عروبة الإخباري – رنا أبو إبراهيم –
ذات يوم كنت أحتسي القهوة وقت احتساء زهر اللوز لأشعة الشمس، وقد بدت كالغيوم المتكسرة على الأغصان. وكان بياضها يتآلف مع أسئلة الفنجان البريئة التائهة بين ذرات الهواء : ما الذي عزز ثقة الناس بالربيع ؟ ولم تتسابق دقات قلوبهم وأسراب العصافير العائدة؟ وما الذي جعل أحلامهم ترخي بثقلها على ظل السعادة؟ والكثير من الأسئلة التي لا تنتهي بانتهاء الزمن، ولا تضمحلّ باضمحلال الحياة…. كان الظلام الحالك الذي يذوب في نقطة وهمية من النور يرتدّ بارتعاشاته نحو أنفاسي المتقلبة، مساعدة إياه أغصان الزيتون التي تغار من جمال الزهر الأبيض الخاشع. فتارة تتصنع السعادة بتمايل خجول مع النسمات الهادئة وطورا تتلاعب بالشعاع وتشرب بعضه.
فجأة، توقف الجمال عن مساعدتي على ترجمة لغة الطبيعة، وانسحب على غفلة دون أن يطلعني على السبب. فتجمد وحي الدم في عروقي عندما تذكرت أنني إنسان… أنني إنسان أتغذى بدم غيري، وأحمّل الطبيعة مسؤولية جرائمي، ثم أعدمها شنقًا، وأعلن الليل حدادًا! تذكرت أنني إنسان من عرقي، وجنسي، واسمي… تذكرت أنني بفضل تلك التعريفات الظاهرية سأدخل هيكل الحقيقة المكتوبة في أعين الناس، ولم أتذكر أنني إنسان يبلغ من العمق حدًّا ربما يطال معنى الإنسانية….
تذكرت… فوقع الفنجان من يدي وانكسر، وتماهى الانكسار مع رقة الزهر الحزين، فعاد كل شيء إلى ما كان عليه، وتذكرت….