طالعتنا جريدة القبس، في عددها الصادر الخميس الماضي، بخبر حمل عنواناً يدعو إلى التفاؤل، «امتيازات وحوافز للعمل في الخاص»، وهو المطلب الذي طال انتظاره، أن يتجه شبابنا للعمل في القطاع الخاص.
ففي ظل الحقيقة التي لا يمكن غض البصر عنها، وهي ان أي حكومة، مهما بلغت درجة ثرائها ورفاهيتها، لن تتمكن من الاعتماد فقط على القطاع الحكومي لخلق فرص وظيفية لشبابها، فلا بد من إشراك القطاع الخاص.
ولدى النظر في الصورة كاملة، نجد ان الحكومة مؤخراً عملت على أن تصل الى نسبة بطالة 0 %، وهو ما رأيناه من خلال حملة تعيين غير مسبوقة في ديوان الخدمة المدنية، بلغت آلافاً من الباحثين عن عمل لترشيحهم، وبالرغم من رغبتنا الشديدة بأن يحصل كل شاب كويتي على فرصة عمل مستحقة وتعادل كفاءته، فإن ما انتهجته الحكومة في تعيينات ديوان الخدمة المدنية لا يمكن تسميته سوى سوء إدارة، فالحكومة سعت إلى أن تلغي طابور انتظار الوظيفة، وان تقتل البطالة، لكنها زادت البطالة المقنعة، التي هي موجودة بالأساس في معظم الجهات الحكومية، المتخمة بعدد كبير من الموظفين، بعضهم ليس لا يملك عملاً فحسب، بل ربما لا يملك مساحة مكانية في مقر عمله، فكان يضطر إلى إثبات حضوره بالبصمة ثم الانصراف!
الا انه وعلى ما يبدو سرعان ما تداركت الحكومة الأمر، ووعت أنها، وبلا التحليق بجناحي القطاع الخاص والعام، لن تتمكن من القضاء على البطالة، فكان ما قرأناه عن رغبتها في تحديد حوافز وامتيازات للشباب في العمل بالقطاع الخاص، وهي الخطوة المحمودة، التي تنم عن تعديل مسار سوق العمل في البلاد، وخلق فرص وظيفية حقيقية للشباب، وليس فقط ترشيحهم للعمل بلا عمل! فضلاً عن الآثار الإيجابية لهذا التوجه في تعديل التركيبة السكانية، فالقطاع الخاص بأكمله يعتمد على العمالة الوافدة، حيث لا يشكل المواطنون سوى %4.4 من العاملين في القطاع الخاص، وهي نسبة يجب أن ترتفع وفوراً!
الا ان على الحكومة، وهي تتجه نحو تعزيز اندماج الشباب وانخراطهم في العمل في هذا القطاع، ان تتخذ خطوات جادة نحو جعل هذا القطاع بيئة آمنة وجاذبة لهم، فأولاً يجب أن تضع الحكومة ضمانات على الشركات المختلفة، توفر الأمان الوظيفي للشباب الكويتي، خاصة ان معظم الشباب يتخوّف من ترك أمان الحكومة كونها وظيفة مضمونة، فمتى ما تحقق الأمان الوظيفي للشاب فسوف يتجه بلا شك إلى القطاع الخاص.
بينما على الحكومة أن تعيد دراسة وجدولة دعم العمالة للشباب، على أن تكون بنظام الشرائح وفقاً لرواتب الموظفين الكويتيين، مع الأخذ بعين الاعتبار شهاداتهم الدراسية كذلك، فمن غير المعقول أن يتلقى من يصل راتبه لآلاف الدنانير دعماً للعمالة الوطنية، كمن لا يتجاوز راتبه ألف دينار!
وقبل كل هذه النقاط، على الحكومة أن تهيئ الشباب للعمل في القطاع الخاص، سواء عبر ضبط التعليم وجودته، وضمان مخرجات ذات مستوى متمكن لدخول سوق العمل، أو عبر تهيئتهم بدورات وورش عمل متخصصة، فكلنا نعلم أن القطاع الخاص يريد الموظف المنتج، وهو حق مشروع لكل شركة.