يشكل التمكين الاقتصادي وسيلة لتحقيق الأهداف التنموية من خلال اتاحة الفرص وتوفير الإمكانيات لمختلف الفئات الاجتماعية للمساهمة في الأنشطة الاقتصادية، والتركيز هنا ينصب على الأسر الفقيرة والشباب والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة.
فهذه الفئات هي الأولى بالرعاية والمساعدة، ليس فقط من خلال توفير الدعم المباشر الذي يمكنهم من توفير المتطلبات الحياتية بل أيضاً عبر تمكينهم من تحقيق أهدافهم في الحياة الكريمة المنتجة ومنحهم الفرصة والقدرة على المساهمة في الأنشطة الاقتصادية وتعزيز مساهمتهم في الإنتاج والاستفادة من الفرص المتاحة.
وبهدف تحقيق هذه الغاية من المهم توفير التعليم الملائم وفرص التدريب والتأهيل التي تناسب أوضاع سوق العمل، إضافة الى العمل على تشجيع المبادرات الريادية والمشاريع الصغيرة وتوفير ما يضمن استدامتها ويساهم في تطورها، ونجاح هذه الجهود يعني توليد مزيد من فرص العمل وتخفيض نسب الفقر وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص وتوسيع نطاق المشاركة الاقتصادية وصولاً الى تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام.
تقوم العديد من الجهات في الأردن بالمشاركة في جهود التمكين الاقتصادي التي تحظى برعاية ملكية سامية، حيث أكد جلالة الملك حفظه الله في أكثر من مناسبة ضرورة العمل لتمكين المواطنين اقتصاديا واجتماعيا، خصوصا فئة الشباب من خلال إقامة المشروعات الريادية والإبداعية وزيادة فعاليتهم في المشاركة الشعبية، بما ينعكس إيجابا على تحقيق مستقبل أفضل لهم.
كما أن التوجيه الدائم للحكومات المتعاقبة يؤكد ضرورة إيجاد آليات تنفيذية تسهم في تحسين مستوى حياة المواطن وتعينه على مواجهة الظروف والتحديات الاقتصادية الصعبة، ووضع البرامج لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين محدودي الدخل والفقراء، من خلال شبكة الأمان الاجتماعي، وتشييد المساكن للشرائح الاجتماعية المستهدفة، وبرامج تمكين الفقراء من خلال التدريب والتأهيل.
إضافة الى التركيز على التمكين الاقتصادي بدعم الإبداع والريادة من خلال العمل على تنمية رأس المال البشري والفكري والإبداعي، وبناء القدرات وزيادة إنتاجية القوى العاملة بما يضمن نسب أعلى للتوظيف بين الشباب، الذين تم التأكيد على أهمية مشاركتهم والتواصل معهم وتنمية قدراتهم ورعايتهم وترسيخ الثقة لديهم، انطلاقاً من أن هذا ركيزةٌ أساسية لبناء الأردن الحديث.
كما أطلق جلالته مجموعة من المبادرات الرامية إلى تعزيز دور الشباب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بدءاً بالاستثمار في تعليمهم وتدريبهم وتأهيلهم، وحثّهم على التفكير والتحليل والإبداع والتميّز، مروراً بتوفير البيئة المناسبة لمشاركتهم في العمل والبناء، وانتهاء بتعزيز انتمائهم الوطني وممارسة دورهم الفاعل والجادّ في الحياة العامة.
كما يعمل صندوق المعونة الوطنية على صياغة استراتيجيات ومبادئ لتحقيق مستهدفات التمكين الاقتصادي بما يتلاءم مع طبيعة وثقافة أفراد الأسر الفقيرة والمحتاجة، من أجل مساعدة هذه الأسر، والأخذ بيدها لتخطي عتبة العوز والحاجة والانتقال لمرحلة الاعتماد على الذات، عبر إخراج الأسر المنتفعة من دائرة الاعتماد على المساعدات الى دائرة العمل والإنتاج من خلال تعزيز مهارات وقدرات المنتفعين لتعزيز قابليتهم للانخراط في سوق العمل.
العمل على تعزيز الجهود في مجال التمكين الاقتصادي يساهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز الرفاه، فهو إحدى أهم الأدوات الاقتصادية التي تؤدي الى تحسين الواقع الاقتصادي للدول والأفراد، وتدل التجارب الدولية على كفاءة عالية لبرامج التمكين الاقتصادي في تحسين المؤشرات الاقتصادية الوطنية.
ولكي نستطيع الوصول لنتائج إيجابية لا بد من التنسيق الفعال بين مختلف المؤسسات والجهات العاملة في هذا المجال، وبحيث يتم بناء برامج واستراتيجيات تتناسب وطبيعة الظروف الاقتصادية والاجتماعية المحلية مع الثقة بأن الفئات المستفيدة لديها الرغبة في الاستفادة من الفرص المتاحة، وكذلك القدرات والامكانيات التي تتيح لها المضي قدما في هذا المسار.
وبالرغم مما قد يعترض هذه الجهود من تحديات الا أن أثر توجيه الانفاق من الاستهلاك الى الاستثمار في برامج التمكين بما فيها المجالات التدريبية والإنتاجية يستمر لفترة أطول وانعكاسه على تحسين الظروف الحياتية يكون أعم وأشمل.