وأكد تبون أن “العالم يشهد بأن الجزائري اكتسب حقوقا أخرى لتلببية جميع رغباته” في الديموقراطية.
وأضاف أن “الجزائر جزء لا يتجزأ من العالم العربي والإفريقي والمتوسطي وان شاء الله الأمور تفوت بكل سلاسة”، مشيرا إلى أن “مجريات الحملة الانتخابية كانت نظيفة جدا والفرسان الثلاثة كانوا في المستوى وأعطوا صورة مشرفة جدا للديموقراطية في الجزائر”.
لدى افتتاح مراكز الاقتراع عند الساعة الثامنة (السابعة ت غ) كان المسنّون خاصة من الرجال اول الوافدين، فالنساء عادة ما يتأخرن في التصويت.
وقال سيد علي، البالغ 70 سنة، لوكالة فرنس برس عند خروجه من مركز للتصويت بوسط العاصمة: “جئت باكرا لأداء واجبي الانتخابي واختيار رئيس بلدي بكل ديموقراطية”.
وبدت شوارع العاصمة الجزائرية في الصباح خالية من المارة وكذلك أغلب المتاجر، كما هي العادة في يوم عطلة نهاية الأسبوع، حيث عادة ما تبدأ الحركة بعد الظهيرة.
وأظهرت صور التلفزيون الحكومي توافد الناخبين على مكاتب الاقتراع في عدة ولايات. وفي الجلفة جنوب وسط الجزائر، تشكلت طوابير قبل فتح أبواب مراكز الانتخاب.
ويُنتظر أن تنتهي عملية التصويت في السابعة مساء (السادسة مساء ت غ) وظهور أولى النتائج ابتداء من مساء السبت، على أن تعلن رسميا الأحد.
لكن الفائز يبدو “معروفا مسبقا”، “بالنظر إلى نوعية المرشحين وقلة عددهم غير العادي وكذا الظروف التي جرت فيها الحملة الانتخابية التي لم تكن سوى مسرحية للإلهاء”، كما علق أستاذ العلوم السياسية محمد هناد على فايسبوك.
يحظى الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون (78 عاما) بدعم أحزاب الغالبية البرلمانية وأهمها جبهة التحرير الوطني، الحزب الواحد سابقا، والحزب الإسلامي حركة البناء الذي حل مرشحه ثانيا في انتخابات 2019.
وهو ما يجعل إعادة انتخاب تبون أكثر تأكيدا.
وينافسه مرشحان هما رئيس حركة مجتمع السلم الإسلامية عبد العالي حساني شريف (57 عاما)، وهو مهندس أشغال عمومية أدلى بصوته في مكتب بحي تيليملي بالعاصمة.
ودعا حساني شريف، في تصريح لوسائل الإعلام: “الشعب الجزائري للتصويت بقوة لأن ارتفاع نسبة المشاركة من شأنها تثبيت شرعية هذه الانتخابات”
وعبر عن أمله في ان “تكون الانتخابات دون إكراهات كما عرفنا في السابق”، وقال: “اتركوا الحرية للشعب”.
والمرشح الثالث هو الصحافي السابق رئيس جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش (41 عاما)، وهو أقدم حزب معارض في الجزائر يتمركز في منطقة القبائل، بوسط شرق البلاد.
وأكد عقب إدلائه بصوته في مسقط رأسه بمحافظة تيزي وزو شرقي الجزائر، أن “على كل الجزائريين اغتنام هذه الفرصة وإعطائنا الفرصة لبناء الجزائر التي ننشدها جميعا”، داعيا الرافضين للاقتراع إلى ضرورة المساهمة في “صناعة مستقبلكم والتصويت للصالح مشروع التغيير”.
كان مقررا إجراء هذه الانتخابات عند انتهاء ولاية تبون في كانون الأول (ديسمبر)، لكنه أعلن في آذار (مارس) تنظيم انتخابات مبكرة في 7 سبتمبر (أيلول).
يرغب تبون بـ”مشاركة مكثفة، فهذا هو الرهان الأول، إذ لم ينس أنه انتخب في العام 2019 بنسبة مشاركة ضعيفة، ويريد أن يكون رئيسا طبيعيا وليس منتخبا بشكل سيئ”، على ما أكد مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيف الجزائري حسني عبيدي.
شهدت الانتخابات التي حملته إلى كرسي الرئاسة قبل خمسة أعوام عزوفا قياسيا بلغ 60 بالمئة، إذ كانت تظاهرات “الحراك” العارمة المطالبة بالديموقراطية لا تزال في أوجها. وحصل فيها على 58 بالمئة من الأصوات.
في مواجهة شبح عزوف مكثف، بالنظر لانعدام رهانات هذا الاقتراع، قام تبون ومؤيدوه وكذلك فعل منافساه، بجولات عدة على امتداد البلاد منذ منتصف آب (أغسطس) ليشجعوا على المشاركة القوية.
لكن مجريات الحملة الانتخابية لم تحظ سوى باهتمام ضئيل، خصوصا أنها جرت على غير العادة في عز الصيف في ظل حر شديد.
في الخارج، بدأ الجزائريون المهاجرون الإدلاء بأصواتهم منذ الاثنين، وعددهم 865,490 ناخبا، بحسب الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات.
كذلك، خصصت مراكز اقتراع متنقلة للقاطنين في المناطق النائية داخل البلاد.
ركز المرشحون الثلاثة خطاباتهم أثناء الحملة الانتخابية على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، متعهدين العمل على تحسين القدرة الشرائية وتنويع الاقتصاد ليصبح أقل ارتهانا بالمحروقات التي تشكل 95 بالمئة من موارد البلاد بالعملة الصعبة.
على المستوى الخارجي، ساد الإجماع في مواقف المرشحين الثلاثة إزاء الدفاع عن القضية الفلسطينية، وعن استقلال الصحراء الغربية الذي تنادي به جبهة البوليساريو والجزائر، في مواجهة المغرب.
ووعد تبون، مستندا إلى حصيلة اجتماعية واقتصادية محسنة، بزيادات جديدة في الأجور ومعاشات المتقاعدين وتعويضات البطالة وببناء مليوني مسكن، فضلا عن زيادة الاستثمارات لإيجاد 400 ألف فرصة عمل وجعل الجزائر “ثاني اقتصاد في إفريقيا” بعد جنوب إفريقيا.
في ختام حملته الانتخابية بالجزائر العاصمة، تعهد الرئيس الذي يلقبه البعض في مواقع التواصل الاجتماعي “عمي تبون”، إعطاء الشباب “المكانة التي يستحقونها”، علما أنهم يمثلون نصف سكان البلاد وثلث الناخبين.
وقال إنه يريد استكمال تنفيذ مشروع “الجزائر الجديدة”، معتبرا أن ولايته الأولى واجهت عقبة جائحة كوفيد-19.
في المقابل، تعهّد منافساه منح الجزائريين مزيدا من الحريات. وأعلن أوشيش التزامه “الإفراج عن سجناء الرأي من خلال عفو رئاسي ومراجعة القوانين الجائرة”.
أما حساني شريف فدافع عن “الحريات التي تم تقليصها إلى حدّ كبير في السنوات الأخيرة”، بعد تراجع زخم “الحراك” الذي أطاح عام 2019 الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي أمضى 20 عاما في الرئاسة وتوفي في 2021.
واعتبر حسني عبيدي أن حصيلة تبون تعاني “نقصا في الديموقراطية” يمكن أن يشكل عائقا خلال ولايته الجديدة.
من جهتها أعربت منظمة العفو الدولية غير الحكومية في بيان في الثاني من أيلول (سبتمبر) عن قلقها. وقالت في تقرير: “شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة تدهورا مطردا لوضع حقوق الإنسان. ومن المثير للقلق أن الوضع لا يزال قاتما مع اقتراب موعد الانتخابات”.
وكانت تحدثت في شباط (فبراير) عن “قمع مروّع للمعارضة السياسية”.