عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
كان مساعداً مفعماً بالمعرفة حول الانتخابات ولعله كان المساء الأدسم، منذ بدء عجلة الاقتراب من موقع الانتخاب تدور وتصل.
فقد تحدث المرجعية الأولى وهو وزير التنمية السياسية، جمال حديثة الخريشة الى جمهور عريض في المركز الثقافي الملكي حيث حضرت لجان المخيمات ال (13) المنتشرة على أرض المملكة من أعضاء ورؤساء وممثلين الى جانب جمهور مهتم ومجموعة كبيرة من الإعلاميين والصحفيين.
كان الشرح الذي قدمه الوزير واضحاً وسلساً ومفهوماً في حدود الإطارات والمنطلقات وحث الحاضرين أن يتحولوا الى أدوات لإقناع الجمهور في الشارع على الاقدام على هذه المهمة الوطنية وهي الانتخاب، كالتزام وطني يترجم فيه المواطن مواطنته بخياراته ويكون قادراً على المشاركة.
الوزير رسم الإطارات وقام المتحدث الآخر، وهو الدكتور رائد العدوان، بالشرح التفصيلي، فهو يحفظ درسه رغم أنه لم يمض عليه وقت طويل في موقعه، إلاّ أن اهتمامه الموروث جعله الأكثر قدرة على فهم متطلبات العملية الانتخابية وسياقاتها العملية والنظرية.
تمتع الحاضرون من المتحدثين بسعة صدر وإجابة عن كل الاسئلة المطروحة وهي اسئلة منوعة من الحاضرين من كل المخيمات بما في ذلك مخيم غزة الذي قد لا تعنيه الانتخابات لأنه لا تجري فيه انتخابات لا بالترشح ولا بالتصويت.
مدير عام الشؤون الفلسطينية، رفيق خرفان، وهو شخصية مبادرة ونشطة وخبيرة، وفّر اجواء الإنعقاد والحشد ومكن المتحدثين من تأدية دورهم على أكمل وجه، وتقدم بكلمة استهلالية مميزة عن دور المخيمات الريادي في الوحدة الوطنية وتمتين النسيج الوطني، حيث اعتبر ان المقيمين في المخيمات هم مواطنون لهم حق الترشح والاقتراع، ولا احد يستطيع المزايدة عليهم.
خرفان المعروف جيدا لكل لجان المخيمات والذي عمل … كمرافق لقضاياهم داخل اطارات الدولة الأردنية، جعل الحاضرين يفهمون فهماً عميقاً ومشاركة لاحقة مامولة ان تضع المخيمات في مقدمة نسبة المقترعين كما كانت.دايما
المؤشرات التي اشار اليها الوزير الخريشة هامة وعميقة وأساسية، فالأردن دولة تعددية حزبية وسياسية وليست دولة الحزب الواحد، وهذه … استقرت بالقانون (الانتخاب) وبالتعديل الدستوري المتعلق بذلك، والذي يضمن استقرار التشريع وضمان انسيابه واستحداثه، وعدم القدرة على الاخلال به أو حتى تعديلة الاّ باشتراطات صعبة، وهو حصوله على ثلثي تصويت اعضاء مجلس النواب، وهذا من الصعوبة بمكان.
والانتخابات القادمة كما يرى، الخريشة، وتؤكده الوقائع، هي لإكمال مراحل صنع القرار السياسي في الأردن، فقد طال الانتظار للوصول الى هذا اليوم، وتسرب وقت الانتظار منذ إقرار الميثاق الوطني حتى اصبح ممكناً للأحزاب أن تأخذ هذا النصيب الوفير من المقاعد بتشريع سمح لها وهو تشريع يتطور في تطبيقاته مع السنوات الى ان نصل الى الحكومات النيابية المنتخبة، والتي لو بدأنا فيها منذ ثلاثين سنة لكنا اليوم في حال آخر كما قال العدوان.
الوزير الخريشة، دعى بوضوح واخلاص من المواطنين الى المشاركة والمساهمة في انتخاب مرشحيهم لمجلس النواب على اسس برامجية سياسية.
أكد الخريشة، أن الضمانات الملكية واضحة في الخطاب الملكي وفي القانون وفي الدستور، وانه لا ضمانات بعد ذلك يمكن ان تكون ألزم وأفعل، والدولة جادة، هكذا قال الخريشة، وهي جادة بكل أجهزتها الرسمية بدون استثناء، فلا جهاز يمكنه ان يضع العصي في الدولاب أو أن يتدخل ضد القانون وروح القانون، ومن هنا كان التشدد في الوقوف في وجه المخالفات ومنعها وايضاً في مكافحة المال الأسود، وهناك فرق بين المال الأسود وهو رشوة وبين المال السياسي المسموح به في بلدان العالم.
المطلوب من المواطن كما اقترح الوزير هو التدقيق في برامج الأحزاب، وتقييم الاحزاب على اساس برامجها والتي انطلقت ويمكن معاينتها، إذ لا يمكن إغماض العيون وشراء سمك في البحر، أو بيع تنقصه المعاينة، ولا بد من احكام العقل والمنطق والابتعاد عن الشعبوية الزائدة او عن المزايدة والمناقصة او احتكار العملية الوطنية الهامة العريضة في مزاج أو أهواء.
لقد أعدت الجهات المعنية عدتها ويتقدم الآن فرسان معركة الانتخابات القادمة وهم مملوؤن بالفخر والاعتزاز مع الايمان والمواطنة لإنجاز أول مهمةمن نوعها في هذه المؤية من عمر الدولة الأردنية.
لسنا غريبين على الحياة الحزبية البرلمانية، فقد عشناها وقد سبقت الأحزاب تاسيس المملكة والدولة، ولدينا تراث نعتز به، ولكننا لم نكن نستطيع أن نجني ثمار تلك المراحل لاسباب لا مجال لسردها الآن، ولكننا اليوم نضع اقدامنا وارادتنا ونوايانا ومقدراتنا الوطنية المستهدفة بالخدمة، أمامنا ونحن ننجز أهم مرحلة.
نبارك لدائرة الشؤون الفلسطينية، هذه المناورة الحيّة، التي انجزت لتأكيد الاستعداد لخوض معركة الانتخابات وللمدير العام للدائرة الذي يحظى باحترام الأطراف وهو يسخر جهد الدائرة لدورها الحقيقي ويقيم شبكة علاقات تصب في المصلحة الوطنية.
حديث العدوان مرة أخرى، وضع النقاط على حروف أصبحت مقروءة، وهذه تجربة أولى، لا يمكن ان تلد مكتملة، لكن الرعاية لها تجعلها كذلك، فالديمقراطية نبتة مدللة تحتاج الى سقاية ورعاية وإرادة وأخلاص لتعطي أكلها.
ما سمعناه امس على طاولة المركز الثقافي الملكي المحتشد، أثلج صدورنا واعطى الامل أن الدولة مخلصة في أن تصل هذه الانتخابات الى نهايتها بسلامة وسلاسة ونزاهة، وتبقى الكرة في ملعب مواطنينا، الذين عليهم أن يختاروا الأفضل حتى لا يقال “يامسترخص اللحم عند المرق تندم”.
نذهب الى الانتخابات نحمل الأمل ونترجم رغبتنا في دولة مدنية وديمقراطية توسع مجلس نواب فاعل قادر حتى لا يعاود البعض يقول “كأنك يا أبو زيد ما غزيت”!