تحت مظلة التحولات الاقتصادية، يبرز تساؤل حاسم: ما الذي يمكن فعله لتعزيز قدرة المنتجات الأردنية على المنافسة في الأسواق العالمية، رغم الكلف التشغيلية المرتفعة؟ الصادرات الكلية انخفضت بنسبة 1.5 % والصادرات الوطنية بنسبة 4.1 %، مما يطرح تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا التراجع.
رغم أن المنتجات الأردنية تتمتع بمواصفات قياسية عالمية وأوروبية وحتى أميركية، إلا أن التحديات التي تواجهها تتعلق بالكلف التشغيلية المرتفعة، فهذه التكاليف تتضمن أسعار الطاقة، والأيدي العاملة، والتكاليف اللوجستية، مما يقلل من تنافسية المنتج الأردني في الأسواق العالمية. في هذا السياق، لا يمكن تجاهل تداعيات حرب الإبادة على الأشقاء في غزة، فهذه الحرب لم تؤثر فقط على الفلسطينيين، بل انعكست بشكل كبير ورئيسي على اقتصاد المنطقة ككل، فالتداعيات السلبية على التجارة والاستثمار الإقليميين تتطلب تعاونا دوليا لدعم إعادة الإعمار وتحقيق استقرار اقتصادي في المنطقة، فالأردن، كجزء من هذا النسيج الإقليمي، يتأثر بهذه التحولات سلبا وإيجابا. الارتفاع في المعاد تصديره بنسبة 31.3 % قد يشير إلى تحسينات في قدرة الأردن على إعادة تصدير السلع، وهذا التطور قد يكون نتيجة لجهود تحسين البنية التحتية اللوجستية وتسهيل إجراءات التصدير، مما يعزز مكانة الأردن كمركز تجاري إقليمي، ومع ذلك، يجب أن يكون هناك تركيز على تعزيز الصناعات المحلية وتقليل الاعتماد على إعادة التصدير كمصدر رئيسي للدخل. الانخفاض بنسبة 2.0 % في المستوردات يمثل نقطة مضيئة، حيث يعكس جهود تقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز الإنتاج المحلي، فهذا التوجه يتطلب دعما حكوميا مستمرا للقطاعات الإنتاجية المحلية من خلال حوافز ضريبية وتسهيلات مالية لتخفيض تكاليف الإنتاج.
عجز الميزان التجاري الذي انخفض بنسبة 2.5 % يعكس تحسناً طفيفا في التوازن بين الصادرات والواردات، لكن الفجوة الكبيرة التي ما تزال قائمة تتطلب جهودا مستدامة لتعزيز الصادرات الوطنية، فالقطاع الخاص يؤدي دورا محوريا في هذا السياق، ويتطلب دعما حكوميا لزيادة الإنتاجية وتبني تقنيات جديدة لخفض التكاليف.
ويجب أن تكون هناك إستراتيجيات واضحة لدعم الصناعات التي أظهرت نمواً، مثل صناعة الألبسة ومحضرات الصيدلة، فهذه القطاعات تظهر إمكانيات نمو واعدة، ويمكن أن تسهم في تعزيز الصادرات الوطنية إذا ما تم دعمها بشكل كاف.
التغيرات في التركيب السلعي تشير إلى الحاجة الملحة لتنويع الاقتصاد الأردني وتطوير صناعات جديدة قادرة على المنافسة عالمياً، حيث يمكن تحقيق ذلك من خلال الاستثمار في البحث والتطوير وتعزيز الابتكار في القطاعات المختلفة. في المقابل، الزيادة في واردات “العربات والدراجات”، “الأدوات الآلية”، و”محضرات الصيدلة” تعكس طلبا محليا متزايدا، وربما تحسنا في القدرات الإنتاجية، لكن يجب الحذر من الاعتماد الكبير على الواردات، وبدلا من ذلك، ينبغي تعزيز القدرات الإنتاجية المحلية لهذه المنتجات. في الختام، يتطلب تعزيز الاقتصاد الأردني رؤية إستراتيجية متكاملة تركز على تقليل الكلف التشغيلية، تعزيز الإنتاج المحلي، وفتح أسواق جديدة للصادرات.
دور الأردن والمجتمع الدولي في دعم استقرار المنطقة، خاصة في ضوء تداعيات الحرب على غزة، هو أمر بالغ الأهمية لتحقيق استدامة اقتصادية ونمو مستدام في الأردن والمنطقة بأسرها.