تفاهم امني تركي عراقي ضد حزب العمال الكردستاني

عروبة الإخباري –

قال مراقبون إن التفاهم الأمني بين العراق وتركيا، بمنزلة إطلاق رصاصة رحمة على حزب العمال الكردستاني (PKK) وتفويض تام لأي عمليات لأنقرة ستستهدف الحزب.

وأضاف المراقبون أن “التنسيق المشترك سيعني دخول القوات الأمنية العراقية بمواجهة مباشرة مع حزب العمال الكردستاني، خاصة بعد عدِّه حزبًا محظورًا”.

وحل وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، يوم الخميس، ضيفًا على أنقرة، برفقة وفد رفيع المستوى من القيادات الأمنية، على رأسهم وزير الدفاع ثابت العباسي.

وعلى إثر ذلك عقد الاجتماع الأول لـ”مجموعة التخطيط التركية – العراقية المشتركة”، والتي اتُّفِق عليها خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق في 22 من نيسان العام الجاري 2024.

وأكد مصدر مسؤول رفيع المستوى مرافق للوفد المشارك “فتح العراق وتركيا الملفات كلها التي تخص المنظمات المصنفة ضمن قوائم الإرهاب، ومنها حزب العمال الكردستاني و”داعش” في الوقت نفسه”

وقال المصدر، لـ “إرم نيوز”، شريطة عدم ذكر اسمه، إن “العراق حضر الاجتماعات الثنائية بوفد أمني شمل ممثلين لأجهزة الجيش والاستخبارات، وفاوض الأتراك على مصالح متبادلة، إذ ما يهم أنقرة هو ملف حزب العمال الكردستاني، فيما يملك العراق ملفات استخبارية تتعلق بداعش وغيرها من المنظمات الإرهابية التي تتخفى قيادات فيها داخل الأراضي التركية”.

وتصنف واشنطن وأنقرة وغيرها من الدول حزب العمال الكردستاني، على قائمة الإرهاب، في الوقت الذي أبدى العراق حسن نيته للجانب التركي قبيل زيارة الوفد العراقي لأنقرة، عبر إصدار القضاء العراقي حكمًا وقرارًا بحل 3 أحزاب سياسية تعمل تحت مظلة حزب العمال، وإغلاق مقراتها، وهي كل من (حزب الحرية والديمقراطية الإيزيدية، وحزب جبهة النضال الإيزيدي، وحزب حرية مجتمع كردستان)، بتهمة صلتها بحزب العمال.

وجاء قرار الحظر للأحزاب تلك وفق شكوى مستشارية الأمن القومي حول ارتباط هذه الأحزاب بحزب العمال الكردستاني المحظور، ما يشكل خطرًا على الأمن القومي العراقي.

وبحسب المصدر ذاته، فإن الجانبين اتفقا على “إنشاء مركز أمني مشترك، ستُنسق فيه أي عمليات عسكرية تجري في الأراضي العراقية، وتبادل المعلومات الاستخبارية التي من شأنها ضمان أمن البلدين.

ووفق معطيات الاتفاقيات التي عقداها العراق وتركيا، خاصة ما يتعلق بتبادل المعلومات الاستخبارية، فإن العراق بموجبه سيعمل على تزويد تركيا بكل التفاصيل المتعلقة بحزب العمال الكردستاني، بحسب الخبير في القانون الدولي، هادي الدراجي.

وأضاف المصدر أن “الاتفاقيات الأمنية التي تجري بين البلدان التي تتعلق بتبادل المعلومات، تتطلب منح الطرف الآخر المعلومات كلها المتعلقة بالمنظمات المناوئة للبلد الذي وُقِّعَت الاتفاقية معه”.

وأردف: “هذا يعني أن العراق سيكون ملزمًا لمنح أنقرة قاعدة بيانات متكاملة عن حزب العمال، وأماكن وجود عناصره، وأي قوائم لأسماء قياداته وغيرها”.

منذ عام 1981 تلاحق تركيا حزب العمال الكردستاني بعد توغله داخل الأراضي العراقية، وصعدت أنقرة عملياتها خلال السنوات الخمسة الماضية لملاحقة PKK عبر عمليات عسكرية واسعة داخل الأراضي العراقي بموافقة العراق.

في المقابل يحاول العراق إثبات حسن النية لأنقرة عبر التضييق على حزب العمال الكردستاني، عبر سلسلة قرارات سياسية وأمنية، بهدف الحد من نشاطه، وتحسين العلاقات مع تركيا بالدرجة الأساس.

ففي 23 من يوليو/ تموز من العام الجاري 2024 قررت الحكومة العراقية رسميًّا تصنيف حزب العمال الكردستاني “منظمة محظورة” وفك ارتباط أي عناصر متورطة بالانتماء لحزب العمال، ومنعها من مزاولة الوظائف الحكومية في البلاد.

وجاء هذا القرار بعد سلسلة أحداث أمنية أثبتت تورط “PKK” في عمليات تخريبية تمس الأمن القومي العراقي، منها إلقاء القبض على ثلاثة عناصر من الحزب في الأول من تموز الماضي كانوا يخططون لتفجير خط أنابيب “جيهان” المخصص لتصدير النفط من شمال العراق نحو ميناء جيهان التركي.

وقال النائب في البرلمان العراقي، عارف الحمامي، إن “حزب العمال الكردستاني أضر كثيرًا بمصالح العراق العليا، وأثر في أمنه القومي؛ لأنه أعطى ذريعة لتركيا لاجتياح الأراضي العراقية وتنفيذ عمليات عسكرية في عمق أراضينا، وبالتالي المس بسيادة البلاد”.

وأضاف الحمامي لـ”إرم نيوز” أن “حزب العمال أصبح محظورًا في العراق، أي يترتب على ذلك إيقاف كل نشاطاته، وأن تتخذ الحكومة العراقية إجراءاتها القانونية بحق أي نشاط للحزب داخل الأراضي العراقية”.

وتكمن خطورة حزب العمال الكردستاني، وفق الخبير الإستراتيجي، واثق الدجيلي، ليس بتوغل الحزب داخل الأراضي العراقية فحسب، بل بشبكة العلاقات السياسية والمجتمعية والاقتصادية التي أنشأها داخل البلاد.

وقال الدجيلي لـ “إرم نيوز”، إن “حزب العمال استغل عدم الاستقرار الأمني في كثير من المناطق داخل العراق، ومنها سنجار لبناء منظومة أيدلوجية عسكرية، مثلتها ما يسمى “وحدات مقاومة سنجار” في العراق، وعدد من الأحزاب التي شُكِّلَت في سنجار مثلًا بهدف زجها في الانتخابات التشريعية المقبلة”.

وأضاف أن “الحزب عمل على تأسيس اقتصاديات عبر واجهات مثلها بعض رجال الأعمال العراقيين، والذين يديرون مؤسسات اقتصادية تعود أموالها بشكل غير مباشر إلى حزب العمال، ثم تمويل نفسه عبر الاقتصاد العراقي”.

وتشير التقارير الاستخبارية العراقية والأجنبية إلى أن حزب العمال الكردستاني يستغل وجوده على جانبي الحدود العراقية السورية، بهدف استغلالها لخلق نظام اقتصادي مبني على التهريب للبضائع والسلع والأسلحة وغيرها.

يعد معسكر “زليكان” في ناحية بعشيقة (42 كلم شمالي الموصل) من أكبر القواعد العسكرية التي تحوي قوات تركية، إذ يضم ما يزيد على 1000 جندي تركي مع عدد من الدبابات والمدرعات ودفاعات جوية وغيرها.

وتمكنت القوات التركية من الزحف نحو المعسكر بعيد اجتياح تنظيم “داعش” لمدينة الموصل منتصف عام 2014، والذي تعرض مرات كثيرة لهجوم صاروخي نفذته مجموعات موالية لإيران بمدد متباعدة.

ومن العاصمة التركية أنقرة، أعلن وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره التركي هاكان فيدان، عقب الاجتماعات الأمنية، أن الجانبين ناقشا نقاشًا مستفيضًا تكييف القوات التركية في معسكر “زليكان”، و”اتفقنا على أن تصبح قاعدة بعشيقة العسكرية قاعدة لتدريب القوات العراقية”، من دون الإفصاح عن مزيد من التفاصيل.

وأضاف، حسين، أن “العراق قرر أن يضع حزب العمال الكردستاني في قائمة الأحزاب المحظورة، فلا ينبغي لأي قوة من العراق أن تهاجم دول الجوار”، مشيرًا إلى أن “المنطقة ما زالت تحت فوهة النيران والعراق يقف بالضد من أي حروب”.

وستعرض الحكومة العراقية بقيادة محمد شياع السوداني الاتفاقيات كلها التي وُقِّعَت مع الجانب التركي على مجلس النواب العراقي للمصادقة عليها وفق القانون.

وحول تلك الاتفاقيات رأى عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، عامر الفايز، أن “البرلمان سيعمل على الاطلاع بشكل مستفيض على الاتفاقيات كلها التي وقعتها الحكومة بهدف المصادقة عليها”.

وأشاد الفايز بتلك الاتفاقيات كونها “ستضمن سيادة البلاد من أي تدخلات خارجية خارج نطاق التنسيق مع الحكومة العراقية”.

Related posts

الانتخابات الأميركية… نهاية للحرب على غزة أم استمرار لها؟

(فيديو) الرئيس الأستوني: يجب حل العديد من الأمور قبل الاعتراف بفلسطين

قصف إسرائيلي على محيط السيدة زينب جنوب دمشق