الذكرى القاتلة ٤ آب العدالة ثمّ العدالة …رسالة من مفقود

عروبة الإخباري –

بقلم زلفا عسّاف من “همسات على أوتار الروح”

أمي، لقد سدّدتُ حربة في قلبك تلك الليلة وأنتِ تتعقّبين رائحة عطري في كلّ الأمكنة.

تذهبين إلى اللامكان، تعبثين في كلّ الموجودات، بحثاً عن أثر لي.

خذلك القدر، خذلتك بيروت، وخذلك حُبُّ هذا الوطن.

أيا وجعي، حلّقي معي قليلاً في ذاك السراب، حيث اللامكان، حيث الأشلاء، حيث اللاجسد.

حلّقي في سمائي غير المُنتمية إلى هذا الوجود الأرضيّ.

حلّقي معي لأدخل أحشاءك مرّة أخرى، وأتحسّس نبض قلبك الحنون.

حلّقي معي كي نشعر بذاك التناغم الوالديّ.

نعم، خذلتُك، ولم يبقَ لي أثر تبحثين عنه، لتُصلّي على تلك الحفنة من لحم ودم.

أبحث اليوم خجلاً عن عينيك، لأكفكف دموعها الحارقة.

أبحث عن ابتسامتك الضائعة في متاهات هذا الكون الوسيع.

أبحث عن قلقك الجارف، وعن تلك الهمسات التي اشتقتها.

أبحث عن أسئلتك الدائمة، وعن اتصالاتك التي افتقدها.

أبحث عن لمساتِ يديك تلفُّ وجهي وتُدغدغني غُنجاً ودلعاً.

أبحث عن توبيخك لي كلّما تأخرّت عن موعد العودة.

أبحث عن تلك الذكريات التي محاها الزمن وأوقفها بعد السادسة مساء بثماني دقائق.

أبحث عن وجودك وعطرك.

والآن،

اسمحي لي أن أدعوك إلى اختطاف لحظويّ عند قارعة طريق السماء.

كي نصلّي معاً من هناك، لبيروت ولأهلها وللوطن الجريح.

لنطلب من الخالق بلسمة جراح الأمهات.

لنتضرّع إلى الرب منحهنّ الصبر والسلوان.

عسى أن يُحقّق الله سُبل العدالة، فيستكين قلبك وقلوبهنَّ.

وتنهض بيروتي.

وإلى تلك اللحظة، أغمضي عينيك واسكنيني.

فقيدك المفقود

 

Related posts

لميا أم دراكولا* د. سوسن الأبطح

هل تتراجع ألمانيا عن موقفها تجاه الحرب في أوكرانيا؟* د. سنية الحسيني

السمهوري: قرارالجمعية العامة بتحديد سنة لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي ملزم