الترقّب في عمان في أعلى مستوياته بشأن صفقة الأسرى وسط مؤشرات متناقضة، حتى الآن، لكن يمكن الكلام هنا عن أبرز الملفات التي تنتظر الأردن في حال توقف الحرب فعليا.
هذا يعني أن هناك ملفات داخلية لا بد أن تكون لها الأولوية في حال توقف الحرب، وابتعاد شبح حرب إقليمية، وهو أمر غير محسوم حتى الآن، والكل ينتظر، ولا أحد يعرف حقا إذا كانت الحرب ستتوقف كليا، أو مؤقتا، في ظل مخططات الحكومة الإسرائيلية التي تتجاوز قطاع غزة، وفي ظل احتمالات نشوب حرب مجددا في حال توقفها إذا تمت صفقة الأسرى.
قد لا يكون صحيحا وصف الملفات بكونها معلقة، فهي أساسية، وبعضها تمت جدولته منذ شهور بسبب الظرف الحالي، وبعضها يأتي استحقاقا طبيعيا، وبعضها يأتي استفادة من عبر ودروس الشهور الماضية، التي لا بد أن تؤدي إلى مراجعات سياسية واقتصادية وأمنية وإعلامية واجتماعية، إذا توفر لدينا الفريق القادر على قراءة فترة 12 شهرا بشكل عميق.
من أبرز هذه الملفات إنتاج مجلس نيابي جديد، وتحديد رئاسته، ومدى قدرته على استقطاب التقدير الشعبي، وممارسة الدور الغائب دون أن يشوش على الوضع العام، إضافة إلى ما يتعلق بالحكومة وبرنامجها سواء استمرت هذه الحكومة أو تم تكليف حكومة جديدة، ومدى قدرة حكومة ما بعد الانتخابات على إدارة الوضع الداخلي خصوصا على الصعيد الاقتصادي، وفك حالة الانجماد، واسترداد الحياة الطبيعية، خصوصا، إذا تبددت الهواجس المعنوية السائدة الآن، وأيضا لا بد من قراءة أداء كثير من المؤسسات وكيف عملت خلال الشهور الماضية، وأين هي نقاط الضعف التي ظهرت وإجراء تحليل إستراتيجي لمدى قدرتها على الفعالية في ظروف أسوأ أو أخطر قد تقع لاحقا، بما في ذلك العمل كفريق واحد، وتدبر الحلول، والقدرة على التعامل مع الاحتمالات، ومدى فعالية الخطط، والأشخاص الذين ينفذونها، إضافة إلى مراجعة كل نقاط الضعف التي ظهرت، حتى لو كانت مخففة، وغير خطيرة إستراتيجيا.
لا بمكن لفترة ما بعد الحرب، إذا توقفت الحرب، أن تبقى كما هي ما قبل فترة الحرب، لأن الحرب أساسا باغتت الأردن والمنطقة، ولم يكن ممكنا سوى إدارة الموقف بشكل يناسب المفاجأة التي وقعت في السابع من أكتوبر، والقدرة على التلفت نحو الشأن الداخلي كانت مثقلة بتحديات كثيرة، في الشهور الماضية، فيما وقف الحرب يفرض بكل صراحة التخلص من قصة الشعور بالثبات والقوة واليقين والاستدامة، نحو معالجة كل الملفات التي تم تأجيلها، أو جدولتها، وهذه مراجعة طبيعية مطلوبة في فترات التهدئة إذا حصلت في الإقليم، مؤقتا، أو بشكل دائم.
في سياق مترابط لا تنفصل الملفات الداخلية، ببقية تفاصيلها عن ملفات الإقليم، وخصوصا، الوضع في قطاع غزة بعد الحرب، وحملات الإغاثة الإنسانية، والوضع في الضفة الغربية، ومهددات مدينة القدس، وما نجم عن هذا الظرف من مؤشرات على صعيد الإقليم في لبنان، وسورية، وإيران، واليمن وخريطة العلاقات الجيوسياسية في كل المشرق العربي، وغير ذلك، والمشكلة هنا أن الأردن جزء من قطعة نسيج كبيرة، لا يمكن له أن يسحب خيوطه الخاصة من هذه القطعة حماية لمصالحه وتطلعاته، فهو مؤثر من جهة، ومتأثر من جهة ثانية.
هذا الملف الإقليمي، بحاجة لنقاش فائض الحساسية، من أجل اجتراح معادلة تضع في حسبانها أهمية تخفيف الضغوط الإقليمية حتى في ظروف ثانية بعيدا عن الحرب، عن الأردن ومصلحته، وأولوياته في ظل حالة تداعي الأركان في المنطقة، والاحتمالات من حولنا.
كل هذا الكلام يتحدث عن الأردن إذا توقفت الحرب، وهو احتمال، ولا أحد يعرف ماذا سيحدث خصوصا، أن عدم توقف الحرب، يعني واقعا أخطر بكثير من الواقع الحالي في كل المنطقة.