة بضريية الصدفة المستجدّة؟
ألم تكتفِ الدولة بالضرائب الجديدة التي زادت الأعباء على الناس، لتبتكر طريقة جديدة لسحب المال من جيوبهم الفارغة أصلاً بفضلهم؟!
أليس الأجدر ان تقوم الدولة بإعادة العمل لمؤسساتها المنتجة المقفلة منذ سنوات، فتدرّ بذلك أموال طائلة داخل خزينتها، بدل من البحث عن خزعبلات لا تقدّم ولا تؤخّر، سوى التضليل والتهميش والتذاكي؟!
وكيف ستحصل الدولة على ضريبة «صيرفة» مع مرور كل هذا الوقت، حتى أن أغلبية المواطنين لا يملكون رقماً مالياً، ومنهم من هاجر ومنهم من توفيّ؟!
منصة «صيرفة» بدعة صُنعت في زمن جنون الدولار والأسعار، وغياب الرقابة، والحجرعلى أموال الناس، لتأتي وزارة المال اليوم و تطلب ان تستوفي ضريبة على الذل والإذلال،
وماذا عن العمولة التي ستتقاضاها شركات تحويل الأموال عند تسديد الضريبة؟ والى مدى هذا الإجراء يشكّل صفقة مربحة مع هذه الشركات؟ ويمكن القول اننا نعيش في زمن مافيا تلاحق الناس وتشاركهم على ربح «الملاليم» وتنكرهم عند خسارة أموالهم.
من جهة ثانية هل وصل بيان وزارة الماليّة الى جميع الناس، لا سيما ان معظم الناس غير ملّمة بالأخبار الإقتصادية، ولا تعنيها بيانات وزارة الماليّة، وكيف ستتم ملاحقة من لا يدفع؟!
وهل هذا سيعني اقتطاع الضريبة من أموال المودعين المحجوزة أصلا في المصارف،والتي أصلاً قد انهارت قيمتها الفعليّة؟!
ما نعيشه في هذه الحالة يسمى بالمضحك المبكي، دولة فاشلة تتفنن في إحباط شعبها، وتجعله يعيش في دوامة تأمين أدنى مقوّمات العيش وأتفهها،
اتركونا نعيش!! فهل من يسمع؟!