عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
هذه قصة أقرب الى الخيال، صدقوني!
كنت في طريقي للإذاعة لتقديم حلقة جديدة من برنامجي اللقاء المفتوح، فاتصلت بي سيدة على الهاتف قالت انها بحثت عن رقمي طويلاً وعن مكتبي وانها ذهبت هناك فوجدته مغلقا وشكت حالتها الصادمة التي اعتقد انها أشبه بحالة اسرة في غزة سوى انها لا تتعرض لقصف الطيران او العدوان، ولكنها تتعرض للجوعوهو كافر كما قال علي بن ابي طالب
لقد اقسمت وانا اصدقها وهي تبكي حيث ذكرت اسم عائلتها الأردنية المحترمة أنه لم يدخل منزلها ربطة خبز ولا خضار ولا أي مواد للطعام منذ أسبوع وانها تعيش على ما تقدمه الجارات أحياناً وانها واولادها ناموا على جوع إذ لا يوجد في ثلاجتهم شيئاً ولم تجد شيئاً تأكل حين ارادت تناول دواء السكري الذي هي مصابة به.
السيدة متقاعدة من التربية بعد ان كانت معلمة وراتبها مرهون وزوجها مصاب بخمس جلطات ومقعد وابنها الاكبر عندها مرض متلازمة (اشبه بالمنغولي) واولادها الآخرون واحد في الجامعة لا يستطيع اكمال الدراسة فهو متوقف لا يملك شيئاً لذلك وابنه في مرحلة التوجيهي وصغار آخرين.
قالت لي متوسلة أريد طعاماً لا أريد مالاً، أريد فقط الخبز، وبكت، وقالت ان الماء مقطوع عنها منذ ثلاث دورات متراكمة وعليها (60) دينار، ولا تملك شيئاً منها انما تاخذ الماء من الجيران وهي لا تقوى على دفع أجرة البيت، كانت تبكي وكان من الصعب علي استمرار سماعها لاقترابي من دخول الاستديو.
أحست بالتعب رحلة من الإرهاق الذي لاحظه سائقي، وقال دخلنا الاذاعة لو تغلق الهاتف،فقلت كيف ابدأ الآن الحديث في مواضيع البرنامج، قال لم يكن عليك ان تتعرض لسماع كل هذه القصة، قلت إذا كان السماع صعب فكيف الحال على من يعيش الحالة.
أحسست بكأبة ووعدت السيدة الاتصال بها لاحقاً إن استطعت المساعدة.
أنهيت برنامجي وخرجت وفي ذهني ان ان ارسل لها طعام او أي طرد من الاكل، وتذكرت في طريق عودتي انني كنت دايما اتصل بشخص صديق، هو محمود ملحس فقبل سنة، تبرع لطفلة مقعدة على كرسي بأدوية ومستلزمات ومن قبل لرجل بعربة يبيع عليها الخضار بعد ان حطم موظف الأمانة عربايته.
فجلس باكياً على الطريق وقد وصلتني صورة من فاعل خير، فنقلت الأمر للسيد ملحس، الذي ارفقت له الرسالة على الهاتف، وفيها تلفونات المعني وبالفعل علمت انه ساعدهم، أحسست بالإحراج، أن اعاود الطلب، ولكني أحسست بالاختناق لوضع هذه السيدة التي ناشدتني المساعدة و التيي تفتقد الى الطعام والماء ، وتساءلت أين العائلة والأقارب الذين تخلوا عنها وأين أموال الزكاة والجمعيات الخيرية التي يحترف بعضها السياسة والعمل على أساسها ولماذا يغيب فاعلو الخير والاقارب .
وقلت لنفسي اتصل بالسيد محمود مرة اخرى فربما يكون مسافرا كما دايما
كنت قد وصلت البيت ومددت يدي على الهاتف، وقبل ان اكتب، الاسم لأرسل له أقسم بالله انه جاء تلفون من أحد مساعديه، ربما سائقه، يقول السيد محمود ابو باسم يرسل لك مغلفاً، فذهلت وأحسست بالصدمة، لم أكتب ولم اتصل بعد، وأدركت ان هناك قدراً ساقني فانتظرت قليلاً ليصل المغلف، وأرسل للسيدة شيئاً منه، ولأخرين مثلها، اكتب ذلك رغم أن السيد محمود ملحس لا يرغب في النشر ولكن ما دفعني لذلك كيف جاءت المساعدة بمجرد التفكير باسم الرجل وقبل الاتصال أقسم لكم بالله العظيم على ذلك وما زلت مذهولاً ولا أجد تفسيراً لهذه الصدمةلا أملك سوى أن أقول ما نحن سوى وسطاء للخير سخرنا الله وأن السيد المُحسن محمود ملحس كم وصفته من قبل جزاه الله خيرا على حسن صنيعه يستحق مني الاعتذار عن ازعاجه وزج اسمه، ولكني أقسمت أن أفعل لأن الله ساق للسيدة هذه المساعدة البسيطة من هذا المحسن الكبير والله أكبر.