عروبة الإخباري – زينة جرادي –
… وثالثنُا الشيطان
أمّا بعد
وحدي أرتُقُ انسيابَ العُمرِ من براثِنِ اللحظاتِ
عنِ الرفوفِ المتآكلةِ وَجِيًّا في حقائبِ الروح
أرْخِ قبضَتَكَ… أفلتْني من كِلتا يديك
تساقطت أصابعي من كفوفيَ المُدلَّلَة
قد حانَ وقتُ الرحيل
دونَ حفْلِ وداعٍ سأغادر
أنسلخُ عنْكَ بجسدي المُشَظَّى المصلوبِ عليك
أقبيَةُ قلبي تَعَتَّقَ دَمُها نبيذًا تَعَمَّدْتُ به
أدمنتُ الحلُمَ في يقظتي بعد أن عَرضْتُهُ للبيع
أدمنتُ جَفافَ العواطف
تَحَجَّرَ القلبُ وتعطّلتْ لغةُ العيون
لم يبقَ هوًى
قد صَبَبْتُ فوقَ الجمرِ تِرياقًا لأمحوَ خرائطَ اللوعةِ
كُفَّ عن صكِّ وصايا طقوسُها قداديس
كيف خُنْتَ العهودَ وقتلتَ فرحًا على قيد الحياة
غيَّرتَ أسماءَ الفصولِ وتعرَّيتَ أمامي كخريف
مَسَّدَتْ أناملُ الخديعَةِ نظراتِ الشَّبَق
كَفَاكَ تَقْضِمُ بشراهَتِكَ روحي حتى الصَّميم
لم أكن إلاّ قِطعةَ سُكَّرٍ في كأسِك
سأنسى ما فَحَّتْ بهِ شَفتاك وتأوَّلَتْ به من وُعود
أُخاتِلُ ملامِحَكَ الباردةَ وأنعاني
ما عادَ في أمسنا معًا ما يَروقني
لا مزيدَ من الكلام
لا مزيدَ من أوشامٍ لكَ على جسدي
أرتدي الدمعَ أَنهَكَني تُلولُ هُطولِهِ حتى تَجَمَّدَ في مَحْجِري
أنا…لم أعد أنا
يعتقِلُني الألم ويأسِرُني مبتورةَ الأحلام
يا أيُّها المغروسُ في أورِدَتي
ما عادَ العتبُ يُجدي
تَكَسَّرتْ جسورُ الوِصال
يا لونَ الوجعِ ما أيقظَكَ وقتَ السَّحَرْ
أَلِتُشاطِرَني لوعةَ الخِذلان
سقطَتْ أناملي في أدغالِ الحروفِ والكَلِمْ
دفعتُ فواتيرَ الزمنِ باهِظةً
مَرَرْتَ بي مُقامِرًا تَطْرُقُ بابي حتى اكتفيت
أخفيتَ زَيْفَكَ تحت وسادةِ الحَرير حينَ غَفَوْتُ على زَندِكَ والشيطانُ ثالثُنا
التقطتُ أنفاسي عبر حواجزِ الاشتهاء
يومَ ألقيتَ مَراسي شَغافِ القلبِ وثارتِ النارُ شَرَرًا
والشوقُ على الوسائِدِ اشتعلَ مُنتحرًا
القُبَلُ ذَنْبٌ والحبُّ علينا وِزْرٌ
وأنفاسُكَ تَشهَدُ على احتراقي
شَعري تَعَثَّرَ ووثَّقَني إلى ارتِجافي
تَعِبْتُ من رَصْدِ انتظارِكَ خلفَ مُعتَقَلِ العَراء
ما تركتَ بعدَكَ سوى اللوعة و خيالًا نائما بمضجَعي يطلبُ المزيدَ من مُداعَبتي
فُتِنتُ بِمَعْشوقٍ صَحَّرَ أرضيَ الخضراء
شَيطَنَ جسدي وأغرقني بموجِهِ
وعلَّقَني على حِبال الهوى
أجهضتَ كل أحلامي
وما زال بَعضي لدي…
هذي النهاية
لا يرتَبِطُ الحبُّ بالوجعِ حينَ يحفِرُ في دواخِلَنا أثلامًا عميقة
لا تدَّعِ الوفاءَ والصدق
لا تُعاتبني
قد سَقَطَ القناعُ ولاحَ الوَداع
ظننتُكَ رجلًا…
و إنَّ بعضَ الظنِّ إثم