حجر الحباشنة حرك مياه راكدة

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب

رمى معالي سمير الحباشنة، الوزير السابق في الداخلية وعضو في أكثر من هيئة سياسية للإصلاح والتغيير السياسي، ابتداء من اللجنة الملكية لصياغة الميثاق، حيث كانت له مداخلات لافتة وسط ستين شخصية منتقاة من الملك الراحل الحسين من مختلف ألوان الطيف السياسي الأردني كلها، إذ لا لجنة تشكلت بذلك التكامل، فاعطت الميثاق الذي شرع الحياة الحزبية وشكل رافعة سياسية جديدة الى جانب الدستور.
عرفت سمير الحباشنة، وقتها من مداخلاته واهتماماته الوطنية، فقد أخذ مع مجموعة أخرى قليلة في اللجنة، خطاً آخر بعيد عن التقليدية التي مثلها الاخوان في الراحل عبد اللطيف عربيات والراحل الازايدة وغيرهم، وغير الخط التقليدي الآخر مثله الراحل إبراهيم بكر ومجموعة اخرى حسبت على اليسار والتيار الليبرالي.
ومضى الحباشنية الى نشاط اجتماعي وسياسي، لافت ودخل البرلمان كنائب عن الكرك، كما دخل الحكومة وحمل اكثر من حقيبة، منها الثقافة والداخلية، وتميز في إدائه، وعرف عنه القدرة على تقديم المبادرات وتحريك المياه الراكدة والحرص على سلامة النسيج الوطني.
لم يتوقف عمل الحباشنة في حدود الوظيفة الرسمية او حتى النقابية، فقد امتدت مبادراته الى البعد العربي وسعى للإصلاح وتصفية الخلافات وقد راينا ذلك مع مجموعة يمنية وحتى عراقية وغيرها.
وفي الشأن الداخلي ظل الحباشنة نشيطاً ومبادرا وهو لم يغمض عينه أو يضح راسه في الرمل ولم يقل حط راسك بين الروس، كما أنه لم يتقمص شخصية من اكلوا من الكرم عنباً ثم قالوا بعد ذلك أنه حامض، وكما لم يرفع شعار مشي الحيط الحيط حتى لا يراه أحد، حين كان الكثيرين يريدون ان يكسروا الزجاج دون ان يراهم أحد.
حافظ على توازن محترم في الأداء لم يرغب في المزايدة ولم تأخذه العزة بالأثم، كما انه لم يناقص حين كان يرى الحاجة للفكرة تعادل الحاجة للخبز
الجديد، هو حيوية الحباشنة، وعدم افتقاده حين الحاجة اليه، ففي الليلة الظلما يفتقد أصحاب الفكرة والوطنية.
بعد السابع من اكتوبر المجيد وحين انصرف الناس للانسحاب أو الدعاء أو الملاومة واشتطوا في الاجتهاد، دعى الحباشنة الى الاستعداد والتدبر والتدريب والتجنيد والتعبئة وخدمة العلم، ليظل الأردن مالكاً لكل أسباب الصمود والمنعة، قادراً أن يحتفظ بمرونته وحيويته وهو يلتزم السلام ويسعى اليه.
وفي البعد العملي للحياة السياسية حين كان الحباشنة عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي كانت مهمتهاءوضع مشروع قانون جديد للانتخاب ولذا فانه يبدي ملاحظاته الناقدة من داخل المطبخ فاللجنة مهدت لبروز دور الأحزاب في الحياة السياسية، ودفعت لانضاج ووضع قانون الأحزاب الجديد وتداوله لتصبح الحكومات لاحقاً حزبية ومنتخبة مع نضج الحياة السياسية، لقد جاءت دعوة الحباشنة الجريئة والتحذيرية من مغبة استعمال المال السياسي وشراء المقاعد البرلمانية، عينك عينك، بالمال تحت وهم ترتيب الاسماء الدافعة والقادرة، وقد وصلت اسعار المقاعد، أرقاماً فلكية تحت حجة التبرع للحزب، وقد رأينا مماحكات وصراعات وانسحابات ونشر غسيل غير نظيف على حبال مكشوفة، كان الجرس الذي قرعه الحباشنة، قد جاء وقت سيادة صمت مريب،وبجسارة غير مسبوقة على فساد في تشكيل القوائم، وقد غضب من غضب على حجر الحباشنة الذي رماه في البركة ليحرك مياهها ويكشف عن عمقها فقد أرضى الغالبية العظمى من المواطنين الذين تفاؤلوا بالجديد من دعوات الملك لإصلاح الحياة السياسية وإعادة بنائها، فقد بدأ الأمل ينعقد على قانون الاحزاب وعلى التوجهات الجديدة وضرورة افراز مناخ سليم لا بد من الدفاع عنه وعدم تلوثه
كان يجب أن تتحرك أطراف رسمية لالتقاط دعوة الحباشنة، وما رافقها من دعوات صبت في نفس الهدف، لا ان يجري الصمت او النقد وكان يمكن أن تكون مساهمة الحكومات في تمويل الحملات الانتخابية مساهمات عملية لا شعارات استهلاكية فالمنح من اجل دعم الاحزاب تصل الى عدة ملايين وهي كفيلة بمنع الفساد المنتقد ومنع الشراء، وتلويث السياسة بالمال.
فقد جاء للحكومة منح دولية لدعم الانتخابات والإصلاح السياسي بعدة ملايين، كان يمكن إنفاق نصفها في هذا المجال لكسب نظافة المناخ السياسي وعدم تمكين الشرائح المتنفذة مالياً من احتلال غالبية مقاعد البرلمان التي تجعلنا نعاود القول سنعاود ونقول كأنك يا أبو زيد ما غزيت، وسنشتري نفس البرلمانات الماضية ونشكو من ضعف الجديدة ونقول يامسترخص اللحم تجده في المرق
لقد كنا ، حين كنا نادي للدفاع عن حقوقنا العامة، فلا نجد أحداً لأن الكثيرين انشغلوا بالغنائم ونزلوا عن الجبل استعجالاً للفوز بالغنيمة .
دعوة الحباشنة للمنعة الوطنية بالتدريب والتعبئة ودعوته لوقف استعمال المال الفج في هندسة البرلمان، دعوتان وطنيتان لازمتان برسم المنع والإنفاذ.

Related posts

الكنيست الإسرائيلي يصدر سلسلة من القرارات العنصرية الجائره بحق الفلسطينيين* عمران الخطيب

السمهوري: ما حدث في إمستردام من هتافات وتحريض على القتل… جريمة تحريض ودعم لحرب الإبادة التي تشنها اسرائيل

عيوب ومثالب في (دراسات حول المناهج المُطوّرة)* الدكتور هايل الداوود