الذكريات المؤلمة* د. فاطمة العازمي

حاولت خلال السنوات الأربع والثلاثين الماضية، عمل جنازة مهيبة لذكرياتي المؤلمة إبان الغزو العراقي الغاشم لبلدي الكويت ولكنني فشلت، تماما كما فشل العديد من الكويتيين ممن عاصروا تلك الفترة وعرفوا المعنى الحقيقي للغدر والخيانة البشعة والتي أصبحت جزءا لا يتجزأ من تاريخ الكويت المعاصر.

في جلسة أخوية جمعتني بالصديقة والأخت الغالية د.هبة خليفة المسلم، ابنة السفير خليفة المسلم، رحمه الله، اجتررنا تلك الذكريات الحزينة، ذكرياتهم في سفارتنا في إندونيسيا والمعاناة الشديدة بسبب شح المعلومات ومصادرها إلا بعض الصحف التي كانوا يحصلون عليها من بعض سفارات الدول العربية والخليجية آنذاك والتي زودتني بالعديد منها مشكورة، وهي بمنزلة هدية قيمة بالنسبة لي تجولت من خلالها على أهم ما كتب في تلك الفترة، وقرأت العديد لكتاب ومثقفين معارضين لما حدث، ولقد شدني ما كتبته جريدة «المسلمون» الدولية بتاريخ 17/8/1990 في لقاء انفردت به مع ثلاثة مسؤولين عراقيين يحاكمون فكر صدام حسين وما قام به والمزاعم والادعاءات الخاصة بتحرير مكة وقبر الرسول من الاحتلال وذلك عبر احتلاله الكويت! وهو ما أسماه «الجهاد المقدس»! ووصفوه بالأمر المضحك.. وهو أحلام التوسع التي عاشها.

كان الكويتيون في الخارج يعانون معاناة شديدة تماما كما كنا في الداخل.

استذكرت ما حصل منذ فجر الثاني من أغسطس حتى لحظة التحرير، أحداثا كثيرة محزنة.. وذكريات لا يسعني سردها في هذا المقال ولكن كل ما أتمناه كابنة لهذا الوطن الغالي أن نستوعب جيدا ما حصل في تلك الفترة وأن نعمل جميعا لبناء كويت المستقبل كأسرة واحدة، والأهم من ذلك أن يعي ويعلم جيلنا الجديد ممن لم يعاصر تلك الحقبة البغيضة ما حصل وأن الغزو العراقي للكويت جزء من تـــاريخـــها المعاصر، فلم تنس شعوب العالم الحربين العالميتين الأولى والثانية، فهما جزء من تاريخها وذكرياتها المريرة.

حان وقت مغادرة صديقتي بعد حديث ذكريات قاسية طويل، انهمرت الدموع مستذكرة ما فقدناه من أهل وأحبة، رافعين ايدينا للمولى عز وجل أن يرحم شهداءنا الأبرار وأن ينجلي مصير ما تبقى من مفقودينا، ونستذكر بكل الحب وندعو بالرحمة والمغفرة لقياداتنا التي لم يغفل لها جفن ولم يهدأ لها بال حتى تحرر تراب الوطن الغالي من الغزو العراقي الغاشم.

لنعمل جميعا من أجل الوطن الغالي ورفعته ولا نجعل من وسائل التواصل الاجتماعي مكانا لبث الفرقة بين أطياف المجتمع وضرب وحدتنا الوطنية، فقد ضربنا أروع الأمثلة بالتلاحم والبطولة عبر السنين.

حفظ الله بلادنا وأميرنا الغالي وولي عهده من كل شر ومكروه.

Related posts

لميا أم دراكولا* د. سوسن الأبطح

هل تتراجع ألمانيا عن موقفها تجاه الحرب في أوكرانيا؟* د. سنية الحسيني

السمهوري: قرارالجمعية العامة بتحديد سنة لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي ملزم