شكّل موقع الأردن، في قلب إقليم مضطرب، مصدر فوضى وأزمات متتالية للمملكة، فجواره لسوريا والعراق اللتين تعرضتا لأزمات طاحنة في ربع القرن الماضي كان سببا لعواقب مؤلمة، وأحداث إرهابية ألمت بالأردن.
في الجزء الثاني من وثائقي “العهد” الذي عُرض جزؤه الأول في 29 حزيران الماضي عبر قناة “المملكة“، ويتحدث عن مسيرة جلالة الملك عبدالله الثاني خلال الـ 25 عاما الماضية، يقول مدير برنامج مكافحة الإرهاب في معهد واشنطن، تشارلز ليستر، إن تاريخا حزينا ومأساويا لا يزال يطارد الأردن، على الأقل نتيجة لغزو العراق عام 2003.
“بالنسبة للأردن، ونظرا لقربه الشديد من العراق وسوريا فقد كان مرارا وتكرارا ضحية لعواقب هذه الأزمات ….” وفق ليستر.
وخلال وثائقي “العهد” تم الحديث عن الشهيد الطيار معاذ الكساسبة الذي قضى على يد تنظيم (داعش) الإرهابي، حيث قال وزير الداخلية الأسبق حسين المجالي، إن القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي بالتعاون مع دائرة المخابرات العامة كانوا يرصدون أماكن وجود معاذ الكساسبة، وحاولوا أكثر من مرة إنقاذه في عمليات عسكرية، لكن تغيير المكان كان مستمرا.
وسقطت طائرة الشهيد الطيار معاذ الكساسبة في 24 كانون الأول/ديسمبر 2014 في محافظة الرقة شمالي سوريا أثناء الإغارة على مواقع، وثم أُعدم “حرقا بطريقة وحشية” بتاريخ 3 كانون الثاني/ديسمبر 2015 على يد عناصر التنظيم الإرهابي.
ويوضح مساعد مدير المخابرات العامة الأسبق اللواء قاسم الرواشدة، أن التنظيم حاول مبادلة الطيار الكساسبة بمعتقلين من التنظيم موجودين في الأردن أو من التنظيمات المتطرفة.
“كانت المخابرات العامة متيقظة لهذا الأمر، وثبت فيما بعد أنها اتبعت الطريق الصحيح، ولم تنطلِ عليها خطط التنظيم” وفق الرواشدة.
وحول تفاصيل تلقي جلالة الملك عبدالله الثاني للخبر، يصف رئيس التشريفات الملكية الأسبق عامر الفايز : “كنا في زيارة للولايات المتحدة وكان هناك لقاء مبكر مع الرئيس الحالي جو بايدن الذي كان نائبا للرئيس … كنا جالسين أنا وزملائي وننتظر سيدنا حتى يُنهي اللقاء، وجاءتنا المعلومة أنه تم قتل معاذ الكساسبة بهذه الطريقة البشعة البربرية على يد داعش … ودخلت عند جلالة سيدنا على الاجتماع وأبلغته”.
غضب وقطع زيارة مهمة
وشعر الملك بغضب شديد، وقطع الزيارة، وعاد للأردن في اليوم ذاته، وفي عمّان ارتدى الزي العسكري وزار سلاح الجو وزملاء معاذ الطيارين المقاتلين، وأعطى توجيهاته إلى القوات المسلحة وانطلقنا من هناك للتعزية بمعاذ في بلدته في الكرك، بحسب قائد مجموعة الأمن الخاص للملك عبدالله الثاني عام 2008 أمين قطارنة.
الناطق باسم قوات التحالف ضد “داعش” مايلز كاغينز، ختم بالقول: “أحيانا يكون في موت الأبطال إلهام لأشخاص آخرين، وأنا متأكد من أن هناك شبابا أردنيين على مدى السنوات العشر الماضية اختاروا الانضمام إلى الجيش؛ للعمل كطيارين مقاتلين في محاولة لأن يكونوا أبطالا مثل الكابتن معاذ”.