حيدر المجالي وحجر الفلاسفة

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –

تمكنت من الاطلاع على الافكار الهامة والجريئة ذات المضمون الاقتصادي والإداري لخبير الاستثمار والتمويل الدكتور حيدر المجالي، عندما استضفت في برنامجي على اثير الإذاعة الأردنية (اللقاء المفتوح).

فقد لفت انتباهي قدرته على تشخيص المسألة الاقتصادية الأردنية في جوانب عديدة هامة منها. وميزة ما يقوله او يدعو اليه الدكتور حيدر، في انه يطرح تصوراً للتغيير والمعالجة ووضع خطط لا تتوقف في حدود التوصيف والشرح. وهذه الخطة لا يراها ضربة ساحرة أو طرح أمنيات، وهي لا تتم بين يوم وليلة، وإنما تحتاج الى وقت يراكم العمل فيها، شريطة ان يكون الاقتصاد الوطني معافى وينمو بشكل مضطرد.

المجالي يأخذ العقبة نموذجاً ويرى أنها يمكن ان تشكل علامة فارقة  وحجر الزاوية في رؤيته لأكثر من سبب، ولذلك يدعو  أن تكون العقبة العاصمة الاقتصادية للأردن، ولديه شرح وافً وتبرير لذلك ويدعو فوراًلدراسة هذه الدعوة وطرحها للتنفيذ دون حرق مراحل أو استعجال أو انفعال.

كان المجالي قد عبّر عن افكاره العملية المدعمة بالوقائع ولغة الأرقام والمقارنات والنماذج في أكثر من موقف اتيح له  أن يتحدث فيه أو اليه وهو يدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى أن يتقدم بمذكرة تفصيلية ليشرح فيها افكار يضعها  بين يدي متخذ  القرار علها تجد طريقها للتنفيذ كونها أفكار واقعية وعملية ويمكن اختيارها.

كان الدكتور حيدر قد تحدث عن ذلك من خلال الحزب الذي يرى أنه الأقرب وانه يطرح فكراً اقتصادية عملية فيه ضرورات اكتشاف الواقع والقدرة على التعامل معه، وقد سمعته يتحدث في ذلك باسم حزب نماء بحضور امين عام الحزب الدكتور محمد  الرواشده، وقد لفت ذلك شخصيات الحضور ومنها شخصيات اقتصادية ومفكرة هامة مثل الدكتور محمد الحلايقة، وآخرون.

لا يجوز ان تمر تجربة العقبة هكذا  وأن تخسر كل الجهود والأفكار  التي سبقت وقامت في سبيل احداث العقبة منطقة اقتصادية، بل لا بد من البناء على ما تم وتصحيح الاخطاء فيه والدعوة الى مزيد من الانفتاح بل والذهاب الى الاخذ باعتبار العقبة عاصمة اقتصادية للأردن، وتوفير كل المكونات لذلك، حتى إذا ما قام هذا النموذج فانه  سيشكل رافعة للاقتصاد الأردني يمكن البناء عليها ومن خلال تدارك كل ما فات واللحاق باقتصادات ناجحة في المنطقة.

موقع العقبة هام وقد تكون الفناء الخلفي لاقتصاد سعودي بدا ناشطا في جنوبها في منطقة( نيوم )الجديدة ذات الاستثمارات المليارية، وهذه الإستثمارات تمكن  العقبة من ان  تكون  خط أمامي  ومنصة اقتصادية حضارية وبشرية مدربة وقادرة على الإمداد والتناغم، فالطاقات الأردنية كبيرة وكثيرة ومدربة ومختبرة، إذا ما قدر لها راس المال والبيئة المناسبة وتأكيد الأفكار والمنطلقات فانها ستعطي ثمارها.

تحدث الدكتور حيدر أمام محموعة حزبية في حوارات حزب إرادة ليجيب على اسئلة اقتصادية وعلى حل المعضلة الاقتصادية، وقد كان لافتاً في طرحه خاصة وان الاحزاب الاردنية في معظمها تقدم  طروحات يعوزها التوضيح والجراة في القضية الاقتصادية التي يتبناها اكثر من حزب يصل بعضها الى الدعوة بجعل الأردن كله منطقة اقتصادية حرة.

حديث الدكتور حيدر بحضور شخصية اقتصادية كانت ضيفاً على الأردن، هي شخصية رجل الأعمال رئيس مجلس إدارة شركة نور المال، الدكتور ناصر المري، لفتت الانتباه وأثارت الحماس في المستمعين، الذين راوا في طرح المجالي سبقاً ورأوا فيه إجابات على اسئلة ظلت معلقة أو يتهرب منها الموظفون الذي شغلوا مواقع القرار الاقتصادي

للأسف ، بلادنا أصبحت طاردة للاستثمار وللشباب الذي يبحث عن فرص والذي يتكوم امام السفارات ليهاجر  بعد ان سدت في وجهه السبل بسبب قرارات وإجراءات عقيمة لم تورث الاّ المزيد من البطالة وتراجع الدخل والافتقار للمبادرة.

طرح المجالي يضمن البديل ويبعث أملاً للشباب في فرص جديدة يخلقها نموذج أن تصبح العقبة العاصمة الاقتصادية وان يعوّل عليها بالعمل والتخطيط والانجاز وليس التمنيات في الدعاء.

لقد اضعنا وقتاً طويلاً في اجتهادات خاطئة وأفكار غير مبتكرة وكانت النتائج مخيبة للأمال.

نعم نتفق مع المجالي في أن العقبة مُميزة بعناصر النجاح والإبداع ولديها مقومات لتكون منطقة جاذبة للاستثمارات النوعية بعد العمل لانجاز المزيد من بنيتها التشريعية والفنية التي تجذب الاستثمارات الدولية.

كلام المجالي جاء أوضح ما يكون عبر قناة رؤيا التي قدمته ليتحدث في هذا الموضوع، وسيكون لنا معه حديث لاحقاً لمزيد من التثقيف بأفكاره ودفعها للخروج لتكون في متناول المهتمين.

نعم نوافق المجالي في ان الاقتصاد الاردني برمته بحاجة لاعادة هيكلة ليمكن من استيعاب التحديات التي رافقته والتي تواجهه والتحديات الجديدة امام القفزات  التي سيشكلها الاقتصاد المجاور في الاستثمارات الدولية والمحلية في منطقة (نيوم) السعودية العالمية حيث تزيد الاستثمارات المتوقعة هناك على تريليون دولار.

معضلة الاقتصاد الاردني ليست معقدة ولا مستحيلة الاصلاح، وهذا الاقتصاد ليس بحاجة للمزيد  من توصيفه ونعيد القول انه في غرفة الانعاش او غير قادر.

المجالي صاحب فكرة انقاذية يراها صالحة وممكنة وهو يراهن على إرادة الاردنيين وحاجتهم لاقتصاد نشط يخدم طموح أجيالهم ويوفر لها اسباب العيش وحفظ الكرامة.

يخرج بنا الدكتور حيدر من إطار التشاؤم والتلاوم الى إطار التفاؤل والدعوة للعمل والتوقف عن التشكيك، فلديه ما يدعوه لذلك.

حين استمعت اليه ادركت انه يمكن ان تشكل بعض أحزابنا الجديدة وهي تستكمل مسيرتها تغييرا كبيرا خاصة في ميدان الاقتصاد وتفرعاته.

المجالي قال كثيراً في قناة رؤيا داعيا الى تعظيم الأفكار الملكية التي تترك احيانا دون اعادة غرسها وتعهدها ومتابعتها، ويراهن على مبادارت الامير الحسين ولي العهد المتطلع الى الانجاز واحداث ثورة اقتصادية .. بالواقع وبعيدة عن التنظير، فهل عثر  المجالي على  حجر الفلاسفة او اكتشف قاعدة ارخميدس في الدعوة للعقبة عاصمة اقتصادية للاردن

Related posts

“اليوم التالي في غزة ضمن رؤية وطنية”: فلسطين واحدة، مستقبل واحد”- إعادة بناء الأمل د. محمد مصطفى رئيس الوزراء الفلسطيني

السمهوري: الجمعية العامة مطالبة بتجميد عضوية إسرائيل

المناظرة بين هاريس وترامب: دون الضربة القاضية* د. سنية الحسيني